انتهت معركة سيف القدس، ولم ينته الاحتلال، ولم تتحقق الوحدة الوطنية، ولم يرفع الحصار، بل تم تشديد حلقاته، فهل فعلاً حققت معركة سيف القدس انتصاراً...؟ وهل غزة على مقربة من انفراجه كما تحدث السيد يحيى السنوار...؟ ما هي السيناريوهات التي تنتظرها غزة...؟
في العام 2014م أبلت المقاومة العسكرية بلاءً حسناً يفوق أداءها من حيث القوة والفعالية معركة سيف القدس، وصمد شعبنا الفلسطيني صمود الجبال، وخرج للقاهرة وفدنا الفلسطيني الموحد، وحتى تاريخه نبحث عن النتائج التي تحققت.
في العام 2021م قادت المقاومة الفلسطينية معركة سيف القدس، وعكست أداءً عسكرياً موحداً اصطف خلفه شعبنا الفلسطيني بكل ألوانه السياسة، بل اصطفت جماهير العالم خلف قضيتنا العادلة، لننجح في تحقيق خمسة أهداف هي:
1. وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده.
2. نجاح المقاومة في تطوير قدراتها العسكرية وإدارة المعركة بجدارة واقتدار.
3. أعادت القضية الفلسطينية إلى أجندة المجتمع الدولي.
4. ساهمت الحرب في تآكل منسوب الأخلاق لإسرائيل أمام الرأي العام الغربي، وهو ما ساهم في زيادة حالة الدعم والتأييد للفلسطينيين عبر المسيرات الاحتجاجية والمواقف الدولية.
5. ضرب ميزان المناعة القومية بين المجتمع الإسرائيلي ومؤسسات الدولة وعلى وجه الخصوص المؤسسة العسكرية والأمنية.
لا شك أن الأهداف التي تحققت تشكل قاعدة انطلاق نحو تحقيق النصر الاستراتيجي، ولكن سرعان ما تتراجع مؤشرات هذا الانتصار للأسباب التالية:
1. المجتمع الدولي في معظم مكوناته لن يسمح للمقاومة بتحقيق إنجازات سياسية نتيجة عمل عسكري، وبذلك جوهر السياسة المتبعة تقوم على مبدأ حرق الوقت، وصولاً إلى إعادتنا إلى النقطة التي سبقت الحرب، وهذا على المستوى التراكمي يضعف من الروح المعنوية للشعب الفلسطيني.
2. حالة الانقسام البرامجي والسياسي: السلطة الفلسطينية وحركة فتح بزعامة الرئيس محمود عباس مازالوا يؤمنون بخيار المقاومة الشعبية والمفاوضات، بينما حركة حماس وفصائل المقاومة تؤمن بالمقاومة المسلحة كأحد أهم الخيارات لتحرير الأرض، وهذا يعني أننا أمام معضلة حقيقية، فإن نجح مسار سيرى الطرف الآخر في هذا النجاح تهديد مباشر بل وجودي له، وتبدأ عملية الإفشال.
واللافت أنه في حالة ترتيب البيت الفلسطيني وإنجاز الوحدة الوطنية، والتوافق على استراتيجية وطنية، فإن المؤشر الأول سيضعف والثاني سيتلاشى، ويبدأ فعلاً مشروع التحرير في تحقيق أهدافه، وبأسرع مما نتخيل، ولكن للأسف تأجلت حوارات القاهرة بسبب ظهور مؤشرات فشل هذه الحوارات وهو ما لا تقبله القاهرة بعد تحقيق إنجازات هامة في وقف إطلاق النار، وعليه عدنا إلى النقطة صفر، وجاءت حكومة إسرائيلية جديدة أفضل ما يمكن أن نسميها أنها حكومة المتناقضات السياسية، وهي الأضعف في تاريخ الاحتلال. وفقاً لما سبق فإن السيناريوهات التي تنتظرها غزة مرتبطة بعاملين، الأول ترتيب البيت الفلسطيني، وهذا بات يضعف يوماً بعد يوم. والثاني: الخطة الأمريكية لترتيب المنطقة. وعليه فإن سيناريو العودة لما قبل معركة سيف القدس (التفاهمات) هو الأكثر ترجيحاً على المدى القصير، ويبقى مرتبطاً بالمحدد الميداني الذي سيعزز من سيناريو العودة للمواجهة العسكرية، وفي حال نجحت الجهود المصرية والدولية في دفع المصالحة للأمام، فإننا سنكون أمام سيناريو الإنفراجة وانطلاق المسار السياسي والهدنة طويلة الأمد.
الخلاصة: دم الشهداء وآهات الجرحى ومعاناة شعبنا في كل أماكن تواجده في رقبة كل قائد يغلب الصالح الحزبي الخاص على الصالح الوطني العام، لأننا نعيش فرصة حقيقية لاستثمار معركة سيف القدس بما يؤسس لإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران 1967م، كاملة السيادة، ولكن الأنانية السياسية وحب الهيمنة أفسد على شعبنا تضحياته، أليس فيكم رجل رشيد يقود المرحلة باتجاه بر الأمان...؟