قرأت مقالاَ انتشر على بعض المواقع الإعلامية كان قد كتبه الدكتور سلام فياض رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق جاء بعنوان ( إجراءات الضم الإسرائيلية تستدعي فعلاً فلسطينياً طال انتظاره) تحدث فيه عن رؤية سياسية متعددة البنود، فقد تناول المقال رؤية للحل السياسي وطريقة التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي في ظل التطورات الخطيرة التي ظهرت في الآونة الأخيرة وبشكل دقيق منذ تولي ترمب رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية الذي اتخذ عدة إجراءات عملية بمثابة منح سياسية خطيرة كالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ومن ثم نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وبعدها الإعلان عن صفقة العصر التي صاغها كوشنير وفريدمان ونتنياهو، الأمر الذي شجع نتنياهو لطرح مشروع الضم الذي سيأكل أكثر من 30% من أراضي الضفة الغربية بالإضافة لغور الأردن الذي سينسف إمكانية إقامة دولة فلسطينية.
بالعودة لمقال الدكتور سلام فياض الذي طرح خيارين الأول دولة فلسطينية على كامل حدود فلسطين التاريخية والثاني دولة فلسطينية على حدود 1967 وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وطرح خطوات عملية يتوجب على الفصائل الفلسطينية إنجازها تتلخص في انهاء الانقسام وتجسيد الوحدة الوطنية وإعادة ترتيب صفوف منظمة التحرير الفلسطينية على أن تضم الكل الفلسطيني على استراتيجية واحدة وموقف واحد وهذا جيد مما يعزز الموقف الفلسطيني أمام المجتمع الدولي والعربي، ومما لا شك فيه بأن رؤيته تتفق كثيراً مع رؤى الكثير من الشخصيات الفلسطينية وبعض الفصائل الوطنية فالكل متفق على أن انهاء الانقسام والوحدة الوطنية هي صمام الأمان والدرع الحصين لشعبنا حين الاتفاق على موقف فلسطيني واحد، ولكن كيف لهذا الموقف أن يكون، فالمرحلة الآن تختلف عن ذي قبل حيث حدث تغير في موقف حركة حماس التي قالت أنها مع إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف مع تحفظ حركة الجهاد الإسلامي على هذا الحل والتي تريد دولة فلسطينية على كامل أرض فلسطين التاريخية، وفي ظل المعيقات الإسرائيلية على الأرض كبناء المستوطنات في عمق أراضي الضفة الغربية ونقل السفارة الأمريكية وتحلل أمريكا من عملية السلام بطرحها صفقة العصر التي تقوض قيام دولة فلسطين كما تحدث الدكتور فياض في مقالته المفصلة.
جاء في مقالة الدكتور فياض أن هناك متغيرات في السياسة الفلسطينية منذ عام 1988 تمثلت في اعلان الاستقلال وإعلان الشهيد ياسر عرفات قيام دولة فلسطين ومن ثم تعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية والاعتراف بوجود دولة إسرائيل الذي انطلق بعدها اتفاق أوسلو الذي كان من المفترض أن يقود لمفاوضات الحل النهائي والذي سيتمخض عنه قيام دولة فلسطينية على حدود 1967، ولكن لم يكتب لها الاستمرار بل تعثرت بسبب ممارسات دولة الاحتلال وتحللها من هذا الاتفاق الذي أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس عدم التزام القيادة الفلسطينية في الآونة الأخيرة.
ووفق ما طرح الدكتور فياض فإنه واجب الآن احتواء كل مكونات الشعب الفلسطيني في اطار منظمة التحرير وانعقاد لقاء جامع يخرج باستراتيجية واحدة متفق عليها تعزز موقف المنظمة لدى المجتمع الدولي، وأما بخصوص الخيارين اللذان طرحهما في مقاله والأول هو إقامة دولة فلسطينية على حدود فلسطين التاريخية دون تحديد معالم هذه الدولة، فهذا باعتقادي أمر في غاية الصعوبة خلقت ممارسات الاحتلال العوائق له إضافة لمعايير أخرى منها ديموغرافياً وعقائدياً، وأما الخيار الثاني اقادة دولة على حدود 1967 فهذا أيضاً أمامه معيقات فرضتها دولة الاحتلال منذ فشل أوسلو حتى يومنا هذا نتيجة متغيرات إقليمية ساهمت في تشجيعها على ذلك بالإضافة لمشروع الضم الإسرائيلي الذي سيضمن بقاء المستوطنات الإسرائيلية الكبرى داخل حدود الدولة الفلسطينية.