في ذكرى مرور 57 عاما على نشأة وتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ، التي كانت وما زالت الحاضنة السياسية للقضية ، والحارس الأمين للهوية الوطنية ، والعنوان الوطني الأشمل والأهم لمقدرات شعبنا ، والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، لأن منظمة التحرير الإطار المعنوي الذي يستظل الفلسطيني أينما وجد تحت مظلته ، حتى عهد الزعيم الخالد الشهيد ياسر عرفات ورفاقه من القادة المؤسسين الراحلين الفتحاويين والوطنيين من رجالات الثورة الفلسطينية.
منظمة التحرير الفلسطينية، لا بد ان تبق الحارس الأمين والعنوان الحريص لتاريخ وإنجازات ومقدرات شعبنا ، لأنها من قادت نضاله وتضحياته وجمعت شمل فصائله بوحدتها تحت مظلتها، لتكون العنوان الرئيسي والبوابة الشرعية لتمثيل شعبنا وايصال تطلعاته وانجازاته على طريق الحرية والدولة المستقلة إلى كافة أرجاء المعمورة ، ونجحت إلى حد بعيد وإلى وقت قريب ليس بالبعيد في ايصال صورة ورسالة الإنسان الفلسطيني الآجئ أينما وجد ، ضمن محتوى ومضمون سياسي انساني عنوانه شعب محتل من حقه العيش بحرية وكرامة انسانية، واستعادة كافة حقوقه المشروعة التي نصت عليها الأعراف والمواثيق الدولية في دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف ، وهذا كله يأتي في اطار الانجازات التي تحسب للمنظمة.
اخفاقات منظمة التحرير في اطار الواقع الفلسطيني العام، لم تعد خافية على احد ، لأنها لم تعد اليوم كسابق عهدها ، عهد الشهيد الخالد ياسر عرفات ورفاقه من القادة المؤسسين للحركة الوطنية، الذين امنوا بفكرة وحدة العمل والقدرة على تحقيق الأمل في اطار وحدوي جامع ومانع من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار ، لإداركهم الشامل العميق لوحدة الهدف على طريق النصر والتحرير.
تعيش منظمة التحرير الفلسطينية اليوم حالة لا تحسد عليها ، التى تحتاج في هذا المضمار لأكثر من مقال ، لكثرة اسباب الاخفاقات وتوالي الخيبات وتفاقم الأزمات والنكبات التي حلت في واقع ومصير المنظمة ، بسبب تفرد صانع القرار الذي يرأسها ، وبسبب حالة التهميش و التغييب واستبعاد كافة مفاصل العمل والحضور للشخصيات الفاعلة ، واستبدالها بشخوص لا تجيد سوى السمع و الطاعة للوالي والحاكم بفعل الظرف الطارئ والزمن سياسي الردئ ، فالمنظمة اليوم لا تقوى على ايجاد لغة وطنية سياسية ذات قواسم مشتركة للبيت الفلسطيني الواحد جراء الانقسام السياسي، وفشلها في معالجته لسنين طوال ، وعدم استطاعتها استعادة الوحدة، وكذلك ضعف اداء فصائلها ومكوناتها عامة.
تحتاج منظمة التحرير إلى بناء عام شامل وتحديث عاجل ضمن الحفاظ على الثوابت في اطار ضرورة المعالجة الحقيقية لكافة القضايا والمتعلقات الوطنية هذا من جهة ، وبسبب فراغ ومضمون جوهر ولغة الحوار والعلاقة بين اطر منظمة التحرير كافة ، وبسبب اختلاف وتباين الرؤى والمواقف ،وتضارب والآراء والتوجهات التي أوجدت أزمات متواصلة وجمود حاد على صعيد العلاقات والتفاعلات في الاطار الوحدوي العام لمنظمة التحرير من جهة أخرى.
منظمة التحرير بكافة مكوناتها ودوائرها ومؤسساتها وفعالياتها وشخصياتها بحاجة إلى اعادة ترميم وتغيير من خلال بناء نظام سياسي جديد قادر على استعادة المنظمة من خاطفيها الذين يعتلون عرشها خاوة وعنوة ، وحاجة فصائلها واحزابها لاعادة التفكير في برامجها وطروحاتها وافكارها التي تحتاج للنهوض والتطوير ، والتي لا بد أن تتوافق مع الواقع الفلسطيني والتطلع لرغباته وطموحاته التي اصبحت التطلعات اكبر من حجم الواقع الأسير التي تعيشه المنظمة وفصائلها، التي بواقع الأمر تحتاج إلى التغيير بهدف ايجابية التأثير ، لاستعادة منظمة التحرير وعودتها كسابق عهدها العنوان الوحدوي الوطني الشامل.