كشف عضو المكتب السياسي لحركة حماس، موسى أبو مرزوق، عن رفض حركة حماس عدة وساطات لفتح حوار مع الفريق الأمريكي، لسبب أن حركته مدركة أن أمريكا منحازة ولا تعمل لصالح القضية الفلسطينية.
وأكد أبو مرزوق، أن حماس رفضت التعاطي مع "صفقة القرن" منذ الأيام الأولى للحديث عنها، مضيفًا:" صفقة القرن الأمريكية ليست قدر الفلسطينيين (..) الفلسطينيون هم من يصنعون مستقبلهم، وليس الولايات المتحدة أو الاحتلال الإسرائيلي".
وقال في حوار مع وكالة الأناضول التركية، إن صفقة القرن هي "إملاء من طرفٍ قوي على طرفٍ ضعيف"، مؤكداً ضرورة التمترس خلف الرفض الفلسطيني الموحد، باعتباره صمّام الأمان لقتل أي فرصة لتطبيق هذه "الصفقة المشؤومة"، وفق وصفه.
وطالب بتحقيق الوحدة الوطنية، لمواجهة الخطة الأمريكية للتسوية، المعروفة باسم "صفقة القرن"، مناديًا باستنفار "كل قوى الشعب الفلسطيني في أماكن تواجده، وضرورة اعتماد برنامج وطني جامع يرتكز على مقاومة الاحتلال، تتكامل فيه الجهود وتُنظم فيه القوى بعيدًا عن الهيمنة والانتهازية".
وأضاف: "لا يوجد في التاريخ انتصارٌ على الاستعمار بدون وحدة وطنية، وبرنامج وطني على طريق طرد الاحتلال، فلننتصر على ذواتنا كي تنتصر قضيتنا".
واعتبر أبو مرزوق، أن "الاقتراح الأمريكي لا يساوي الحبر الذي كُتب به، وهو نُكتة سمجة تعكس حجم الانحياز للعدو الإسرائيلي".
وتابع:" "كل المشاريع التي مرت علينا- وهي بالمئات- لم تُغير من الواقع شيئًا، وبقي الصراع والتدافع، ولذلك هذه الصفقة ستلحق بما سبقها من صفقات ومشاريع".
وشدّد أبو مرزوق على أن الشعب الفلسطيني بمختلف مكوناته مُطالب بأن يسير في عدّة اتجاهات في إطار مواجهة صفقة القرن، وأوّلها: تحقيق وحدة وطنية ناجزة، بغض النظر عن الكيفية والآليات.
وأكد أنه لا يوجد في التاريخ انتصارٌ على الاستعمار بدون وحدة وطنية، وبرنامج وطني على طريق طرد الاحتلال، مطالبًا بضرورة "وقف المسار الحالي لمنظمة التحرير باعتباره المسؤول عما وصلنا إليه". واعتبر أن "التسوية السياسية في ظل الظروف الراهنة خسارة فادحة للقضية الوطنية".
ودعا إلى "إنهاء الارتباط بالاحتلال الإسرائيلي، وسحب الاعتراف به، ووقف كافة أشكال التنسيق الأمني، وتحمُّل ما ينتج عن ذلك من تبعات".
وفي الشأن الداخلي، جدّد أبو مرزوق ترحيب حركته بلقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسعيها لتذليل الصعوبات أمام أي لقاء فلسطيني – فلسطيني، آملاً أن ينتج عن ذلك خطوات حقيقية لإنهاء الانقسام ومواجهة مُخطط التصفية.
ودعا في هذا السياق إلى المبادرة بعقد لقاء وطني للأمناء العامّين للفصائل الفلسطينية، تنبثق عنه رؤية وطنية واستراتيجية عمل واضحة، مع خطوات تُعزّز موقف مواجهة الاحتلال وصفقة القرن.
وطالب أبو مرزوق، الرئيس الفلسطيني بالتنصل من جميع الاتفاقيات المُبرمة مع إسرائيل، وتحديداً اتفاق "أوسلو" وملحقاته الأمنية والاقتصادية.
وأكد أن إفشال صفقة "تدمير القضية الوطنية" (صفقة القرن)، لا يكون عبر المفاوضات، ولا الاستمرار في التنسيق الأمني تحت عنوان محاربة "الإرهاب"، ولكن "بإنهاء مسار التسوية السياسية تحت الرعاية الأمريكية، ووحدة وطنية وبرنامج مشترك نقاوم فيه الاحتلال ولا نساومه"، بحسب أبو مرزوق.
وفيما يتعلق بملف الانتخابات الفلسطينية الداخلية، قال أبو مرزوق إنه لا جديد بخصوصها، مُعتبراً أنها لم تعد الموضوع الأساس على الساحة الفلسطينية حالياً، في ظل الحدث الأبرز وهو صفقة القرن، وسُبل مواجهتها.
وقال إن هذه القضية "مُعلّقة في ظل انتظار أبو مازن (الرئيس الفلسطيني) رد إسرائيل على طلب السماح بإجرائها في القدس"، مُتوقعاً أنه (عباس) لن يقوم بإجرائها قبل استلام الرد "الذي لن يأتي"، على حد تعبيره.
ولفت مسؤول مكتب العلاقات الدولية بحماس إلى إجراء حركته اتصالاتٍ مع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية؛ لثنيها عن اتخاذ مواقف مُرحّبة بالصفقة، أو لتعزيز موقفها الرافض لها.
وأردف قائلاً "على الصعيد الفلسطيني بادرنا بالتواصل مع حركة فتح، ودعوتها لتجاوز الخلاف وإنهاء الانقسام؛ لأنه يتحتم علينا تمتين الصف الفلسطيني في مواجهة الصفقة، وعدم الانشغال بالتنافس والخلافات في هذه المرحلة".
وأشار إلى ضرورة السعي لتصليب الموقف الرسمي العربي والإسلامي بمختلف الوسائل، وتفعيل وسائل الضغط الشعبية، ومؤسسات المجتمع المدني، والأحزاب؛ لمواجهة الصفقة والتطبيع.
ولفت إلى أنه ما دام الصراع موجودًا ستبقى "إسرائيل" قلقة وغير مُستقرة، وقال" إننا نجحنا كفلسطينيين في المقاومة على الأرض، سيُحسم الصراع ولن تمر الصفقة".
واستنكر أبو مرزوق مشاركة عددٍ من سفراء الدول العربية في مؤتمر ترمب – نتنياهو للإعلان عن صفقة القرن، معتبراً ذلك "أمراً مؤسفاً للغاية"، و"شهادة عربية غير مسبوقة على محطة من محطات التآمر الأمريكية لشطب الوجود الفلسطيني".
واستدرك بالقول إنه من الخطأ الكبير أن نحوّل الصراع والخلاف إلى صراع داخلي بيننا كعرب، مطالباً -في نفس الوقت - الدول التي باركت الخطوة الأمريكية بأن تُعيد تفكيرها، وأن تعكس قراراً يُنصف الحق الفلسطيني برفض هذه السياسات.
وأضاف "لا نقبل بأن يُفرط أي طرف فلسطيني أو عربي أو دولي بحقوقنا المشروعة".
واعتبر أن "الضعف والتفرق الفلسطيني والعربي، والاجتهادات الخاطئة هي التي أوصلت إلى هذه النتيجة".
وأكد أبو مرزوق أن كلّ من اتخذ موقفاً مُناصراً لصفقة القرن من العرب سيندم على موقفه، وسيتوقف التاريخ أمام تلك المواقف، مُتسائلاً "هل هذا ما يريدون أن يورثوه لأبنائهم؟".
وحول الأوضاع الميدانية المتوترة في قطاع غزة، والتهديدات الأخيرة للمسؤولين الإسرائيليين، قال أبو مرزوق إن "الفلسطينيين ضحية احتلال عدواني يمارس القهر والإبادة الجماعية والتطهير العرقي، ويقاومون بكل ما يملكون دفاعاً عن حقوقهم، ونيابة عن الأمتين: العربية والإسلامية".
وبين أن حركته تُمارس "مقاومة عاقلة ترى المصلحة الدقيقة لشعبها، وتنحاز إليها في ظل تعقيد المشهد، وتداخل المتغيرات، والانقسامات الداخلية في المنظومة الوطنية وفي الأمة العربية والإسلامية، وبتقدير دقيق كذلك للمشهد الداخلي الإسرائيلي".
وبخصوص التهدئة في غزة، أكد أنها "لا زالت قائمة، وأن حركته مُلتزمة بالتهدئة ما دام الاحتلال الإسرائيلي ملتزماً بها".
وأشار إلى أن موجة إطلاق البالونات المتفجرة التي سادت خلال الأسبوعين الماضيين، انخفضت في أعقاب وصول الوفد الأمني المصري للقطاع الأسبوع الماضي.
واعتبر أن التصريحات الإسرائيلية الأخيرة تجاه غزة هي "محاولة لتضخيم الأمور تحقيقاً أهداف خبيثة"، مضيفاً أن "انتهاكات الاحتلال لا زالت مُستمرة، والطيران الإسرائيلي يجوب أجواء القطاع".
وردّ أبو مرزوق على تهديدات نتنياهو الذي قال" بإمكانية توجيه ضربة عسكرية وشيكة في غزة، قائلاً "لسنا مُسعري حروب ولا نسعى لها، ولكن إذا ما فُرضت علينا فسنقاتل بكل بسالة، وقد رأى الاحتلال جزءاً من حجم التطور الهائل في القدرة الصاروخية للمقاومة الفلسطينية".
وأكد عضو المكتب السياسي لحماس أن العلاقة مع مصر مستمرة وحاضرة، وأن حركته معنيّة بتطوير تلك العلاقة بما ينعكس إيجاباً على كلّ من الفلسطينيين والمصريين.
المصدر : الوطنية