أُعلن في الجزائر عن وفاة العميد المتقاعد حسين بن حديد بعد صراع مع المرض، وهو شخصية عُرفت بمواقفها الجريئة خاصة في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وفترة الحراك الشعبي، ما كلفه الدخول للسجن مرتين بسبب مواقفه.
تناقلت في البداية مواقع التواصل خبر وفاة بن حديد، وسرعان ما تأكد ذلك بعد تقديم الرئيس عبد المجيد تبون تعازيه إلى عائلة الراحل، وإلى كافة أفراد ومستخدمي الجيش الوطني الشعبي، وفق ما أورده التلفزيون الرسمي.
ولم يكن خافيا أن بن حديد كان يعاني من مرض شديد في الأشهر الأخيرة، حيث كان آخر ظهور له على كرسي متحرك خلال احتفالات الجيش التي دُعي إليها. ويعد الرجل من أبرز قادة المؤسسة العسكرية في فترة التسعينات الساخنة التي شهدت ذروة المواجهة مع الجماعات الإرهابية، حيث كان يقود الناحية العسكرية الثالثة في بشار التي تقع في الجنوب الغربي للجزائر.
لكن اسم الرجل لم يظهر للرأي العام إلا في السنوات الأخيرة لحكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بعد أن خرج للإعلام منتقدا بشدة منظومة الحكم التي كان يقودها رئيس مريض آنذاك. وفي سنة 2015 بعد نحو سنة من انتخاب بوتفليقة لعهدة رابعة، أدلى بن حديد بتصريحات اتهم السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق بالإعداد لخلافة أخيه في الحكم، وإبعاد الفريق محمد مدين القائد السابق للمخابرات لأنه كان معارضا لهذا المشروع، بحسبه. كما انتقد بشدة رئيس أركان الجيش الراحل أحمد قايد صالح واعتبر أنه ليس أهلا لذلك المنصب.
وبعد تلك التصريحات بأيام، جرى اعتقال بن حديد بتهمة إفشاء أسرار عسكرية، حيث مكث في السجن نحو سنة قبل أن يطلق سراحه، مع حملة إعلامية قوية ضده، تحدثت فيها قنوات مقربة من السلطة عن ماضيه خلال قيادته الناحية العسكرية الثالثة.
وعاودت متاعب السجن بن حديد مرة أخرى في أيار/ مايو 2019 بعد الإطاحة بالرئيس بوتفليقة في فترة الحراك الشعبي. وكان السبب هذه المرة، توجيهه رسالة إلى رئيس أركان الجيش الراحل الفريق أحمد قايد صالح نشرتها جريدة الوطن الناطقة بالفرنسية، يطالبه فيها بإيجاد حل للأزمة والاستماع لمطالب المتظاهرين، في وقت كانت قيادة المؤسسة العسكرية في ذلك الوقت متشبثة بالحل الدستوري، أي تنظيم الانتخابات وفق ما كان ينص عليه الدستور السابق. ولم يفرج عن الرجل الذي وجهت له تهمة إضعاف معنويات الجيش، إلا في بداية شهر كانون الثاني/يناير 2022.
وكانت المفاجأة في تموز/ يوليو 2022، عندما ظهر بن حديد لأول مرة منذ خروجه من السجن، في احتفال نظمته قيادة الجيش، وظهر في صورة بجانب رئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة، وهو ما اعتُبر وقتها محاولة من المؤسسة العسكرية لرد الاعتبار لأحد أبنائها. وبعد ذلك بشهر فقط، كان بن حديد في قائمة كبار الضباط المكرمين من قبل الرئيس عبد المجيد تبون، ليتأكد أن السلطة في أعلى هرمها راجعت الموقف السابق من الجنرال المتقاعد الذي كان له دور في زعزعة يقين المتنفذين في الحكم فترة الرئيس السابق باستغلال مرضه.
المصدر : وكالات