توافق اليوم الثلاثاء السابع من يوليو الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة 2014. ففي مثل هذا اليوم من العام الماضي، بدأ جيش الاحتلال بشن حرب قاسية على القطاع استمرت 51 يوما، استشهد خلالها نحو 2140 مواطن معظمهم من الرجال والنساء، فيما أصيب عشرات آلاف آخرين، ونزوح مئات الآلاف عن بيوتهم. ويعد العدوان الأخير ثالث حرب تشن على قطاع غزة في غضون 8 سنوات، حيث كانت الأولى في أواخر عام 2008 واستمرت 22 يوما، حيث استشهد نحو 1300 مواطن، فيما استشهد نحو 155 مواطن في الحرب الثانية عام 2012 والتي استمرت لمدة ثمانية أيام. وبدأت إرهاصات هذا العدوان عندما أطلقت الفصائل الفلسطينية من بينها حركة حماس في أوائل يوليو 2014 صواريخ اتجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة بعد حادثة استشهاد خمسة مقاومين من كتائب الشهيد عز الدين القسام في نفق شرق مدينة خانيونس، ردت عليها طائرات الاحتلال بقصف بعض المواقع التابعة للمقاومة والأراضي الزراعية. وأمهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فصائل المقاومة مهلة تنتهي بعد 48 ساعة لوقف إطلاق الصواريخ، فيما اشترطت الفصائل رفع الحصار عن قطاع غزة، والإفراج عن الأسرى المحررين الذين أعيد اعتقالهم في يونيو من العام الماضي في الضفة الغربية عقب مقتل ثلاثة مستوطنين في مدينة الخليل. وكان نتنياهو حمل حركة حماس مسؤولية مقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل، فيما شن الجيش الإسرائيلي حملة اعتقالات واسعة في الضفة الغربية طالت عددا كبيرا من قياديي ونواب حركة حماس، بالإضافة إلى إعادة اعتقال أسرى محررين أفرج عنهم ضمن صفقة وفاء الأحرار. وخلال تلك الفترة تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية ما قالت عنه خيارات تدرسها حكومة الاحتلال للرد على مقتل المستوطنين الثلاثة في الخليل، من بينها شن حرب على غزة، وإنهاء حكم حركة حماس في القطاع. وفي الثامن من يوليو بدأ الجيش الإسرائيلي بإطلاق الصواريخ من قبل الطائرات الحربية في مناطق متفرقة من قطاع غزة، فيما كثفت فصائل المقاومة من إطلاق صواريخها، معلنين بدء الحرب حيث أطلق الاحتلال اسم "الجرف الصامد" على ما تقول إنها عملية عسكرية على القطاع، فيما أطلقت عليها حركة حماس اسم "العصف المأكول"، بينما أطلقت حركة الجهاد الإسلامي عليها "البنيان المرصوص". واستمرت هذه المشاهد اليومية 51 يوما، تخللته تهدئة في بعض الأيام التي اتفق فيها الطرفان على وقف القصف فيها، تزامنا مع مفاوضات كانت تجرى بالعاصمة المصرية القاهرة بين وفد فلسطيني موحد يضم الفصائل الفلسطينية من بينها حركة حماس، ووفد من حكومة الاحتلال. وخلال العدوان ارتكب جيش الاحتلال مجازر وصفها حقوقيون بأنها من أبشع الجرائم التي ترتكب في تاريخ الإنسانية، حيث قصفت إسرائيل منازل فوق ساكنيها الأمر الذي أدى إلى استشهاد عائلات بأكملها من بينها عائلة البطش في حي الشجاعية، وعائلتا الأسطل النجار في خانيونس. الشجاعية كما ارتكب الجيش الإسرائيلي مجزرتين بحق سكان حي الشجاعية، حيث استشهد في الأولى نحو 90 مواطنا في أقل من 12 ساعة، فيما أظهرت مقاطع فيديو بثت على وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي جثثا ملقاة على الأرض، في وقت كان فيها المواطنون يهربون من القصف العنيف الذي نفذته المدفعية الإسرائيلية، تزامنا مع قصف جوي عنيف. وراح ضحية هذه المجزرة عائلات بأكملها من أبرزها عائلة السكافي، وضاهر، والحية، وسكر، وعياد، والشيخ خليل، والبطش، فيما أدى هذا القصف العنيف إلى دمار كبير لحق الحي، وتحديدا في شارع النزاز، والمنطار، ومنطقة البلتاجي. رفح وشهدت مدينة رفح جنوب قطاع غزة مجزرة راح ضحيتها العشرات من المواطنين، في قصف عنيف نفذته طائرات ومدفعيات الاحتلال بشكل عشوائي اتجاه المنازل. كما كثفت فصائل المقاومة خلال الأيام الأخيرة من العدوان، إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، حيث سقطت في مدن حيوية في إسرائيل وتحديدا في تل أبيب والقدس المحتلة، وحيفا. وتمكنت كتائب الشهيد عز الدين القسام من إطلاق صواريخ على مطار بن غريون، الأمر الذي أحدث تشويشا كبيرا في حركة السفر من وإلى إسرائيل. وأدى القصف الذي نفذته فصائل المقاومة على البلدات والمدن الإسرائيلية إلى مقتل 6 أشخاص وفق المصادر الرسمية الإسرائيلية، فيما لقي 67 جنديا في مواجهات مع فصائل المقاومة على الحدود مع القطاع بعدما شن الجيش عملية برية. وفد موحد وبعد مرور نحو 20 يوما من العدوان اتفقت الفصائل الفلسطينية من بينها حركتا حماس والجهاد الإسلامي على تشكيل وفد موحد في العاصمة المصرية القاهرة، للتفاوض مع وفد إسرائيلي في محاولة لإنهاء العدوان مقابل رفع الحصار الإسرائيلي عن القطاع وإقامة ميناء وإعادة الإعمار. وتخلل هذه المفاوضات الاتفاق على تهدئة لمدة 11 يوما على فترات متباعدة بين فصائل المقاومة وإسرائيل، لمنح فرصة للمفاوضين بهدف التوصل إلى اتفاق. وكانت مصر قد أطلقت مبادرة بعد نحو أسبوع من بدء العدوان تتضمن وقف إطلاق النار، ثم بعد ذلك فتح المعابر وتخفيف الحصار الإسرائيلي إلا أن فصائل المقاومة رفضت هذه المبادرة. وانتهى العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في الساعة 7 من يوم 26 من أغسطس 2014، بعدما تم التوصل إلى اتفاق تهدئة برعاية مصرية ينص على إنهاء العدوان مقابل رفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح جميع المعابر، وإدخال مواد البناء، وأن تتولى السلطة الفلسطينية ملف إعادة إعمار قطاع غزة عن طريق حكومة التوافق، واستئناف المفاوضات حول الميناء والمطار بعد شهر من بدء اتفاق التهدئة. وبعد نحو عام من العدوان الإسرائيلي لا يزال المواطنون في قطاع غزة ينتظرون إعادة إعمار منازلهم، وتنفيذ المجتمع الدولي لتعهداته في مؤتمر المانحين الذي عقب في العاصمة المصرية القاهرة في أكتوبر الماضي. وأعلن المانحون عن تبرعهم بمبلغ 5.4 مليار دولار لإعمار قطاع غزة، لم يصل منها سوى مبالغ قليلة جدا وفق تصريحات لمسؤولين في السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق وهي المسؤولة عن ملف إعادة الإعمار مشاركة مع الأمم المتحدة. إحصاءات وفي الإحصائيات الرسمية للعدوان الإسرائيلي على القطاع فقد بلغ عدد الشهداء نحو 2140 شهيدا، من بينهم 544 طفلا، و382 امرأة، فيما بلغ عدد المصابين نحو 11000 جريح، بينهم ما يقارب 3290 طفلا، ونحو 2890 امرأة. وتضرر خلال العدوان نحو 16000 منزل من بينها نحو 2300 بشكل كلي، حيث بلغ عدد النازحين من بيوتهم 462.000 مواطنا موزعين على 90 مدرسة تابعة للأونروا. كما تم استهداف البنية التحتية لقطاع غزة من خلال تدمير واستهداف 26 محطة مياه وصرف صحي و31 جمعية خيرية و26 مؤسسة مالية و 19 مؤسسة لمرافق الكهرباء في حين تم استهداف 324 منشأة صناعية وتجارية تشغل حوالي 12.000 عامل. وبلغت خسائر الاقتصاد الفلسطيني جراء استهداف عدد كبير من المصانع والمنشآت نحو 3.5 مليار دولار.

المصدر :