في علاقتنا مع أطفالنا نواجه كثيرا من التحديات كأننا في مغامرة لا تنتهي، كل يوم في رحلتنا التربوية يحمل داخله مواقف وردود أفعال مختلفة، نتعلم فيها معهم ونحن نعلمهم.
وخلال الرحلة هناك جولات من خيبات الأمل التي تشعرنا بأن الطريق صعب وما نقوم به بلا جدوى، فعندما يقابل الأبناء توجيهات الآباء بالرفض أو العناد أو الردود غير اللائقة فهذا يشعرهم بالحزن والإحباط.
لماذا يضحك طفلك؟
تقول المستشارة التربوية والأسرية ومدربة البرمجة اللغوية العصبية، مروة راجح، إن الطفل يلجأ عادة إلى الضحك في أثناء توبيخه لسببين، الأول يسمى "حيلة دفاعية"، وتنقسم إلى 3 أقسام تختلف حسب شخصية الطفل:
الإنكار، ويعني أن يشعر الطفل من داخله "أنا لا أصدق أن هذا يحدث، وهو لا يحدث لي، ودليل ذلك أنني أضحك".
نوع من أنواع الهجوم، "ما تفعلينه يا أمي لن يأتي بنتيجة معي، توقفي عنه فهو لا يجدي"، وهذا النوع عادة يكون داخل شخصية طفل ضعيفة وحساسة تحاول الدفاع عن نفسها في مواقف التوبيخ بسلوك الضحك.
التخدير، "أنا لا أريد الإحساس بهذه المشاعر السيئة، ولا أستطيع تحملها"، فتجد هذا الطفل يضحك على شكل أمه وهي غاضبة، وكأنه يخدر نفسه من الشعور بالعار أو الألم مما فعل رغم إحساسه به.
عندما يصبح الضحك انتقاما!
وتابعت مروة راجح حديثها عن السبب الثاني وراء ضحك الطفل، كرد فعل منه أو إجراء، عندما يكتشف أن هذا السلوك نوع من أنواع الانتقام من أمه، وكأنه يقول "سأنتقم منك باستفزازك بتصرفاتي حتى أضايقك".
وتوضح الفرق بينهما فتقول إن "الحيلة الدفاعية تكون بشكل لا واع، ومهما واجهته الأم لا يمكنه رؤية ما يفعله".
وأشارت إلى أن قلة من الأطفال (من 9 أنماط يوجد نمطان فقط يفعلون ذلك) عند مواجهته بسلوكه الضاحك فإنه يعترف بوضوح بفعلته، ويقول "فعلت هذا حتى أغيظها"!
ولأن هذا السلوك لا يسبب مشاكل للوالدين فقط، وإنما قد يسبب مشاكل للآخرين من حوله لأنه في النهاية يمثل خللا أو إخفاقا في التواصل، وجب على الأبوين مواجهته والتعامل معه.
المصارحة أساس كل شيء
وتوضح راجح بعض الأساليب العملية للحدّ من سلوك الضحك غير المرغوب فيه، كتلك التي تعتمد على المصارحة، بأن تعبّر الأم عن مشاعرها بوضوح لابنها "حينما أوبّخك وأنت تقابل ذلك بالضحك، هذا يجعلني أغضب وأعاقبك لأن هذا التصرف معناه أنك غير مهتم بي، فعندما أكون غاضبة أو حزينة وأنت سعيد، هذا يسبب لي الشعور بالألم، فأصبح غاضبة ومتألمة".
وتوضح له أن هذا الشعور لا يقتصر عليها فقط وإنما أي شخص يفعل معه هذا السلوك فهو يتألم، وهذا يستدعي العقوبة.
التنبيه أول خطوة في العلاج "لا تفعل ذلك"، ثم تعريفه بوسيلة عقابه، وأخيرا إيقاع العقاب الذي يكون على الفعل الأساسي الذي استدعى التوبيخ، وعلى سلوك الضحك أيضا.
وتؤكد مروة أهمية توضيح الأم لطفلها أنه المسؤول عن الاختيار، "فأنت من اختار سلوك الضحك، ويمكنك التوقف عن ذلك حتى لا تعاقب".
طفلك يحمي نفسه بالضحك
تقول الكاتبة لوان مارلو في مقالها "لماذا يضحك طفلك عند التأديب؟"، إن عليك أن "تتذكري أن الغاية من الانضباط هي تعليم أطفالنا، وما نبحث عنه هو تغيير السلوك، وليس بالضرورة كيف يتفاعلون معنا في أثناء تعلمهم ذلك".
فلدى طفلك استجابة حماية ذاتية، يتصرف كأنه لا يهتم عندما يواجه مشكلة لأنه يحمي احترامه لذاته، ولا يريد أن يراه أحد يشعر بالخجل أو الإحراج أوالأذى.
ويمكن رؤية ذلك السلوك لدى الأطفال الذين يواجهون كثيرا من المشاكل، وفي مرحلة ما قبل المدرسة، كذلك الأطفال المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والمندفعون الذين لا يعرفون حتى ما الخطأ الذي فعلوه. ويحتاج هؤلاء الأطفال إلى الشعور ببعض النجاح لتحفيزهم والحصول على بعض المساعدة لتحسين سلوكهم.
الغضب يشعرهم بفقدان الأمان
وتوضح مارلو أن الأطفال الصغار قد يشعرون بفقدان الأمان والقلق عند توبيخهم، فنبرة صوتك العالية أو غضبك يعني لهم أنك لا تحبهم، لذا من المهم إظهار عاطفتك حتى لو كنت غاضبا من أطفالك، كأن تقول "أنا أحبك ولكني لست سعيدا لأنك فعلت كذا"، أو يمكنك احتضان طفلك وأنت تتحدث معه عن سلوكه الخطأ.
التجاهل قد يكون الحل
وتقدم الاختصاصية الاجتماعية والمعالجة النفسية كلير ليرنر في مدونتها الشخصية نصائح عملية لمواجهة سلوك الضحك لدى الأطفال في أثناء التأديب، وتقول "إذا ضحك طفلك في أثناء تأديبه فتجاهله لأن إخباره بالتوقف أو سؤاله عن سبب ضحكه يعزز هذا السلوك، فضلا عن أن بعض الأطفال لا يعرفون سبب رد فعلهم بهذه الطريقة".
وتقدم ليرنر هذه النصائح للتعامل مع تلك المواقف:
ناقشي ما حدث مع طفلك عندما يكون هادئا، فعندما يكون الأطفال غاضبين لن يمكنهم التفكير واستخدام المنطق، فلا تتعجلي التحدث إليه عند حدوث المشكلة.
أعيدي سرد القصة، وحاولي التوقف للسماح لطفلك بالاستجابة، واشرحي كيف أنه في بعض الأحيان يفهم الناس الأشياء بطريقة لا يقصدها الشخص الآخر.
إن إعادة سرد الحادثة دون إصدار أحكام يقلل الدفاعية، ويزيد احتمال شعور طفلك بالأمان عند النظر إلى مشاعره وردود أفعاله، وهي خطوة مهمة تمكنه في النهاية من تحمل مسؤولية سلوكه وجعله إيجابيا.
المصدر : الوطنية