سيطرت حالة صدمة على الوضع العام الفلسطيني بسبب حادثة حريق جباليا الذي أدى لاستشهاد 21 فلسطيني منهم 10 أطفال. وقد قابلها مشاعر مختلطة بعضها ركز على خطاب التضامن وبيانات التعزية، وآخر يبحث عن الأسباب المتعددة التي أدت للحادثة والتساؤل من المسؤول الحقيقي عما حصل؟
للأسف تكررت حوادث اشتعال الحرائق المميتة في قطاع غزة، جزء منها بسبب استخدام الشموع من أجل الإضاءة ليلاً بسبب مشكلة انقطاع الكهرباء المستمر منذ سنوات، والمرتبط بالحصار مفروض على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 15 عام، وهذا يعود بالدرجة الأولى لخلافات سياسية فلسطينية أدت إلى الانقسام البغيض.
يعيش في قطاع غزة – الذي لا تزيد مساحته عن 180 ميلاً مربعًا – حسب الإحصاءات، حوالي 2 مليون و300 ألف نسمة منهم نحو 600 ألف لاجئ يعيشون في ثمانية مخيمات مكتظة. ويعيشون تحت الحصار الإسرائيلي، بالإضافة إلى موافقة عدة أطراف عربية واجنبية إلى افتقار قطاع غزة إلى الأساليب الحديثة في الإطفاء والنقص الحاد للمواد والاحتياجات اللازمة من معدات وسيارات إطفاء الحريق.
وحسب شهود عيان لم يستطع الجيران من الوصول إلى العمارة (مكان الحريق) من شدة وقوة الحريق أثناء احتراق المهندس وزوجته وأولاده والأقارب بانتظار وصول النجدة. إنه لمشهدٍ قاسٍ وصعب بكل ما تعنيه الكلمة.
إنّ الدفاع المدني والداخلية ولجنة العمل كلهم أجمعوا على أنّ الدفاع المدني بحاجة إلى إعادة بناء من جديد وأنّ امكانياته شبه معدومة. وحسب تصريح لوسائل الإعلام لمسؤول متابعة العمل الحكومي السيد عصام الدعليس بأنّه تم تشكيل لجنة تحقيق بالحادثة للإجابة عن تساؤلات عديدة لدى المواطن العادي. كيف انطلقت الشرارة الأولى للحريق؟ حتى لو سقطت شمعة بالقرب من خزان سولار مما أدى لاشتعال النار؛ فلا بدّ أن يسارع عدد من الموجدين ال21 للخروج من المكان! لماذا لم يخرج أحد؟ ولماذا كانت الأبواب مغلقة؟ أسئلة كثيرة بحاجة لإجابات؟
ونتساءل هل الاحتلال هو المسؤول الوحيد عن فاجعة جباليا؟، بسبب فرضه الحصار مما تسبب بمشكلة انقطاع الكهرباء وحرم القطاع من إدخال المواد والاحتياجات اللازمة للدفاع المدني وسيارات الإطفاء بدل استخدام المياه …..الخ؟
أم السلطة الفلسطينية التي تطالب بعودة قطاع غزة إلى “الشرعية” وتعتبر حكم حماس “بالانقلابية”، وترفض التعامل معها كامر واقع، وبهذا يدفع المواطن الفلسطيني البسيط ثمن الانقسام….الخ.
أم أنّ حكومة حماس لم تبذل الجهد المطلوب لإيجاد حلولًا واقعية بعيدًا عن اتهام الاحتلال والحصار الخانق؛ كتوعية المواطنين حول الإرشادات الضرورية وشروط السلامة وعدم تخزين مواد قابلة للاشتعال في المنازل والأحياء السكنية. كما أنّ منظومتها الحكومية تفتقر لأي بنية تحتية هندسية أو فنية لإدارة تخزين وتوزيع المواد خطرة الاشتعال.
أم أنّ الدول العربية -وعلى رأسها جمهورية مصر- لم تفرض إدارتها على المحتل ولم تحاول فكّ الحصار عن قطاع غزة او فتح معبر رفح لدخول الاحتياجات اللازمة من معدات …الخ؟.
أم أنّ الدول الإسلامية العاجزة عن التحرك لإنهاء الحصار….إلخ،
أم أنّ المجتمع الدولي وجمعيات حقوق الإنسان والدول الغربية لم تضغط على الاحتلال لإنهاء الحصار….الخ؟
إنّ حريق جباليا فاجعة وطنية كبرى، ربما وحّدت الشعب الفلسطيني بأكمله. هل سيساهم ذلك بإنهاء الانقسام وتوحيد الفصائل؟ مهما اختلفت اسباب الحادث ومسبباته، نحن بحاجة ماسة لاستخلاص العبر والعمل على اتخاذ إجراءات، حتى لا يتكرر الحدث لأنّ المواطن الفلسطيني أغلى ما نملك.