على بعد أمتار قليلة من غرفة حضانة الأطفال، سارت الأم بخطوات متثاقلة تجرها دمعة فرح ولهفة اللقاء الأول، تارة تفكر كيف ستقابل فلذات أكبادها، وتارة أخرى تبتسم وكأنها تقول أصدق أو لا أصدق. وقفت إسراء المدهون (25 عام) فرحة أمام أسرّة أطفالها، تنظر إليهم بحب تنادي الأول وتداعب الأخر ملامسة الفاصل الزجاجي بينها وبين أنامل طفلها، كأنها للمرة الأولى تحلق في عنان السماء من الفرحة التي سكنت قلبها، وحولت مصير عائلة بأكملها. وكانت المدهون أجرت عملية زراعة في مستشفى الحلو الدولي بمدينة غزة، بعدما حرمت من إنجاب الأطفال لمدة ست سنوات، وكللت عمليتها بالنجاح حيث أنجبت أربعة توائم ( 3 ذكور وأنثى). وعن شعورها عندما علمت بأمر الحمل وبانها ستنجب أربعة توائم، تضيف "لم أستطع أن أتمالك نفسي من الفرحة، وكنت أفكر طوال أشهر الحمل بكيف سيكون شعوري حينما أداعب أطفالي وأستمع لصوتهم حولي من بعد انتظاري لنعمة الأمومة". وكانت إسراء تتحدث وهي تراقب حركات أطفالها داخل الحضانة، حيث لم تكترث لألم المخاض الذي كان سيد الموقف، لكن دموع الفرحة كانت حاضرة، حيث لم تنسيهما لهفة النظر بتمعن إلى تفاصيل أطفالهم الأربعة. وفي الجهة المقابلة، يقف زوجها بلال المدهون (28 عام) حارساً على أطفاله الأربعة يحتضنهم بعينيه، ويقول : "  "منذ تسعة أشهر حينما علمت بنجاح عملية الزراعة لم أصدق، وكل ليلة أحلم بأني أرى أطفالي أمام عيني". ويذكر المدهون تفاصيل إخباره بميعاد عملية الولادة "كنت في عملي حين جاءني اتصال هاتفي وأخبرني أحدهم بأن ألم المخاض قد أصاب زوجتي"، واسترجع ذات الموقف مكملا "لم أدرك كيف ركضت إلى المشفى، وجلست أنتظر مع عائلتي خروج زوجتي من غرفة العمليات"، كأنه يقول بأني أنتظر سماع صوت حلمي ألا وهو صرخة أطفاله الأولى الموحية بالحياة. وعن تخطيطه لتربية أطفاله يقول "سوف أساند زوجتي بتربية أطفالنا، وبمساعدة والدتي أيضا". وحمد المدهون الله شاكرا إياه بأن عوضه صبر الست سنوات بالأربعة توائم، داعيا بأن يحفظ الله أطفاله ويراهم بين يديه بعد سنوات الصبر والحرمان. ويقول مدير مشفى الحلو الدولي ثروت الحلو وهو الطبيب المتابع لحالة المدهون : " كانت توقعاتنا الأولية قبل التصوير بأن نجاح العملية يتوقف على أكثر من توأم، مضيفا " وبعد شهر من العملية تم فحص إسراء وكانت البشرى السارة لها ولجميع أهلها" . لكن رأي ذوي الشأن دوما يختلف حيث طلب الطبيب الحلو من المدهون بسحب أكثر من جنين مقارنة بفرحة العائلة، بناء على أنه "لا ضرر ولا ضرار"، مؤكداً أنه اقترح هذا الإجراء خوفا من حصول إجهاض مفاجئ يؤدي إلى خسارة الاربع توائم، واستدرك قائلا "لأنه ليس كل امرأة تستطيع بأن تحمل أكثر من جنين وكيف إذ كان بأربع ؟!" وطلب الطبيب من عائلة المدهون بالاستخارة واطمأنت العائلة ورفضت سحب أي جنين. وعن وضع الأجنة الصحي يقول الطبيب "كانوا بحالة ممتازة، وكان التوقع بأن يخرجوا جميعهم بصحة جيدة".  

المصدر :