عادت أنظار الإعلاميين والمحللين والعالم بأسره لتتجه من جديد نحو الصفقة الأمريكية لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني التي باتت تعرف إعلامياً باسم "صفقة القرن"، بعد عدة شهور من الجمود.

وخطف نائب الرئيس الأمريكي "مايك بينس" الأضواء وجذب وسائل الإعلام نحو تصريحاته الأخيرة بشأن دعوة بلاده لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب "أزرق-أبيض" بني غانتس، للتعرف على تفاصيل الخطة التي وضعها الرئيس ترمب قبل نشرها للعلن.

ويعد نتنياهو وغانتس في الوقت الراهن، قطبا الحلبة السياسية الداخلية بـ"إسرائيل" اللذان يتصارعان على كرسي الحكم، فالأول يحاول حفظ شيء من ماء وجهه بعد جملة الفشل التي لاحقته خلال الأشهر الماضية، أما الآخر فيحاول عرقلة ذلك بأي طريقة لصالحه.

ويكمن السؤال الذي يشغل بال الجميع الآن، لماذا اختار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إعلان الصفقة بهذا الوقت بالتحديد بالوقت الذي تطرق الانتخابات الإسرائيلية أبوابها؟ وهل لهذه الصفقة قيمة سياسية لـ"إسرائيل"؟.

"الوطنية" راقبت الأمر ورصدت من يتناوله الإعلام الإسرائيلي الذي تحدث بإيجاز عن "صفقة القرن" وسبب إعلان نشرها بهذا الوقت بالذات، إلى جانب حديثها مع الخبير بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر للتعرف على سبب ذلك، بالتزامن مع الأجواء المتوترة والساخنة بالحلبة الإسرائيلية قبيل عقد الانتخابات.

فالمحلل السياسي الإسرائيلي "ناحوم بارنياع" اعتبر أن إعلان واشنطن الخاص بـ "صفقة القرن" ودعوتها لنتنياهو وغانتس لزيارة البيت البيض ما هو إلا تدخل أمريكي بالانتخابات الإسرائيلية.

وأشار إلى أن نتنياهو يريد هذه الصفقة بأي شيء وذلك للحفاظ على كرسي الحكم ويكون طوق نجاة ومرساة بالنسبة له، مؤكداً أن نتنياهو يريد الصفقة بأي شكلٍ، فالأحداث في واشنطن ستشتت الانتباه عن مناقشات الكنيست حول الحصانة بسعادة غامرة.

وأوضح أنه في حال دعوة غانتس أيضاً فسيكون ذلك احتفالاً بين ترمب ونتنياهو، ولكن إذا فعل العكس فسوف يشعران بالحرج ويفقد "نتنياهو" الأصوات.

وحذر من أن نشر الصفقة قبل الانتخابات، سيغير بشكل أساسي المقاربة التي كانت مقبولة لجميع الحكومات الإسرائيلية، اليمين واليسار حول مبادرات التسوية الأمريكية.

من جانبه، قال الخبير بالشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر، إن دعوة الولايات المتحدة لنتنياهو وغانتس لزيارة واشنطن لاطلاعهما على تفاصيل "صفقة القرن" تهدف بالدرجة الأولى للتدخل بالانتخابات الإسرائيلية.

ورأى أبو عامر، خلال حديثه لـ"الوطنية"، في الاستدعاء الأمريكي لنتنياهو وغانتس الأسبوع المقبل لبحث "صفقة القرن"، بأنه يتمحور حول ثلاثة حقائق.

فالحقيقة الأولى، هو التدخل الأمريكي الفج في الانتخابات الإسرائيلية لصالح اليمين المتطرف، فيما تتمثل الحقيقة الثانية بتغييب كامل للفلسطينيين أصحاب القضية؛ والثالثة محاولة لفرض الصفقة على الأرض؛ وعلى المتضرر من ذلك تحضير بيانات الشجب والاستنكار.

وشدد على أن نتنياهو يريد أن تعلن الصفقة بأسرع وقت، لاعتقاده بأنها ستساعده بمسيرته الانتخابية المقبلةـ في حين أن مهمة غانتس كانت نقد كلا الخطتين "ضم غور الأردن والصفقة" وليس الانجرار خلفهما، مع أن تحصيل إجماع دولي على ضم غور الأردن غير متاح لإسرائيل، بحسب الخبير.

وأضاف: رغم الترحيب الإسرائيلي بدعوة ترمب لزعيميه للبحث في تفاصيل الصفقة قبل الانتخابات، لكن أصواتا إسرائيلية أخرى، ولو كانت خافتة، تعتقد أن إعلان الصفقة لن يساعد أحدا من المتنافسين الإسرائيليين، بل قد يسبب أضرارا كبيرة لإسرائيل فترة طويلة من الزمن.

ورغم كل المؤشرات التي تفيد بأن ترمب يريد إبراز صفقته بأي شكلٍ من الأشكال، لمساعدة الطفل المدلل لديه "نتنياهو"، فهذا يعني أننا كفلسطينيين نقف جميعاً أمام منحدر جديد وخطير من الصراع بالوقت الذي لن يكون هناك شريك فلسطيني ممكن أن يقبل بهذه الصفقة.

المصدر : الوطنية - وجيه رشيد