شهدت اللحظات الأخيرة للرسول صلى الله عليه وسلم ، ألماً وتعباً كبيراً ، حيث كان مدة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت زوجته ميمونة ولما اشتد مرضه استأذن زوجاته أن يمرَّض في بيت عائشة، حيث توفى هناك .
فعندما دخل بيت عائشة أمر أن يُهريق عليه الماء فصبوه عليه لما كان يشعر به من الحمى.
وقال: ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر وهذا أوان انقطاع أَبْهَرِي من ذلك السمَّ، ولما تعذر عليه الخروج للصلاة، قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فقالت له عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق إذا قام مقامك لا يسمع الناس من البكاء، قال: مروا أبا بكر فليصلّ بالناس فعاودته مثل مقالتها، فقال: إنكن صواحبات يوسف، مروا أبا بكر فليصلّ بالناس، فصلى بهم سبع عشرة صلاة أولاها عشاء ليلة الجمعة وآخرها صبح يوم الاثنين.
وفي تقديم أبي بكر للصلاة إشارة إلى أنه الخليفة بعده، فقالوا: إن النبي ﷺ رضيه لديننا أفلا نرضاه لدنيانا؟ غير أن النبي خرج معصوب الرأس لأنه كان يشكو، وجلس في أسفل مرقاة من المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: «يا أيها الناس بلغني أنكم تخافون من موت نبيكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بُعث إليه فأخلد فيكم، ألا إني لاحق بربي وإنكم لاحقون بي فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيرا وأوصي المهاجرين فيما بينهم فإن الله تعالى يقول: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَنَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّلِحَتِ وَتَوَاصَوْاْ بِالْحَقّ وَتَوَاصَوْاْ بِالصَّبْرِ} (العصر: 1 - 3).
وإن الأمور تجري بإذن الله ولا يحملنكم استبطاء أمر على استعجاله، فإن الله عز وجل لا يعجل بعجلة أحد ومن غالب الله غلبه، ومن خادع الله خدعه، فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم وأوصيكم بالأنصار خيرا فإنهم الذين تبوأوا الدار والإيمان من قبلكم أن تحسنوا إليهم، ألم يشاطروكم في الثمار؟ ألم يوسعوا لكم في الديار؟ ألم يؤثروكم على أنفسكم وبهم الخصاصة؟ ألا فمن ولي أن يحكم بين رجلين فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا وإني فرط لكم وأنتم لاحقون بي، ألا فإن موعدكم الحوض، ألا فمن أحب أن يرده عليّ غدا فليكفف يده ولسانه».
وهذه آخر خطبة للنبي ﷺ فلم يصعد المنبر بعد ذلك اليوم، وقد أوصى المسلمين بالمحبة والاتحاد وصلة الرحم، المهاجرين منهم والأنصار، وهو في أشد حالات المرض ونهاهم عن التقاطع.
وحول تاريخ وفاة الرسول، فقد أجمع المؤرخون عل أن الله - سبحانه وتعالى - استأثر بروح نبيه يوم الإثنين 12 ربيع الأول سنة 11 هجرية ، وهو في الثالثة والستين من عمره، وكان يوم وفاته من أشد الأيام في تاريخ الإسلام والمسلمين.
كما و كان يومًا طويلًا صعبًا شديدًا على كلِّ أصحاب رسول الله -عليه الصلاة والسَّلام- وقد انتقل إلى جوار ربه مسلِّمًا الرسالة للصحابة الكرام ليؤدوها بعده .
المصدر : وطنية