ثلاث ساعات، عاثت فيها قوات الاحتلال فسادا في منزل ذوي المعتقل الجريح عبد الرحمن عزام بحثا عن الشيء واللاشيء.
وأُخضع جميع أفراد أسرته خلال تلك الفترة، لاستجواب حول علمهم بارتباط عبد الرحمن بالشيء واللاشيء.
اقتحم الجنود وكلابهم البوليسية البيت في بلدة سلواد شرق رام الله بعد إطباق حصاره، داهموا الغرف وفتشوها، وطلبوا من العائلة التزام غرفة واحدة، قبل أن يتم استجوابهم عن معرفتهم بنشاط ابنهم في مقاومة اقتحامات البلدة.
ثم هبط الجنود إلى مخزن في الفناء الخلفي وانتزعوا ما في أحشائه وألقوه في الخارج، وبحثوا بين الحطام الذي أحدثوه، عن ما يبرهن صدق فرضيتهم بأن من اعتقلوه للتو بعد أن أطلقوا عليه الرصاص؛ كان يشكل خطرا.
وتوجهوا بعد ذلك إلى مركبات العائلة التي كانت متوقفة في الخارج، وكسروا بعضا من زجاجها، وصعدوا آنفاً إلى سطح المنزل.
أحمد عزام، والد عبد الرحمن، الذي جلس في فناء المنزل محاطا بأهالي البلدة ممن حضروا مؤازرين ومستفسرين، قال إن دوي إطلاق نار سمع أثناء اقتحام بيتنا، واعتقدنا أن ذلك تم في المواجهات المعتادة التي لم تسكن حدتها منذ أيام في البلدة.
إلا أنه وبعد انتهاء التفتيش والاستجواب، قال له أحد الضباط، إن الرصاصات التي سمع دويها للتو، استقرت في قدمي عبد الرحمن بداعي أنه حاول الفرار من الاعتقال.
اللاشيء فقط حسب أحمد عزام، هو ما يبرر قيام جنود الاحتلال بإطلاق النار على شاب كان في قبضة نحو ثلاثين جنديا، وتم اعتقاله بمجرد أن وصل المنزل دون أي مقاومة، وبعد أن قام بتسليمهم بطاقته الشخصية.
والدافع الوحيد الذي يعتقد أنه أقرب للتصديق، هو بحثهم عن أي تهمة تبرر قيامهم بإطلاق النار على ساقي أسير، "يبحثون عن أي تهمة حتى يبرروا الجريمة التي اقترفوها" يقول والد عبد الرحمن.
العائلة حتى الآن لا تعلم أي شيء عن مصير ابنها الذي اعتقل مدميا، زعم الاحتلال قيامهم بنقله للعلاج في مستشفى بالقدس، إلا أن تلك التطمينات لا يُعتد بها.
لم تكن نعيمة فرج، تعلم أن العشرات من جنود الاحتلال الذين حاصروا لعدة ساعات صباحا منزل العائلة، في بلدة سلواد شرق رام الله، يحتجزون ابنها عبد الرحمن جريحا.
قالت لها ذلك جارتها خلال اتصال، أكدت فيه أنها شاهدت عبد الرحمن في قبضة جنود الاحتلال، وهو ينزف.
تروي نعيمة أن ابنها كان عائدا إلى المنزل صباحا، والجنود في كل مكان، تفاجأ بهم، طلبوا منه التعريف عن نفسه ففعل، وحين تأكدوا من هويته قاموا باعتقاله، ثم أطلقوا النار على قدميه.
وتقول: "فتشوا بصحبة كلابهم المنزل والمخزن والسيارات دون جدوى، ولم يعثروا على ما يمكن أن يشفع لهم في تبرير استهداف أسير بإطلاق النار".
وعن التحقيق الذي خضع له أفراد الأسرة، تقول: إنه كان يدور عن دور عبد الرحمن في المواجهات التي تشهدها سلواد وعن سلاح يزعم الاحتلال أنه يمتلكه.
قال لها الضابط: "رأيت بأم عيني ابنك يحمل سلاحا"، نفت صحة ذلك وردت: "إذا رأيته بأم عينك فلماذا لم تأخذه منه ولماذا لم تجده بعد كل هذا التفتيش"؟
وتشارك نعمة زوجها في الرأي بأن الاحتلال كان كالغريق الذي يفتش عن قشة لينجو بها من جريمة إطلاق النار على أسير.
وصباحا، اعتقلت قوات الاحتلال 4 شبان من بلدة سلواد شرق رام الله.
وإلى جانب الشاب عبد الرحمن عزام (24 عاما)، اعتقل الاحتلال عبد القادر حمّاد (23 عاما)، وعز الدين محمد صبح، ومحمد لطفي نمر، بعد مداهمة منازلهم، وتفتيشها.
واقتحمت قوات الاحتلال صالون للحلاقة يملكه المعتقل عبد القادر حماد، وحطمت محتوياته.
وخلال الشهرين الماضيين، اعتقلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن خمسين مواطنا من سلواد، 15 منهم في الحملة العسكرية التي تلت إغلاق المدخل الغربي للبلدة.
وترزح سلواد منذ 11 يوما تحت حصار وانتهاكات وعمليات تنكيل يومية واسعة، بزعم البحث عن منفذي عمليات إطلاق نار مزعومة.
ووفقا لرئيس البلدية رائد حامد، فإن الحملة المسعورة والهمجية التي تتمثل بالاقتحامات وإطلاق النار والاعتقالات واستهداف المنازل وتحطيم محتوياتها وإغلاق المداخل، إنما تعكس حالة تخبط يعيشها الاحتلال، وتنعكس على شكل عقوبات جماعية تستهدف البلدة التي يقطنها 15 ألف نسمة.
وأغلق الاحتلال المدخل الغربي لسلواد بسواتر ترابية، في 21 من آب/ أغسطس الجاري، ما يمنع الأهالي من دفن موتاهم في مقبرة البلدة، ويحول دون وصولهم إلى الأراضي الزراعية ويهدد بأزمة بيئية، عدا عن تداعيات ذلك على حقيّ التعليم والتنقل.
وأوضح رئيس البلدية، أن المقبرة تقع في الجانب الآخر من سلواد خلف السواتر الترابية التي يغلق بها المدخل الغربي، وهذا يشكل عقابا للأموات الذين سيمنع دفنهم هناك.
ونوه حامد، إلى أن تبعات الإغلاق والاقتحامات تنحسب على انتظام العملية التعليمية، لا سيما وصول الطلبة والمعلمين، الذين ينتقلون بين سلواد ويبرود إلى المدارس في الوقت المناسب، عدا عن منع حركة مواطني المنطقة الشرقية من محافظة رام الله والبيرة على الطرق الرابطة مع محافظات القدس ونابلس وأريحا.
وأضاف، أن استمرار إغلاق الاحتلال للمدخل الغربي سيخلق أزمة بيئية، فمكب النفايات يقع خلف السواتر الترابية، وكذلك لن تتمكن سيارات نضخ المياه العادمة من التوجه إلى المكب المخصص في منطقة عين سينيا المجاورة.
المصدر : وفا