سارع صالح أبو محسن مع بناته الثلاثة للعودة لبيته في منطقة الشوكة شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة ، بعد إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي الهدنة في الأول من أغسطس من العام الماضي لمدة 72 ساعة. وما هي إلا لحظات قليلة حتى تلقى أبو محسن اتصالًا من شقيقه يبلغه فيه بالخروج من المنزل والعودة إلى مراكز الإيواء بعد أن خرق الاحتلال الهدنة. وبدأ محسن مع بناته بالخروج بأسرع وقت ممكن، بعد أن بدأ جيش الاحتلال باستهداف الحجر والبشر دون رحمة، ما أوقع أكثر من 100 شهيد في يوم واحد. ويروي أبو أحمد تفاصيل الحكاية المؤلمة للوطنيـة: "عند قدومنا خلال الساعة التاسعة صباحا كانت حالة من الهدوء والسكينة تعمت أرجاء المنطقة لا شيء يوحي بالقلق تفقدنا جميعا أزقة المنزل وبدأنا بأخذ ما يلزم نظرًا لنزوحنا وقلة الأغراض". ويسهب: "دقائق حتى تحول الهدوء لضجيج والضربات القوية أحاطت بالمكان والمدينة بأكملها، ما دعانا للهروب على الأقدام  للوصول لنقطة الأمان". ويكمل أبو محسن "أثناء إطلاق القذائف كانت ابنتي أسيل 17 عامًا تحتضن شقيقاته بصحبة جارتنا المستقرة في بيتنا لقرب الاستهدافات الاسرائيلية على بيتها". ويتابع "قررت أن أخرج مع بناتي الصغار و جارتنا من المنزل، وبعد مسافة من الهرولة افترقنا ولم أعد أرى خلفي فأول منزل صادفني وضعت أطفالي بداخله وبدأت أبحث عن ابنتي والجارة ولكن لم أجد سوي الجارة". وقعَ أبو أحمد بصدمة كبيرة لعدم خروج ابنته من موقع الخطر حيث "بالدقيقة كانت تسقط عدة قذائف بأماكن مختلفة من رفح الغربية منطقة الشوكة". ويقول إن: "مشاهد الهلع والنزوح التي كانت أمام ناظريه و براميل المتفجرة والمنازل المحترقة ورائحة دخانه التي غطت المنطقة سوادا, ولكن الدبابات المتمركزة بشكل قريب منعتني من العودة للبحث عن أسيل  فعدت أدراجي". كان الأمل لدى الوالد بوجود ابنته المفقودة ولكن سرعان ما بدأ الأمل يفقد بريقه تدريجيا، بعد أن وصل لمستشفى أبو يوسف النجار وشاهد حالة الاستنفار لدي الطواقم الطبية والإسعاف بنقلهم للمصابين وجثث الشهداء . ويضيف "أربعة أيام وابنتي لا نعرف عنها شيء منذ لحظة الهروب، قمنا بالبحث عنها بالمستشفيات و ذكر اسمها في المذياع و مواقع الانترنت عله وعسي نجدها". في يوم الرابع من اغسطس تلقي اتصال بأنه تم وجود ابنتك لكن كانت جثة "متحللة" تحت شجرة عنب. أما خبر استشهاد أسيل (17 ) كان مفجعًا على والدتها أم أحمد، فتقول " عندما بدأت الأخبار تتداول أن هناك اختراق للتهدئة بدأت أقلق على زوجي وبناتي , تواصلت مع ابنتي أسيل لحظة القصف وقالت لي أننا بخير وبعدها انقطعت سبل التواصل ولم أعد اعرف ماذا أفعل " . وأضافت "رأيت بناتي على شاشة التلفاز  داخل مستشفى أبو يوسف النجار ولم أرى أسيل و زوجي، حالة من الهستيرية أصابتني". وتقول الوالدة :"بدأت فعليًا بعد ذلك بالشرود مع أولادي الاثنين من مكان لمكان لدي الأقارب لأوصل لنقطتهم ,كنت أقول أن أحدا منهم قد استشهد وفعلا كان من نصيب أسيل". ولم تنس أم أحمد اللحظات الأخيرة التي كانت بينها وبين أسيل  قبل خروجهم لحظة الإفطار صباحا، فقالت لـ الوطنيـة " كانت نظرات أسيل اتجاهي كنظرات وداع طلباتها على الفطور كثيرة وشهيتها على الأكل مفتوحة لحظتها". وتذكرت مرح أبو محسن الأخت الأصغر لأسيل والتي شهدت لحظات القصف والشرود مع والدها وباقي شقيقاتها " أن أسيل طلبت منا التجمع تحت درج البيت لنحتمي تحته وبدأت تقرأ علينا القرآن الكريم".

المصدر :