"المفكر هو الذي يجعل العقول تعمل وتحيا الشعوب. أي زعيم كان، يجب أن يعرف أنه كل انواع الهيمنة الأبوية التي تفرض على الناس، هي علامة ضعف. لا توجد تنمية بشرية بدون فضائل اخلاقية، ولا يوجد رجال سعداء إذا كانت الغالبية منهم تعيسة."
كيف يمكن تفسير الطاعة و قبول الانظمة التي تفرض علينا؟ هل يجب علينا أن نكون مثل قطيع الخرفان المنصاع الي الراعي أي، أن نوافق منذ البداية على النظام الابوي والاجتماعي والسياسي؟ يدور السؤال حول الظروف الأخلاقية والاجتماعية والنفسية، التي نضطر للعيش فيها و قبول عدم الانزعاج من المعاناة والضيق.
في البداية علينا ان نعرف اذا كنا سعداء و إذا كنا قد علقنا في عملية اجتماعية استبدادية بدون رحمة. و في مدرسة الفلسفة اليونانية القديمة، يشير مذهب "الرواقية" إلى الأخلاق الشخصية ونظامها المنطقي المتعلق بالعالم الطبيعي. انها تعاليم السعادة والازدهار، التي تعترف بأن العقل البشري يجب أن يفكر بعمق لفهم العالم، وجعل لنفسه مكانًا في المجتمع. كما ان هناك ضرورة للمساهمة في الرأس المال الاجتماعي، والتصرف بأمانة تجاه الآخرين. لابد أن نعرف من أنفسنا, أن هناك حاله معينة يكون فيها العقل مستعد أن يصل إلى هذا الإزدهار, إلى هذه الحاله من الرضا الداخلى, ما الذى يسمونه اليونانيين القدامى "إيودامونيا" بالتقدم أو الإزدهار والرفاهية. و ذلك يتطلب ان نتحكم في انفسنا وان نتجنب الاغراءات، ونستعد لتقديم التنازلات. و البعد من المخاوف والآلام. علينا ان نتعلم أن "الفضيلة هي الخير الوحيد" للبشر وأن كل ما هو من حولها لا قيمة له إذا لم يعلمنا الفضيلة. كما تؤمن "الرواقية" بأن الأخطاء في الحكم تنتج مشاعر مدمرة، و لا حيلة للبشر الا أنهم ملزمون بالعيش في تماسك كوني. كما ان جودة الإنسان تكمن في سلوكه وكلامه، و أخلاقه الحميدة تجاه كل شيء من حوله. من خلال تعلم قواعد النظام الطبيعي، سنكون قادرين على إنتاج هوية اجتماعية متوازنة وأخلاقية. ترتبط السعادة التوعوية بسعادة التطور الشخصي للفرد، والثقة بالنفس، وتحقيق الذات و الانخراط في العمل الانساني و الاجتماعي. وبهذه الطريقة، ترتبط سعادة الفرد بسعادة بيئته الكونية والبيولوجية. كما يقدم هرم ماسلو للاحتياجات (1940)، سلم الأولوية لاحتياجات الفرد من خلال الامن الغذائي و سكن دافئ والحصول علي وظيفة في قاعدة الهرم ، و تاتي احتياجات الانتماء والحب ، واالتقدير والعرفان.
وفي قمة الهرم، تاتي الحاجة إلى تحقيق الذات وتقرير المصير. ووضع عالم الاجتماع الالماني ماكس ويبر، المسمي باب علم الاجتماع الحديث، خطة منهجية لعلم الاجتماع الشامل بمبادئه وقيمه.
كما عبر ويبر أنه في الاعتراف السياسي، يعد التحليل الاجتماعي من خلال القانون أحد أهم العمليات لتشكيل دولة حديثة. وهكذا توضح عمليات الترشيد خصائص الأخلاق الاجتماعية والنظام الاقتصادي و ربطه بالدين. بالنسبة إلى ويبر، يحدد علم الاجتماع الشامل العملية العلمية التي تسمح بفهم الحقيقة الاجتماعية ، مثل: فهم وتفسير الحقيقة الاجتماعية. ان النظام الاقتصادي والرأسمالي حسب ويبر، يمثلان أخلاقًا مثل "روح الرأسمالية". ويوضح أيضًا أن الهيمنة الاجتماعية، عملية نظامية تولد هوية اجتماعية بغاية فرض السلطة علي الشعوب. و ينظر الي الهيمنة علي انها نظام هيكلي شرعي مبني علي اسس مغلوطة وغير متوازنة دستوريا ويمكنها ان تشكل خطورة علي انظمة الدولة و التنمية البشرية و كذلك علي النمو الاقتصادي. يتعلق الأمر بالقيادة وإلى أي مدى يمكن للمجتمعات أن تستفيد منها ثقافيا واقتصاديا وسياسيا؟ بالطبع يؤثر كل أسلوب قيادة على هياكل المؤسسات وفقًا لنهج الاحتياجات الاجتماعية. كل شيء يتمحور حول القائد، وإذا كان لديه الطموح لإنشاء البارامترات و الإطار التنظيمي والقانوني القابل للتطوير؟ ان جميع مناهج الاحتياجات الاجتماعية هي بمثابة نماذج تشرح العمليات والتعميمات غير المبررة والنتائج المجزأة والمتناقضة. إنها مسألة تبرر إذا ما كان هنا توافق بين الهياكل الاجتماعية والتنمية البشرية والتقدم التكنولوجي. كل هذه العوامل تفسر المتغيرات البيئية والثقافية والتنظيمية والفردية.
و يساهم أسلوب القيادة المعتمد، على قياس العيوب بدقة في الأنظمة والسلوك في الإدارة والمؤهلات و الاداء. بالنسبة إلى ويبر ، من الممكن خرق القانون بشكل شرعي لجعله ثقافة وميراث. ويقول: "اللص بالاختباء من الشرطة يضفي الشرعية على حكم القانون كشكل من أشكال العدالة في مجتمعاتنا المعاصرة". يجب أن يكون مفهوماً أن العالم مرتبط بالعقل البشري، الذي يجب أن يعزز قبول الحقوق والحريات. الأمر متروك لكل فرد، ليكون لديه طموحات ومكان في المجتمع. اما السعادة، فهي ملك للجميع. ما عليك سوى التحلي بالشجاعة والضمير للاعتراف بالاخرين والملكية الفردية.