خلال فترات اللعب المسروقة من يوميات الأطفال في مخيم الشاطئ للاجئين الفلسطينيين غرب مدينة غزة يعرض الصحافي سامي مشتهى، الأموال مقابل شراء ملكية البيوت والأراضي المحتلة، على أحفاد الأجداد الفلسطينيين الذين هُجروا في النكبة الفلسطينية عام 1948.
سوء الأحوال المعيشية، وتردي الأوضاع الاقتصادية، لم يغيّر فكر الأطفال الفلسطينيين، ولم يقلل من وطينتهم الفطرية المتمسكة بحق العودة والحفاظ على الأرض، مثبتين خطأ نصف المقولة الشهيرة لرئيسة الوزراء الإسرائيلية سابقًا غولدا مئير، "الكبار يموتون، والصغار ينسون".
تجول مشتهى في مخيم الشاطئ يسأل بعض الأطفال عن بلدهم الأصلية التي هُجر أجدادهم منها، عارضًا عليهم شراء هذه الأرض والبيت المقام عليها مقابل عائد مادي فوري، الأمر الذي رفضه الأطفال دون تفكير حتى.
واختلفت أساليب إجابات الأطفال عن سؤال بيع الأرض، بينما اتفقت في رفض الفكرة التي تتعارض تربيتهم ووطنيتهم، حيث كانت ما بين "هذه أرضي لا يمكن أن أفرّط بها"، و"الأرض شرفي وعرضي، مستحيل أن أتنازل عنها".
الأرض ستعود
وساير الصحافي مشتهى الأطفال، محاولًا تغليب المنطق في حواره معهم، فقال لأحد الأطفال "أرضكم في أسدود محتلة، ولا تقدرون الوصول إليها، فما الفائدة من التمسك بها"، فأجابه الطفل بثقة مطلقة "أرضنا ستتحرر، وسنعود إليها".
الأسئلة تم توجيهها لأطفال تتراوح أعمالهم ما بين 4-10 سنوات، ذكورًا وإناثًا، كلهم رفضوا حتى مبدأ التخلي عن الأرض، ووصل حال بعض الأطفال إلى التساؤل عما أصاب مشتهى، قائلًا " أنت بعقلك؟ ماذا تقول؟ أنا لا أريد حتى التفكير في ذلك".
من بين المقابلات، قال طفل إن كل أموال العالم لا تكفي لشراء أرضه التي رفض قطعيًا التنازل عنها، مشيرًا إلى أنه حر في ملكه، حيث يفعل به ما يشاء.
وعي الأطفال
مبادرة الصحافي مشتهى كانت شخصية تمامًا، حيث يقول لـ الوطنيـة إن الفكرة جاءته بعد مقابلات عديدة أجرها مع الأطفال بحكم عمله خلال تغطية أحداث الهبة الجماهرية الأخيرة "انتفاضة القدس"، والتي لاحظ خلالها مدى الوعي لدى الأطفال بقضة فلسطين.وأضاف مشتهى أنه بعد إنجازه للحلقة التي تمتد لأكثر من خمس دقائق، لم يتفاجأ من هذا الوعي والوطنية لدى الأطفال، مؤكدًا أنه كان يتوقع هذه الإجابات خلال إعداد الحلقة.
وخسر عدد كبير من الشعب الفلسطيني وطنه عام 1948 لصالح إقامة الدولة اليهودية "إسرائيل"، حيث شملت أحداث النكبة احتلال معظم أراضي فلسطين من قبل الحركة الصهيونية، وطرد ما يزيد عن 750 ألف فلسطيني وتحويلهم إلى لاجئين.
وتشمل أحداث النكبة عشرات المجازر والفظائع وأعمال النهب ضد الفلسطينيين، وهدم أكثر من 500 قرية، وتدمير المدن الفلسطينية الرئيسية وتحويلها إلى مدن يهودية، إضافة إلى طرد معظم القبائل البدوية التي كانت تعيش في النقب ومحاولة تدمير الهوية الفلسطينية ومحو الأسماء الجغرافية العربية وتبديلها بأسماء عبرية.
وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار رقم 194 والذي جاء في الفقرة 11 منه بأن الجمعية العامة "تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة".
المصدر :