على مدى 6 سنوات والمفاوضات تتواصل بين إثيوبيا ومصر بشأن سد النهضة دون أن تحقق الأخيرة تقدمًا يذكر بشأن الملف الذي يهدد أمنها المائي وينذرها بعواقب وخيمة.
وعلى مدى عقود كان الموقف المصري قويًا بشأن إقامة أي سدود على نهر النيل في دول المنابع، وذلك استفادة من اتفاقيات سابقة وقّعت أعوام 1902 و1929 و1959 تعطي مصر -باعتبارها دولة المصب- ما يشبه حق الفيتو على إقامة أي سدود تؤثر على حصتها من مياه النهر الأطول في العالم.
لكن الخطر على مصر جاء من حيث لا يحتسب شعبها، حيث وقّع رئيسها الحالي عبد الفتاح السيسي في 2015 اتفاقا مع إثيوبيا والسودان تم الإقرار فيه بحق إثيوبيا في بناء السد الذي تقول إنه مهم لمستقبل التنمية بها.
وتدريجيا بدأت المطالب والآمال المصرية بشأن السد تتقلص، لتتحول إلى ما يشبه الإقرار بالأمر الواقع مع السعي لإقناع إثيوبيا بتمديد فترة ملء بحيرة السد لأطول مدة ممكنة، وذلك لتقليص الأضرار المتوقعة على مصر.
صيغة فضفاضة
وتشير التوقعات إلى أن بحيرة السد ستستوعب نحو 74 مليار متر مكعب من المياه، وتريد إثيوبيا ملء البحيرة خلال فترة تمتد بين 4-7 سنوات، فيما تريد مصر أن تمتد هذه الفترة إلى 10 سنوات على الأقل، مع الاتفاق على منظومة قانونية تحكم إدارة التدفق المائي خلال سنوات الجفاف.
واكتفى اتفاق إعلان المبادئ -الذي وقعه السيسي عام 2015 مع زعيمي إثيوبيا والسودان- بالاتفاق على ملء خزان السد على مراحل وبصورة "تعاونية"، وهي صياغة فضفاضة لم يكن ممكنا أن تلزم إثيوبيا بما تراه مصر الآن ضروريا لها بل حقا مكتسبا منذ عشرات السنين.
ورغم وجود نقاط خلافية أخرى فإن نقطة المدة الزمنية لملء بحيرة السد كانت محل الخلاف الأبرز، وهو ما نعرض تفاصيله فيما يلي اعتمادا على ما سبق أن وضحته الجزيرة نت في تغطية لها عن هذا الموضوع.
سيناريو 21 سنة
إذا تم ملء خزان سد النهضة خلال 21 سنة -وهو أمر بات شبه مستحيل- فإن من المتوقع أن يزداد العجز المائي في مصر بمقدار 3 مليارات متر مكعب سنويا أو ما يقارب 5% من موازنة مصر الإجمالية من المياه سنويا (60.8 مليار متر مكعب، بينها 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل)، وحتى مع هذا الانخفاض الطفيف نسبيا ستكون هناك خسارة بنحو 750 ألف فدان (3035 كيلومترا مربعا تقريبا) أو نحو 2.5% من المساحة الزراعية في مصر، لكن ذلك لن يتسبب في زيادة كبيرة في معدل البطالة، ويبقى هذا السيناريو هو الأقل خطرا بالنسبة لمصر.
سيناريو السنوات العشر
في حال ملء خزان سد النهضة خلال هذه المدة سيزداد العجز المائي في مصر بمعدل 8 مليارات متر مكعب سنويا، أي ما يقارب 14% من موازنة مصر المائية الإجمالية السنوية.
وقد يؤدي ذلك في حالة عدم تغيير طرق الري إلى بوار وتصحر قرابة مليوني فدان (نحو 8035 كيلومترا مربعا)، أي نحو 18% من مساحة مصر الزراعية، وهو ما يعني فقدان 6% من إجمالي القوى العاملة، وارتفاع معدل البطالة إلى 17% من 11% حاليا.
سيناريو السنوات السبع
في هذه الحالة، سيزيد العجز المائي في مصر بمعدل 12 مليار متر مكعب سنويا، أي نحو 22% من إجمالي موازنة مصر الإجمالية السنوية من المياه، وبالتالي فقدان نحو 3 ملايين فدان (نحو 12 ألفا و140 كيلومترا مربعا) أي نحو 30% من المساحة الزراعية لمصر، وسيؤدي ذلك إلى فقدان 9% من إجمالي القوى العاملة كحد أدنى، وارتفاع معدل البطالة إلى 20%، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام مضاعفات اقتصادية واجتماعية خطيرة.
سيناريو السنوات الخمس
إذا قررت إثيوبيا تطبيق هذا السيناريو فسيزيد العجز المائي في مصر بمعدل 20 مليار متر مكعب في السنة، أي 36% من موازنة مصر الإجمالية السنوية من المياه، مما سيؤدي إلى بوار وتصحر 5 ملايين فدان (نحو 20 ألفا و234 كيلومترا مربعا)، أي ما يعادل 50% من مساحة مصر الزراعية، وسيترتب على ذلك فقدان 15% من إجمالي القوى العاملة كحد أدنى، وارتفاع معدل البطالة إلى 27% على أقل تقدير، وسينعكس كل ذلك بشكل خطير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
سيناريو السنوات الثلاث
يعد هذا السيناريو الأخطر بالنسبة لمصر، إذ ستكون هناك عواقب وخيمة لملء سد النهضة خلال هذه المدة القصيرة، وستفقد مصر نحو 27 مليار متر مكعب من المياه، أي نحو 50% من إجمالي موازنتها المائية السنوية، وتبعا لذلك ستخسر نحو 6.75 ملايين فدان (20 ألفا و234 كيلومترا مربعا)، أي 67% من مساحتها الزراعية تقريبا.
وسيتسبب ذلك في فقدان 21% من إجمالي القوى العاملة على أقل تقدير، وارتفاع معدل البطالة في البلاد إلى 34% كحد أدنى، وستكون من تبعات ذلك مخاطر اجتماعية واقتصادية محدقة، مثل ارتفاع معدلات الجريمة وزيادة احتمالات النزوح والهجرة غير النظامية.
المصدر : وكالات