أجرت "الوطنية" مقابلة هاتفية مع الكاتب والسياسي الفلسطيني والمنتمي لحركة فتح، نبيل عمرو، لمعرفة قراءته السياسية من القرار الذي اتخذه الرئيس محمود عباس بشأن وقف العمل بالاتفاقيات المبرمة مع إسرائيل.
وأجاب على سؤالنا الأول الذي كان صيغته تحوم حول تقييم الشارع الفلسطيني لقرار الرئيس، إذ طالب الفلسطينيين بعدم التسرع في التقييم، والانتظار بعض الوقت، لمعرفة كيف يمكن تطبيقه، لا سيما في إهانة إسرائيل للسلطة.
واستغرب الوزير السابق في السلطة الفلسطينية، من موقف إسرائيل والعالم من القرار، قائلاً الإسرائيلي استخف بالقرار بشكل واضح، وتحول ذلك إلى حديث للصحافيين ووسائل الإعلام الإسرائيلية، ولا يوجد على مستوى العالم ردود فعل قوية، وفي نهاية المطاف اتخذ بناء على مقدمات ودوافع سابقة مرتبطة بالسلوك الإسرائيلي".
وبشأن اللجنة التي ستشكل لتحديد آلية تنفيذ القرار، تساءل عمرو:" هل اللجنة التي شكلت ستعمل على نمط اللجان السابقة؟. ويرى أن الشعب، حذر ومراقب في ذات الوقت، لأن الرئيس اتخذ سابقًا نفس القرار ولم ينفذه، متسائلاً:" كيف يطبق على صعيد التنسيق الأمني، فالورقة الأساسية بيد الفلسطينيين هو التنسيق الأمني؟
وكتب عمرو مقالاً بهذا الخصوص، قال فيه:" كلما كان الجانب الإسرائيلي يتخذ إجراءات مجحفة حيال أبسط الحقوق الفلسطينية، وخصوصا تلك المكتسبة من اتفاقات وتفاهمات أوسلو، كانت القيادة الفلسطينية تهدد بوقف العمل بالاتفاقات والتفاهمات، وغالباً ما كان طرف ثالث يتدخل بنزع الفتيل ودائماً كانت تظهر صعوبات وموانع تحول دون تطبيق التهديدات، والأكثر تداولاً في هذا المجال هو الموقف من التنسيق الأمني الذي أعلن وقفه عشرات المرات، إلا انه لم يطبق ولو مرة واحدة".
ويرى أن دوافع القرار الفلسطيني الذي صدر مؤخراً بوقف العمل بالاتفاقات والتفاهمات تبدو قوية ومنطقية إذا ما نظر إليها من زاوية الطريقة الإسرائيلية في التعامل مع الاتفاقات والتفاهمات.
وتابع:" ولكثرة ما استخدم الإسرائيليون أوسلو بطريقة مذلة للفلسطينيين شعباً وقيادة، بدأ التخلص من العلاقات مع إسرائيل مطلباً شعبياً يزداد جمهوره كل يوم، وما من كارثة ألمت بالفلسطينيين إلا ونسبت إلى أوسلو، حتى بات الخروج من ورطتها كما لو أنه الخلاص من سجن لا أبواب له".
وقال:" الفلسطينيون الذين كبلتهم الطريقة الإسرائيلية في التعامل مع أوسلو يملكون ورقتين قابلتين للمساومة بهما في المجال الصعب الذي يخوضه الفلسطينيون مع الظلم الإسرائيلي المتمادي من كل النواحي على الفلسطينيين".
وبحسب ما أشار إليه عمرو في مقاله، فإن الورقة الأولى هي التنسيق الأمني الذي سد خانة مهمة في المنظومة الأمنية الإسرائيلية، ورغم قيام إسرائيل بالتقليل من أهمية هذه الورقة والزعم بأنها تفيد الفلسطينيين أكثر مما تفيد الإسرائيليين، إلا أن واقع الأمر يسجل حقيقة لا مجال لإنكارها وهي أن إسرائيل هي المستفيدة أكثر وهي من خلال عزل التنسيق الأمني عن التقدم السياسي فقد صبغت العلاقة معها بصبغة أمنية صرفة، وهذا أمر يضرب في الصميم فرص تقدم الفلسطينيين نحو أهدافهم السياسية وهذه الورقة ستكون هي الاختبار الحاسم لجدية وصدقية القرار الأخير وليس صعباً ظهور آثاره على واقع العلاقة الفلسطينية- الإسرائيلية في المدى القريب.
أما الورقة الثانية فهي تفعيل الشعار الذي رفعه الرئيس محمود عباس ذات يوم باعتماد المقاومة السلمية كنهج يرد به على إسرائيل، حين تواصل تنكرها للحقوق الفلسطينية وتواصل كذلك إجراءاتها الجراحية ضد الفلسطينيين ولن يكون آخرها مجزرة البنايات التي نفذت في وادي الحمص بالقدس.
هاتان الورقتان تكونان منذ اليوم المؤشر الأدق حول المصداقية والجدية، وإذا ما أردنا أن نكون موضوعيين في التحليل فلا مناص من مراقبة التطورات خلال الأيام القريبة ليس فقط لرؤية ما سيفعل الفلسطينيون، بل إضافة لذلك لرؤية رد الفعل الإسرائيلي، واضعين في الاعتبار أن إسرائيل الرسمية حتى كتابة هذه المقالة لم تعلن موقفاً تجاه القرار الفلسطيني الأخير، وفق عمرو.
وأكمل:" إلى أن تتضح الأمور فالمراقبون لا يستبعدون أن يكون القرار الفلسطيني نوع من لفت نظر العالم إلى خطورة انهيار ما تبقى من أوسلو، أي أنه استصراخ يقترب من اليأس موجه للعالم الذي اعتبر ولمدة طويلة مشروع أوسلو على أنه مشروع دولي قبل أن يكون ثنائياً بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حتى الآن تبدو الاستجابة الدولية لفرضية الاستصراخ هذه ضعيفة إن لم تكن معدومة".
وأوضح أن المحللين السياسيين انتبهوا إلى أن الرئيس الفلسطيني قطع نصف الطريق وترك النصف الآخر للتدخلات الخارجية، فتعليق العمل بالاتفاقات والتفاهمات ما زال بعيداً عن الغاء أوسلو وانهاء ما بني عليه.
المصدر : خاص - الوطنية