نشر موقع صحيفة هآرتس العبرية اليوم، التحقيقات مع ما أسمته "مهندس الهروب" الأسير محمود العارضة، الذي أبلغ محققي الشاباك، أنه المسؤول الأول عن العملية، وأنه أقدم على هذه الخطوة بسبب تدهور ظروف حياة الأسرى في السجون.
وأول سؤال طرحه المحققون على العارضة "لماذا ألحقت زكريا الزبيدي بالخطة؟، فرد بالقول “كنا نخطط لمحاولة التواصل مع السلطة الفلسطينية فور وصولنا للحصول على الحماية، وقبل شهر ونصف من التنفيذ قررنا ضمه إلى الخطة من أجل اللجوء للسلطة وحمايتنا لأننا كنا نعرف أن إسرائيل ستنتقم منا، والزبيدي له علاقات واسعة وقوية وهو وافق على مساعدتنا، مشيرًا إلى أنه لم تكن هناك مشكلة في انتقاله إلى زنزانتنا خاصةً وأن الأسير أيهم كممجي كان متحدثًا باسم أسرى حركة الجهاد وكل ما يطلبه كان ينفذ.
وقال العارضة إن “فكرة الهروب كانت دائمًا في بالي، كنت أخطط للهروب منذ اللحظة الأولى لنقلي إلى سجن جلبوع، نظرت إلى أرضية السجن أكثر من مرة وأدركت أنني أستطيع فعل ذلك”.
وأشار العارضة إلى أن عملية الحفر بدأت في الرابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول 2020، وأنه في أول العملية استخدم قطعة حديد أخذها من خزانة كانت في الزنزانة منذ سنوات، وبدأ بتحديد مكان الحفر من خلال “بلاطة حديدية” أسفل المغسلة، واستمر حفر الفتحة من داخل الزنزانة مدة 20 يومًا، حتى وصل إلى صفيحة حديدية أخرى ونجح في إزالتها بعد جهد كبير.
وذكر العارضة أن الأسير مناضل انفيعات هو من أجرى الحفريات الفعلية باستخدام أدوات بدائية منها “مطرقة وإزميل”، بينما كان الأسرى الآخرين يساعدونه ويوفرون له الغطاء والحماية، مشيرًا إلى أن الحفريات لم تكن مشكلة وأن كميات الرمال التي تراكمت نتيجة ذلك هي المشكلة.
ولفت إلى أنه كان يتم إخراج الرمل عبر “أكياس” كان يتم “لفها بالملابس” وإفراغها في المرحاض أو تحت الدش وفي المساحات المفتوحة تحت الأرض وكذلك عبارات الصرف الصحي، وكان يتم في كل مرة مواجهة أعمدة خرسانية يتم الحفر من حولها، مشيرًا إلى أن طول النفق نحو 30 مترًا.
وقال الأسير العارضة “بقينا نحفر حتى رأينا الشمس من خارج أسوار السجن، ثم أدركنا أننا نجحنا”.
وأشار العارضة إلى أنه تم تقديم موعد “الهروب” بعد أن لاحظ أحد حراس السجن وجود رمال في الزنزانة وأن هناك انسداد في عبارات الصرف الصحي داخلها نتيجة تراكم كميات كبيرة من الرمال، وقد رأها السجان وقال لهم أنه سيعمل على حلها في اليوم التالي، فشعر الأسرى أن الرمال ستكشفهم، مشيرًا إلى أنه كان قلقًا من أن يؤدي ذلك إلى الكشف عن النفق، لذلك تم تقديم الموعد في تلك الليلة، وتم بعد وقت قصير التجهيز للتنفيذ وأخذ ملابس وخمس علب سجائر وماء وحلوى وجهاز راديو وغيرها من الأدوات.
وبين أنهم عرفوا أن إدارة مصلحة السجون أوقفت الحراسة في البرج الذي كان في أعلى النفق، مبينًا أنه لو كان مأهولًا بالحراس لتم حفر النفق بمسافة أقل حتى لا يتم كشفهم.
وذكر أنه في إحدى المرات لاحظ سجان وجود كسر في بلاط مجاور لحوض المياه، وقال أحد الأسرى للسجان إنه مشى فوقها وكسرت قليلًا، وهذا لم يثر الشك لديه.
وأشار إلى أن أول من دخل النفق الأسير مناضل انفيعات، تلاه ابن عمه محمد العارضة، ثم زكريا الزبيدي، ومن ثم يعقوب قادري، وتلاهم أيهم كممجي، وكان آخر من خرج هو نفسه الأسير محمود العارضة مهندس العملية.
وقال الأسير العارضة “انتظرت ربع ساعة، حتى خرجت آخر واحد، وكنت أتأكد لحظة خروج الآخرين عدم اقتراب أي سجان قرب الزنزانة، زحفت لمدة 10 دقائق في ظلام دامس، وحين بدأت أرى النور أدركت أنني وصلت إلى نهاية النفق، ورأيت حينها انفيعات خارج المدخل وكان ينادي علي وساعدني على الخروج”.
وبين أنهم فور خروجهم من النفق توجهوا إلى قرية الناعورة رغم أن الهدف كان طمرة بالأساس، وأنهم في الطريق استبدلوا ملابسهم، وكان هناك مخطط أن يأتي شقيقه بمركبة لأخذهم إلى جنين، مشيرًا إلى أنهم وصلوا القرية عند الخامسة فجرًا وأدواالصلاة ثم غادروا وطلبوا من الناس مساعدتهم في نقلهم إلى أم الفحم، وأنهم قالوا لبعض سائقي المركبات أنهم يعملون هناك لكن لم يوافق أحد على ذلك.
ويرجح جهاز الشاباك الإسرائيلي – بحسب الصحيفة – أن الأسرى اعتقدوا أنهم وصلوا طمرة بسبب الضوء الأخضر الذي كان يظهر من المسجد، وعندما وصلوا فهموا أنهم أخطأوا الطريق.
ويقول العارضة، إنهم وصلوا إلى مخبز الناعورة، وهناك تمكنوا من الحصول على هاتف محمول واتصل بشقيقه، وطلب منه الوصول إلى الناعورة، لكنه لم يستطيع لأنه كان نائمًا ويحتاج لوقت طويل للوصول، وأنه حينه سأله شقيقه فيما إذا كان يتصل من السجن فقال له، نعم، مشيرًا إلى أنه كان أبلغ شقيقه بالخطة مسبقًا وأنه في حال اتصل به فعليه الوصول إلى طمرة على الفور (لأنه وجد عروسًا له) وهي كلمة السر بينهما.
وتقول الصحيفة في هذه المرحلة، قرر الأسرى الستة الانقسام إلى مجموعة إلى اثنين، دون أن يخبروا بعضهم إلى أين يذهب كل اثنين، خاصةً أنه في حال تم اعتقالهم لا يتم معرفة أماكن بعضهم البعض.
وقال العارضة “عندما كنا نطلب المساعدة من أي أحد يتم رفض طلبنا بحجة أننا نعمل بدون تصريح، وبعد يومين فقط تلقينا طعامًا من عدة أشخاص، و100 شيكل، ونمنا ليلًا في منطقة صناعية بالقرب من العفولة، وواصلنا السير باتجاه الناصرة، وهناك طلبنا الطعام والمياه، وبعد 3 أيام من الاستمرار بالمشي لم يكن لدينا أي فكرة عن مكان وجودنا، وأدركنا أننا بعيدون جدًا عن الضفة، لذلك فكرنا في العمل قليلًا في إسرائيل ثم الانتقال إلى الضفة”.
وبحسب الصحيفة، حين كان الأسيرين قادري والعارضة يبحثان عن الطعام في الناصرة تم اعتقالهما.
ونفى العارضة بشدة أن يكون أي من الأسرى الآخرين ساعدوهم في عملية حفر النفق، وأنه لا علاقة لهم بذلك.
وتقول الصحيفة، إن العارضة حاول عام 2014 “الهروب” عبر نفق مماثل، لكن الخطة فشلت، وخلال التحقيق الأخير معه قال “لن أحاول الهرب بعد الآن”. وفق ما جاء في محضر التحقيق.
وفي نهاية التحقيق، سأل محقق الشاباك، العارضة “إذًا أين ستكون بعد 7 سنوات أخرى؟”، قال له “أنا متأكد من أنني سأكون مشمولًا في صفقة تبادل وسأكون حرًا”، فرد عليه المحقق “لن تكون هناك صفقة، دولة إسرائيل ليس لديها فرصة لعقد صفقة من أجل جنود ليسوا على قيد الحياة!”، فرد عليه العارضة “الجنود بحسب يحيى السنوار أحياء”.
وفي التحقيق مع الأسير زكريا الزبيدي، قال لـ “المحققين” كما ورد في “هآرتس”، إنه حين رأى للمرة الأولى فتحة النفق كانت في يوم “الهروب”، وأنه كان لديه هناك احتمال أن يقتل ويتم إطلاق الرصاص تجاههم من أبراج الحراسة أو لحظة إعادة اعتقالهم، مشيرًا إلى أنه كان يبحث عن حريته فقط.
المصدر : الوطنية