للمرة الثانية خلال عام 2019 يقرر الرئيس محمود عباس تحريك ملف الانتخابات، وذلك بتوجيه لجنة الانتخابات المركزية الملتزمة بـ"القرار الرئاسي" فقط للقاء كافة قوى التمثيل الوطني الفلسطيني بالضفة وغزة، ومناقشة سبل إتمام العملية الانتخابية وإعادة اختيار ممثلي الشعب الفلسطيني وفق ما يلائمه ووفق ما يناسب المرحلة الحالية، حيث التقى ناصر، وحمله رسالة العمل والتشاور من أجل عقد الانتخابات التشريعية، والذهاب لغزة والاجتماع مطلع العام برئيس لجنة الانتخابات حنا مع "حماس" للوصول إلى نتيجة لإتمام "الخيار الديموقراطي".
إلا أنه وبالرغم من إعلان المواقف الإيجابية من قبل المجموع الفصائلي والتوافق على الجهوزية لأي طروحات لإتمام الانتخابات فقد فشل الحوار، حتى فاجأ الجميع في كلمته أمام الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك أواخر شهر سبتمبر الماضي أنه سيعلن فور عودته إلى رام الله عن موعد لإجراء الانتخابات العامة "رئاسية – تشريعية – بلدية" في كافة الأراضي الفلسطينية "الضفة الغربية – قطاع غزة – القدس".
ستجلس لجنة الانتخابات لاستكمال الحوار مع حركة "حماس" والفصائل بغزة دون أي حافظة وطنية موحدة لحماية صندوق الاقتراع لاختيار الشرعية الجديدة للشعب، مما يضع تحديات كثيرة تقف أمام إنعاش الحالة السياسية السيئة، كمقترحات تهدف إلى فصل غزة مطلقاً عن أي عملية مقبلة، وفشل جلسات المصالحة المطولة، وكذلك ممارسات حركة "حماس" في غزة، كاتهامها من قبل "فتح" بالتضييق على موظفي السلطة في معبر رفح وعدد من وكلاء الوزارات وغيرهم، وقمع حراك "بدنا نعيش" واتهام الحركة بغزة للسلطة بالوقوف ورائه لأهداف سياسية واضحة وغير واضحة، وتبادل التصريحات الهجومية طيلة "فترة الصراع الداخلي"، مما أفقد المكون السياسي الثقة بنفسه وأدى لانخفاض شعبيته.
وقال نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، مطلع الأسبوع الماضي، في تصريحات لإذاعة "صوت فلسطين" تابعتها الوكالة الوطنية للإعلام: من ناحية المبدأ فإن الذهاب للانتخابات مسألة محسومة، والرئيس تحدث عن ذلك في الأمم المتحدة، وبعد أن جاء من الولايات المتحدة، تم عقد اجتماعات حول جدول أعمالها، سواءً في اللجنتين المركزية للحركة أو التنفيذية للمنظمة، وعلى مستوى القيادة واللقاءات مع لجنة الانتخابات.
وأضاف: شكلت مجموعة من اللجان جميعها لديها مسؤوليات محددة، هي إزالة العقبات من أمام خيار إجراء الانتخابات التي لها علاقة تحديداً بالقدس، وضرورة أن تُجري بها، وفي كل أماكن الولاية الفلسطينية، قائلاً: بعد رحلة اللجنة للقطاع، ستنطلق مجموعة من الاتصالات مع حركتي "حماس" و "الجهاد" إضافة إلى حوارات بين قوى منظمة التحرير.
وأشار إلى أن الرئيس خلال الفترة الماضية، طلب من المصريين أن يبحثوا مع "حماس" وأن يجلبوا ورقة موقعة من المكتب السياسي، تقر بآليات اتفاق أكتوبر 2017، من أجل تطبيق كل الاتفاقيات السابقة والقبول بمبدأ الانتخابات.
كما وأشار إلى أن الرئيس خلال جولته الخارجية في نيويورك، تحدث مع قادة العالم في موضوع الانتخابات، ومدى حاجة الشعب الفلسطيني إليها، وطالبهم بالضغط على "إسرائيل" من أجل تنفيذ هذه العملية.
بدورها، توجهت الوكالة الوطنية للإعلام لعدد من فصائل التمثيل الوطني والتي من المقرر أن تشارك بالانتخابات لتشملها جولة اللجنة المقررة، لسؤالها عن جهوزيتها وقراءتها لدعوة الرئيس مؤخراً.
فأكد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أسامة الحاج احمد، أن هذه الدعوة "منقوصة"، معتبراً ذلك استباقاً للواقع وقفزاً عن الحقائق، وذلك لعدم وجود توافق وطني أو اتفاق علي برنامج وآلية واضحة للانتخابات.
وأضاف "لذلك الأن إجراء انتخابات في ظل الانقسام الفلسطيني يعمق الانقسام، واذا جرت بشق معين بالضفة دون غزة ودون القدس، ستكون بداية انفصال وليس انقسام وهذا هو الأمر الخطير"، داعياً لإجرائها بعد تشكيل حكومة وحدة وطنية لتوحيد مؤسسات الوطن وكذلك توفير المناخ المناسب والملائم بما يضمن نزاهتها وتنفيذ نتائجها.
وبخصوص أي مقترح لخوض الانتخابات في الضفة دون غزة أو القدس وغيرها من المقترحات التي صدرت على لسان بعض السياسيين الفلسطينيين، أكد رفض الجبهة تماماً لأي أطروحات تعزز الانقسام بل وتعزز نظرية الانقسام، مضيفاً "نريد إعادة الوحدة الوطنية للشعب الفلسطيني، من خلال قيادة واحدة موحدة ومنتخبة ومتفق عليها وفق التمثيل الكامل".
بدوره، أكد الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" حازم قاسم، أن حركته ستبلغ جميع الأطراف بموقفها وكذلك لجنة الانتخابات المركزية، للتوجه لانتخابات عامة رئاسية وتشريعية وفق القانون الفلسطيني وضمن توافق وطني كامل على كل تفاصيل هذه العملية، مضيفاً سنكرس كل جهود لجنة الانتخابات من أجل إجراء انتخابات بالفعل تعبر عن الشعب الفلسطيني.
وأضاف "الانتخابات يجب أن تكون نتاج توافق وأن وثيقة الفصائل الثمانية هي مدخل مناسب لتتحدث عن حكومة وحدة قوية قادرة على إدارة عملية الانتخابات وتهيئة الأجواء الإعلامية بوقف التراشق الاعلامي ووقف الاعتقال السياسي".
وشدد على ضرورة توحيد الأنظمة التي تشرف على الانتخابات من أجل الوقوف أمام استحقاق انتخابي يليق بالشعب الفلسطيني.
أما التيار الإصلاحي في حركة "فتح"، فقد جدد على لسان الناطق الرسمي باسمه عماد محسن، التأكيد على موقفه الداعي إلى إجراء انتخاباتٍ عامةٍ في عموم الأراضي الفلسطينية رئاسية وتشريعية وهيئات المحلية، موضحاً أنه دعوة تبناها التيار كحق أصيل لا تجوز مصادرته استجابة لإرادة الشعب بحسب القانون الفلسطيني الأساسي.
وأكد أن التيار على رغبته بالذهاب للعملية الانتخابية ضمن قائمة فتحاوية موحدة لا تهميش فيها ولا إقصاء، مضيفاً: إذا تعذر ذلك بسبب رغبة البعض في عدم توحيد فتح حينها سيكون التيار مضطراً للتوجه والمشاركة ضمن تيار وطني يضم شخصيات مستقلة ووطنية وجودها يمثل إضافة للحالة الفلسطينية الراهنة.
وشدد على ضرورة إتمام عملية التوافق الوطني قبل الذهاب للانتخابات العامة، مضيفاً "نحن على تواصل واطلاع كامل على ألية عمل لجنة الانتخابات المركزية وكافة النتائج من خلال علاقاتنا بفصائل العمل الوطني المجتمعة".
كما وأكد عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي نافذ عزام، في مهرجان نظمته الحركة في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أن الانتخابات ليست حلا للأزمة الداخلية الفلسطينية، موضحاً أن التوافق والمشروع الوطني أكثر أهمية من الانتخابات.
وتابع "الأهم هو أن يجلس الفلسطينيون معاً لإعادة الاعتبار للمشروع الوطني والوصول إلى توافق وطني، فقد جربنا الانتخابات ولم تصل بنا إلى حل حقيقي"، لافتاً إلى أن الرؤى والأفكار التي تطرح من أجل قضية فلسطين لا يمكن أن تمر، "ويجب على كل من يريد الوفاء للقادة أن يقف ضد كل هذه المحاولات في ظل الحديث عن صفقة القرن الأمريكية"، حسب قوله.
ومن الجدير ذكره، أن عدداً من النُخَب والأعيان بمدينة رفح جنوب القطاع، اتفقوا على اختيار أنور الشاعر رئيسا لبلدية رفح، خلفا للرئيس السابق صبحي أبو رضوان برعاية وزارة الحكم المحلي، حيث يأتي هذا التغيير بعد خطوة مماثلة لبلدية غزة وبلدية المغراقة وسط القطاع، مما اعتبرته بعض قوى التمثيل داخل منظمة التحرير رسالة سيئة في وجه لجنة الانتخابات التي وصلت القطاع لتنظيم العملية الانتخابية وفق معاير يتم الاتفاق عليها وطنياً وجماهيرياً وسياسياً.
المصدر : الوطنية - فادي بارود