كشفت صحيفة الجمهورية اللبنانية عن أروقة مباحثات المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس في العاصمة الدوحة، التي بدأت قبل نحو أسبوع. وقالت الصحيفة إن المفاوضات التي جرت في الدوحة، توقفت عند تقاسم السيادة الأمنية الفلسطينية على معبر رفح، مشيرةً إلى أن قضية معبر رفح شهدت تدخلًا قطريًا وتركيًا غير مباشر، لذلك لجعل "فتح" توافق على وجهة نظر حماس في شأنها. وأضافت:"انتهى النقاش إلى تبنى وفدي فتح وحماس صيغة حل تقضي بأن يتسلم أمن الرئاسة في السلطة الفلسطينية الإشراف على معبر رفح، فيما تتولى حماس لوجستياً تسييرَ الأمور فيه". وأوضحت أن الرئيس محمود عباس سيوجه رسالة إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة لإبلاغها بمضمون اتفاقه مع حماس وحضنها على الموافقة عليه بتدشين مرحلة جديدة من العلاقة بين غزة والقاهرة. وأشارت إلى أن ترتيب وضع المعبر وفق صيغة ثلاثية تضمّ السلطة وحماس والقاهرة تشرف على تنظيم عبور الأشخاص والإمدادات عبره في الاتجاهين بين غزة ومصر، لافتة إلى أن مصادر في "فتح" استبعدت موافقة مصر على هذه الصيغة، لأن القيادة المصرية معنية بوجود أمني إشرافي غير شكلي للسلطة في المعبر. وتابعت: " مصر تريد أن يصبح المعبر خاضعاً بنسبة كبيرة لمراقبة مشتركة بين السلطة في داخله، وبين المخابرات المصرية في خارجه، فيما تصبح حماس جزءاً من معادلة أمن معبر رفح، وليست هي المشرفة الرئيسة على المجريات اللوجستية لحركة انتقال البضائع والأشخاص في الاتجاهين من وإلى غزة ومصر". وقالت الصحيفة اللبنانية عن مصادر واكبت مفاوضات الدوحة، إن النقاش في شأن المعبر، تحكمت به استراتيجيتان، الأولى يريدها الرئيس عباس وهدفها تقديم تنازل لـ حماس يضمن لها بقاء الإشراف اللوجستي على المعبر، في مقابل أن توافق الأخيرة على دخول حكومة وحدة وطنية تضمّها إلى فتح.

تشكيل الحكومة

وبينت الصحيفة أن الرئيس عباس يريد من هذه الحكومة في هذه المرحلة ليس إعادة توحيد منطقتي السلطة وغزة، بل استخدامها مظلة سياسية تقدمه في اتصالاته الخارجية بصفته رئيساً لكل الشعب الفلسطيني وكل تلاوينه، مؤكدةً أنه يريد السياسة. وأوضحت أن حماس تريد من تقديم التنازل بشأن مشاركتها في حكومة الوحدة لا تؤدي الى إعادة غزة سياسياً لحضن سلطة رام الله، مبادلته بتنازل من عباس يترك بموجبه الأمرة اللوجستية لها في المعبر. ولفتت إلى أن مفاوضات الدوحة أظهرت انسجاماً بين هاتين الاستراتيجيّتين، كونهما يتقاطعان عند نقطة أن عباس يريد حكومة وطنية شكلية تمنحه صفة أنه يتكلم باسم كلّ فلسطين في الخارج، فيما تريد حماس تشريع سيطرتها على المعبر لتدعيم دويلتها في غزة، وفق ما نقلته الصحفية.

موظفو غزة

ذكرت الصحفية أنه وفد حماس حاول اقناع وفد السلطة بأن تدرج نحو 20 ألف موظف يعملون في مصالح عامة في حكومة غزة السابقة، حيث تم رفع هذا المطلب للحكومة برام الله لدرسه، ولكن غير المتوقع الموافقة عليه لأن السلطة تشكو في الأساس من أنها تدفع رواتب لموظفين مستنكفين عن العمل منذ عام 2007.

الأجهزة الأمنية

وأوضحت أن حماس تريد موافقة السلطة على دمج الأجهزة الأمنية، " لكن رام الله ترفض ذلك كونها تمس بالعقيدة القتالية الجديدة للأجهزة التي تمّ بناؤها بعد أوسلو، وهي تقوم على مفهوم الدولة وليس الثورة، وعليه سيكون صعباً وغير عملي إشراك عناصر تتبنّى عقيدة الثورة في أجهزة تعمل وفق منطق الدولة والتعاون الأمني مع اسرائيل لضمان استقرار المناطق الخاضعة للسلطة التي تنتهج مقولة النضال السياسي لإحقاق المطالَب الفلسطينية وليس مقولة الجهاد بحسب حماس". وأكدت أن إيجابيات مناخ التلاقي التكتيكي لطرفي النزاع الفلسطيني في مفاوضات الدوحة يصطدم بعقبة أن تجسيده باتفاقات على الأرض غيرُ متاح الآن، كون الظروف الاقليمية والدولية غير ناضجة لمواكبته، واهتمامها منصبّ على قضايا أخرى.

المصدر :