تقرير/ وجيه رشيد
من غزة إلى الكوكب الأحمر، حكاية حلم حققه المهندس الفلسطيني لؤي البسيوني من بلدة بيت حانون شمال القطاع، بعدما حطت طائرة "الهليكوبتر" على سطح المريخ، في إنجاز علمي فريد من نوعه.
"براعة هليكوبتر المريخ mars helicopter ingenuity" هو اسم الطائرة التي أطلق عليها المهندس البسيوني (42 عامًا) والتي استغرق تصميمها وبرمجتها 5 أعوام مليئة بالمثابرة والدراسات المعمقة والأبحاث العلمية المكثفة.
وتمثل "هليكوبتر المريخ" أول طائرة تحلق في كوكب آخر خارج الأرض، والتي من شأنها أن تحقق طفرة علمية في علوم الفضاء، حيث يبلغ وزنها (1.8 كيلوجرام).
وقال البسيوني، المقيم بولاية كاليفورنيا الأمريكية، خلال حديثه لـ "الوطنية"، إن نجاح هذه الطائرة يمثل نجاحًا كبيرًا للبشرية جمعاء، وهو أول إنجاز علمي من نوعه لم يسبق لأحد تحقيقه.
وأنهي المهندس الفلسطيني دراسة الثانوية العامة في غزة عام 1997 بحصوله على معدل 96%بالفرع العملي، ليُحلق بعدها في سماء الاختراعات بعدما سافر إلى أمريكا عام 1998 ليكمل طريقه العلمي بدراسة بكالوريوس في "الهندسة الكهربائية والكمبيوتر"، وحصوله على درجة الماجستير في "هندسة الكهرباء" مع جزء من دراسات "هندسة كمبيوتر"، ليحقق حلمه في العمل بالطاقة البديلة.
أجزاء المركبة
وتتراوح المسافة بين كوكب الحياة والكوكب الأحمر من 34 إلى 250 مليون ميل (54.7 إلى 402.3 مليون كلم).
وتعد "هليكوبتر المريخ" جزء إضافي من الروبوت Perseverance "المثابرة"، حيث وضعت في بطن الروبوت (يعمل الروبوت عن طريق مولد كهربائي على الطاقة النووية)، وتم وصلها بأسلاك كهربائية لشحنها طوال الرحلة عن طريق المولد الكبير الموجود في الروبوت.
وبعد انفصال الطائرة عن مركبة "المثابرة"، يتم شحن بطارياتها عن طريق الطاقة الشمسية بعدما تم تزويدها بالألواح الشمسية.
وتستطيع المروحية أن ترتفع حتى خمسة أمتار، وتتحرك حتى مسافة 300 متر، لكنها ستجتاز مسافة أقل بكثير في الاختبار الأول.
وأشار البسيوني، إلى أنه كان جزءًا من فريق مكون من 5 أشخاص مختصين في تصميم وبرمجة المركبة في وكالة "ناسا" الأمريكية، لافتًا إلى أنه كان هناك فريقين الأول من JPL "ناسا"، والثاني هو فريق "الهليكوبتر" الذي عمل على تصميم الطائرة.
وJPL هو مختبر الدفع النفاث، وهو أحد مراكز البحوث والتنمية المُمولة من طرف الحكومة الفدرالية للولايات المتحدة الأمريكية ووكالة "ناسا".
وأوضح أنه قام برفقة فريقه بإجراء دراسة معمقة حول إمكانية طيران طائرة في كوكب آخر وبناء عليه شرعنا في تصميم المروحية، منوهًا إلى أنه كان المسؤول في قسم الهندسة الكهربائية وتصميم نظام الدفع الهوائي "المواتير" وآلية التحكم.
10 دقائق من الرعب
وقال البسيوني، إن الرحلة انطلقت في 30 يوليو العام الماضي، ووصلت إلى سطح المريخ في 18 فبراير العام الجاري، بعدما حطت أقدامها على كوكب المريخ بسلام.
وبين أنه بمجرد وصول الرحلة إلى سطح الكوكب الأحمر فهو بمثابة نجاح عظيم، حيث كان المشروع الأساسي يجمع 20 شخصًا، لافتًا إلى أنه بلغ عدد فريق تصميم المروحية "الهيكل ونظام التحكم" 5 أشخاص.
ويصف لحظة وصول الرحلة إلى أفق المريخ بالشيء العظيم، الذي رافقه 10 دقائق كاملة من الرعب، معللًا ذلك بأنه كان هناك نيازك قريبة "فأي خطأ غير مقصود فستتبخر 5 سنوات من العمل والدراسة ".
لحظة الاستقرار
وقال إنه بمجرد وصول "المثابرة" إلى سطح الكوكب أرسل رسالة بالوصول، لكن في نفس الوقت لم ترسل "الهليكوبتر" أي رسالة إلا بعد يومين، منوهًا إلى أن نقطة النجاح الأولى كانت لحظة وصول الروبوت إلى السطح، والثانية بعدما أرسلت "الهيلوكوبتر" رسالة شحنها عن طريق الطاقة الشمسية والعمل بنجاح.
وبين أنه تم تحديد المكان الذي ستحط الطائرة أقدامها عليه، حيث تم اختياره بعناية وبشكلٍ محدد عن طريق فريق متخصص، مؤكدًا أن مدة الدراسة وصلت إلى 3 سنوات لمعرفة أفضل مكان لتحط الطائرة على الكوكب.
طقس المريخ
وأوضح أن طقس الكوكب أخذ بعين الاعتبار أثناء التصميم، منبهًا إلى أن هناك كتير من العلوم الفرضية التي تم دراستها في علم الفيزياء والفضاء.
وأضاف أن هناك أمور لا نستطيع إثباتها بسبب عدم تمكن أحد من البشر الذهاب إلى الكوكب الأحمر لإجراء دراسات علمية متعلقة في الهواء والتربة.
وتابع: "قبل إرسال الطائرة قمنا بإجراء العديد من الفرضيات، المتعلقة بنجاح طيرانها، حيث أنها تحتاج إلى عوامل لرفعها كالهواء الموجود على كوكب الأرض الذي يمكننا دراسته حتى تستطيع الطائرة التحليق في السماء".
وأردف: "لكن في كوكب آخر ليس لديك هذه الإمكانيات، فيجب القيام بدراسات عميقة وشديدة مبنية على العلوم حتى تستطيع الطائرة التحليق لمسافة معينة في الفضاء".
ونبه إلى أن التربة على سطح المريخ غبرية (تربة ناعمة جدًا)، حيث كان تصميم الأقدام للطائرة دقيقًا حتى لا تعلق الأقدام داخلها.
وأوضح أن درجة الحرارة الموجودة بها "الهليكوبتر" ستكون أكثر الأيام برودة فيه 100 تحت الصفر، وأكثر الأيام حرارة ستكون صفر، وهذه تعد مشكلة كبيرة.. "فالطائرة تحتوي على بطاريات لا تعمل تحت درجة معينة فقمنا بإجراء دفايات داخلية للبطاريات فالليل".
واستطرد: "سنكمل المشوار حتى تحقيقه، وهناك دراسات تجرى لعمل بعض الأمور في الفضاء الخارجي تخص الطيران الكهربائي المستقبلي".
فخر واعتزاز
وعبر البسيوني، عن فخره واعتزازه بالبلدة التي ولد بها، مستكملًا: "كل شخص لديه طريقه للنجاح وأقوم باستمرار بتشجيع جميع الفلسطينيين لدراسة مثل هذه المجالات، فليس هناك أفق للنجاح، فعلى الجميع المحاولة والمثابرة والجد والاجتهاد فنهاية الطريق سيكون النجاح".
وأطلقت 3 دول مهام لاستكشاف الكوكب الأحمر، أولها مسبار "الأمل" الإماراتي، والثاني مسبار "تيانون - 1" الصيني، ، والثالث هو مسبار "بريسيرفنس" الأمريكي.
مسبار "الأمل" الإماراتي
أطلق في 19 يوليو 2020 إلى المريخ ووصل في 9 فبراير 2021.
يعد أول مهمة عربية إلى الكوكب الأحمر.
مهمته دراسة مناخ المريخ وطبقات الغلاف الجوي.
الحد الأدنى للمهمة 687 يومًا أرضيًا أو (عام مريخي).
مسبار "تيانون-1" الصيني
أطلق في 23 يوليو 2020 إلى المريخ ووصل في 10 فبراير 2021.
يعد أول مهمة صينية إلى الكوكب الأحمر.
مهمته البحث عن المياه الجوفية وآثار حياة قديمة.
الحد الأدنى للمهمة 687 يومًا أرضيًا أو (عام مريخي).
مسبار "برسفيرنس" الأمريكي
أطلق في 30 يوليو 2020، ووصل المريخ في 18 فبراير 2021.
مهمته البحث عن آثار حياة ميكروبية قديمة.
الحد الأدنى للمهمة 687 يومًا أرضيًا أو (عام مريخي).
المصدر : الوطنية - وجيه رشيد