يوحدهم احتلال الأرض الفلسطينية وممارسة المزيد من الجرائم، يوحدهم الاستيطان وشرعنه البؤر الاستيطانية ومصادرة الأراضي وهدم البيوت وتهويد القدس وحسم قضيتها لصالح مشروعهم اليهودي الكبير على الأرض الفلسطينية في دولة عبرية خالصة القومية، يوحدهم العداء للفلسطينيين ومنع وصولهم للدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، لكن لا اعتقد ان يكون كل هذا على حساب سرقة الدولة والاعتداء على الديموقراطية وتوظيف المقدرات الوطنية والقضائية لصالح المتدينين وقولبتها في قالب ديني متطرف يكون على حساب الحريات الأساسية التي قامت عليها هذه الدولة واعتبرت زيفاً دولة الديموقراطية المتقدمة بالشرق الأوسط.
ائتلاف نتنياهو الفاشي الحاكم بني على أساس اتفاقات خطيرة مع زعمائهم الكتل الدينية واعطاهم حقائب وزارية اتاحت لهم السيطرة على مفاصل الدولة وتوظيف كل مؤسساتها لصالح الحركة الاستيطانية المتطرفة التي تسعي الي تهجير المزيد من الفلسطينيين وإعادة الصراع الي زمن النكبة بأحداث نكبة جديدة مستغلين صمت العالم وعدم قدرته على التدخل لصالح الفلسطينيين او الضغط على دولة الاحتلال بأكثر من التعبير عن القلق والنقد والشجب والادانة.
تحول دراماتيكي خطير جداً في خارطة الاحتجاجات الإسرائيلية على حكومة نتنياهو على مدار الأسبوع الماضي والاسبوع الحالي الذي شهد عصيان في صفوف الوحدات الجوية للجيش ومظاهرات كبيرة في اكثر من ثمان مدن إسرائيلية بأكثر من ربع مليون متظاهر , للأسبوع الثاني على التوالي هراوات وسحل ونار وغاز مسيل للدموع وقنابل صوت لتفريق المتظاهرين المطالبين بسقوط الحكومة الإسرائيلية عشية إقرار قانون منع عزل نتنياهو وقانون اعدام الاسري الفلسطينيين ومنفذي العلميات الفدائية بالقراء الاولي، ومشروع تولي رئيس الائتلاف الحاكم سلطة تعيين القضاة وعزل سلطة المحكمة العليا المطلقة. تصاعد الاحتجاجات ادي لصدام في أكثر من موقع بين المحتجين وشرطة الاحتلال الصهيوني التي أمرت بفض هذه الاحتجاجات بالقوة من قبل وزير الامن القومي (ايتمار بن غفير) وخاصة خلال حادثة انقاذ (سارة نتنياهو ) التي حاصرها المحتجين في محل مصفف الشعر وتم اخلائها بمروحية خاصة للشرطة. كمراقبين لم نكن نتوقع ان يصل المشهد الاحتجاجي في تل ابيب الي هذه النقطة بإنقاذ "ملكة" تل ابيب الجديدة والتي تعتبر المستشار الخاص لنتنياهو , لكن الان نعتبر ان درجة احتجاجات الشارع الإسرائيلي تتضاعف أسبوعاً بعد اخر ما يعني ان القادم اسوأ , وهذا مرتبط بمدي تحمل نتنياهو بن غفير هذه الاحتجاجات وعدم فض التظاهرات الكبرى بالقوة ما يعني حالة صدام دائمة ومؤكدة سوف تسود الشارع الاسرائيلي.
لأول مرة منذ عقود عشرات الاف الإسرائيليين يغلقوا الطرق ويرفعوا يافطات تساوي بين اعتداءات المستوطنين الإرهابية على حوارة واعتداء الشرطة على المتظاهرين, صدام مع الشرطة مما ادي اعتقالات واصابات , يمكن ان تتطور الأمور لأبعد من ذلك خلال الأيام القادمة باحتجاجات اكثر غضباً وعنفاً , ما يعني ان دولة الاحتلال قد تكون على مسافة قصيرة من حرب اهليه حذر منها العديد من الساسة وخبراء الامن والجنرالات المتقاعدين. اتهم نتنياهو المتظاهرين بإثارة الفوضى في المدن الإسرائيلية ان هناك "عناصر اجنبية" تحرض على الاحتجاجات ضد خطته للإصلاح القضائي وهذا اتهام خطير لأول مرة يحدث في دولة الاحتلال. ليس هذا فقط بل ان نتنياهو قارن بين هذه الاحتجاجات والاحتجاجات التي حدثت عام 2005 رفضا لخطة فك الارتباط مع الفلسطينيين في القطاع والضفة وقال بالرغم من قوة تلك الاحتجاجات الا انها لم تتجاوز الخطط الحمراء باعتبار ان هذه الاحتجاجات تجاوزت الخطوط الحمراء اليوم. ما اعتبرته المعارضة تصريحات صادمة ومروعة تعمق الخلافات بين الإسرائيليين.
رئيس الدولة هرتصوغ كان اكثر حكمة من نتنياهو فقد اعتبر ان المحتجين مواطنين وطنيين يهتموا بمستقبل دولتهم وهو يشاركهم مخاوفهم وقال " اشعر بشده بعمق الألم والقلق على البلاد " , لذا فانه يحاول أي هرتصوع في هذه المرحلة فتح حوار بين قادة المعارضة ونتنياهو لكن على ما يبدوا ان الأمور مازالت صعبة حتى اللحظة بالرغم من ان مسارات الحوار لم تغلق تماما , واعتقد ان لم ينحني نتنياهو امام هذه العاصفة التي تضرب الشارع الإسرائيلي فان دولة الاحتلال ذاهبة خلال فترة قصيرة لمزيد من الاحتجاجات ومزيد من الصدامات وقد تسيل دماء كثيرة في الشارع الإسرائيلي وهذا يعني ان المشهد في دولة الاحتلال قد يدفع بالمتظاهرين بالدفاع عن انفسهم امام الشرطة ما يفتح أبواب صدامات اشبه بحرب أهلية بين المحتجين والشرطة من طرف والمتدينين والمتشددين والمحتجين من طرف اخر اذا ما حاول الوزراء المتطرفين الطلب من مؤيديهم النزول للشارع مقابل المعارضة.
أما إذا ما أراد نتنياهو الانحناء للعاصفة واوقف خطة الإصلاح القضائي والغي بعض الاتفاقات الائتلافية فاعتقد ان حكومته قد تسقط لان الائتلاف لن يستمر في هكذا حالة. اذن في كلا الحالتين موقف نتنياهو صعب خاصة ان الحوار مع المعارضة يواجه صعوبات كبيرة لكن رئيس الدولة لم يصل لطريق مسدود في فتح دفع للمزيد من الحوارات بين رئيس الائتلاف والمعارضة في محاولة لاحتواء الاحتجاجات وانهائها قبل ان تتطور وتتحول لمواجهات دامية خاصة ان قادة المعارضة دعوا الى يوم غضب عارم في كل مدن دولة الاحتلال نهاية الأسبوع الجاري .
على ما يبدو ان المشهد في دولة الاحتلال اقرب لمزيد من الصدامات واقرب لمليونيه تجوب الشوارع وتغلق الطرقات وتحاصر الكنيست ومنزل نتنياهو ومكاتب قادة الائتلاف وتشل حركة المواصلات والجسور للضغط على الائتلاف من التوصل لحلول وسط عبر الحوار في المرحلة الحالية ما يعني ان دولة الاحتلال تقترب اكثر فاكثر لحرب أهلية او صدامات دموية لان بن غفير بدأ بتنفيذ خطة قمع الاحتجاجات ولا يتوانى في إعطاء الأوامر للجيش والشرطة بإشهار السلاح واستخدام القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع وقد يستخدم الرصاص مرة اخري لان نزول (بن غفير ونتنياهو وسموترتش وغلانت )عن الشجرة يعني انهم خسروا كل شيء وحالت هذه الجماهير بينهم وبين مشاريعهم اليمينة الفاشية للاستيلاء على الدولة وتحويلها لدولة شريعة يهودية .