مع كثرة عمليات الانتحار ، يراود البعض تساؤولات عدة عن حكم الانتحار ، فما هو الحكم الشرعي في الانتحار ، وهل المنتحر كافر أم عاصى؟ وهل يصلى عليه ويدفن بمقابر المسلمين أم لا؟؟! كل ذلك ننشره لكم عبر "الوكالة الوطنية للاعلام" خلال السطور التالية :-

أكدت الأمانة العامة لدار الإفتاء إن الانتحار حرام شرعا؛ لما ثبت في كتاب الله وسنة النبي -صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين على حرمة الانتحار، فالمنتحر وقع فى كبيرة من عظائم الذنوب وكبائرها؛ إلا أنه مع وقوعه فى هذه الكبيرة لا يخرج عن الملة، ويظل على إسلامه، وبعد موت يكفن ويغسل ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين.

وأوضحت "الإفتاء" أن الانتحار هو قتل الإنسان نفسه، بأي شكل من الأشكال؛ مثل: الشنق، أو الحرق، أو تناول السموم، أو تناول جُرعة كبيرة من المخدرات، أو إلقاء نفسه فى البحر، أو غير ذلك، وأن الانتحار له أسبابٌ عديدة، منها: "ما يرجع إلى أمراض نفسية وعقلية؛ كالاكتئاب، والفصام، والإدمان، ومنها ما يرجع إلى عواملَ أخرى، مثل: المشاكل الاجتماعية أو الأُسرية أو العاطفية، أو الفشل في ناحية من نواحي الحياة، كالفشل الدراسي، ومنها ما يعود إلى الآلام والأمراض الجسمية العصيبة، أو غير ذلك.

وتابعت الدار بأن الانتحار من الآثام العظام والذنوب الكبار التي نهى ربنا عنه وتوعّد النبي صلى الله عليه وسلم فاعلها بالعذاب الأليم؛ لأنه دليل على ضعف الإيمان ورقّة الدين، قال تعالى: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أن اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾النساء: 29، 30، وقال تعالى: ﴿ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195وقال تعالى: ﴿ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ الفرقان: 68، 69، كما وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قتَل نفسه بحديدة، فحديدته في يديه يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومَن شَرِب سُمًّا، فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردَّى من جبل، فقتل نفسه، فهو يتردي في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا وروى البخاري، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الذي يخنق نفسه، يخنقها في النار، والذي يطعنها، يطعنها في النار».

واختتمت "الإفتاء" حديثها بأن الإنسان العاقل هو الذي لا يقدم على الانتحار مهما أصابه من بلاء الدنيا، بل يصبر ويحتسب مقتديًا في ذلك بالأنبياء والصالحين، ولا بد للإنسان أن يعرف أن الحياة الدنيا هي دار امتحان وابتلاء، قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ المَوتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُم أَيُّكُم أَحْسَنُ عَمَلًا}.

هل المنتحر يموت كافراً :-

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه، فسمه في يده يتحساه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً)، رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي، فهل معنى هذا أنه يموت كافراً؟

الجواب :

هذا الحديث مشكل؛ لأن ظاهره خلود المنتحر في النار، ومن المعلوم شرعاً أن النار لا يخلد فيها إلا الكافر، ولذا حمله العلماء على محملين:

الأول: أن هذا في حق من انتحر معتقداً عدم حرمة الانتحار؛ لأنه بهذا يكفر إذ أن حرمة الانتحار معروفة عند جميع المسلمين، ومن استحل حراماً من هذا النوع فقد كفر.

الثاني: أن المراد بالخلود هنا المكث الطويل في نار جهنم؛ لأن المكث الطويل يسمى خلوداً في اللغة، وعلى كلا الحالين فالانتحار جريمة عظيمة حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرض أن يصلي على قاتل نفسه، والمنتحر يفر من ألم الدنيا المحدود إلى ألم النار وهو أشد وأطول مدة، نسأل الله العفو والعافية .

المصدر : وطنية