تدوير حكومي أم لجنة إدارية جديدة؟، سؤال شغل بال المواطن في قطاع غزة خلال الفترة الحالية، بعد أن شهدت الوزرات والدوائر الحكومية تغييرات في قادتها ومسؤوليها، ما جعل ذلك المواطن يتفاجأ بهذا الحدث.
لقد قيل إن سبب التغيير، لضخ دماء جديدة بالوزارات التي تديرها حركة حماس من عام 2007، وأيضًا أمر قانوني لابد منه كل أربعة سنوات.
كان تغيير الوكلاء العامون واضحًا في عدة وزارات، منها: المالية والاقتصاد الوطني والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى ديوان الموظفين، حيث جاءت جميعها تحت مسمى "اللجنة الحكومية" التي يرأسها أمين عام مجلس الوزراء سابقًا في غزة محمد عوض.
هذه اللجنة التي كشفها مكتب "الإعلام الحكومي بغزة"، والتي تضم وكلاء الوزارات السيادية، تعقد اجتماعات دورية لمتابعة العمل الحكومي، علمًا أن رئيس اللجنة الحكومية محمد عوض، ونائب أمين عام مجلس الوزراء بغزة سهيل مدوخ، ورئيس ديوان الموظفين يوسف الكيالي، وكذلك الوكلاء الذين نسمع من الموظفين عن أسمائهم، لكننا ننتظر من الجهات المختصة الإعلان عنهم.
وقبل حوالي شهرين، جرى تعيين غازي حمد وكيلاً لوزارة التنمية الاجتماعية، خلفًا ليوسف إبراهيم الذي كان يشغل المنصب خلال السنوات القليلة الماضية. وكان حمد قبلها يعمل وكيلاً لوزارة الخارجية.
وترافقت هذه التغييرات مع الحديث عن إعادة تشكيل حكومي كامل في قطاع غزة. فيما كشفت مصادر خاصة "للوطنية"، أن هناك مخططًا لدمج بعض الوزارات ببعضها، وإلغاء بعض الوزارات الأخرى، في حين ألمحت مصادر أخرى لنا، عن وجود إعادة تشكيل خاص بالأجهزة الأمنية التابعة لوزارة الداخلية بغزة خلال الفترة الحالية والمقبلة.
المصادر ذاتها، قالت إن الوزارات التي سيتم إلغاؤها ودمجها هي "الخارجية والسياحة والثقافة والمرأة والشباب والرياضة"، بحيث ستدمج مع بعض الوزارات السيادية.
التغييرات لم تقتصر على القطاع الحكومي فقط، بل طالت هيئات محلية ومرافق تابعة لوزارة الصحة، من خلال اختيار رئيس جديد لبلدية غزة (أكبر بلدية في القطاع) بعيداً عن الطريقة القانونية لذلك وهي "الانتخابات"، في حين عينت وزارة الصحة مديراً لـ مجمع الشفاء الطبي بهدف الارتقاء بالخدمات الطبية.
وبالعودة إلى اختيار رئيس بلدية غزة، حيث جرى الأسبوع الماضي خلال اجتماع ضم مجموعة من الأشخاص أطلق عليهم اسم "نخب مجتمعية" اختيار يحيى السراج رئيسا للبلدية خلفا لـ نزار حجازي، وعقبها قام السراج باختيار مجلس بلدي جديد لمحافظة غزة.
فالسبب الذي أعاد الهيكلية ببعض المرافق التابعة لوزارة الصحة، هو "الانزعاجات" المتكررة من قبل المواطنين واتهام الأخيرة بالتقصير وسوء المعاملة والخدمة الصحية، ما جعل تلك اللجنة التي تحدثنا عنها سلفًا، تُعين محمد أبو سلمية مديرًا جديدًا لمجمع الشفاء الطبي ( أكبر مشفى حكومي في القطاع)، خلفاً لمدحت عباس.
التدوير شأن حكومي داخلي
وعن طبيعة التدوير، ولماذا جاء في هذا التوقيت؟، قال الكاتب والمحلل السياسي شرحبيل الغريب، إن التدوير جاء بدوافع نابعة من أمرين مهمين، أولهما تعثر المصالحة واستمرار تجاهل الحكومة في رام الله لمسؤولياتها في قطاع غزة، لاسيما تفاقم أزمات القطاع الاقتصادية والإنسانية.
وتابع الغريب أن الأهم من ذلك هو تحسين الخدمة الحكومية للمواطن الفلسطيني، ومعالجة بعض المشاكل والسلبيات التي ظهرت مؤخراً في القطاعات الحكومية لا سيما المهمة منها، كـ "الصحة والداخلية والشؤون الاجتماعية. إلخ".
أما الدافع الثاني، فبين الغريب أنه يرتكز إلى حالة الفراغ الإداري الواضح بعد حل حكومة الوفاق التي كان يرأسها رامي الحمد لله، وتشكيل حكومة جديدة فصائلية برئاسة محمد اشتية بشكل منفرد.
وحول ما إذا كان التدوير متعلق بأزمة مالية، قال الغريب إنه لا يخفى على الجميع أن هناك أزمة مالية تمر بها الحكومة في غزة، نتيجة اعتمادها على الإيرادات المحلية بالدرجة الأولى لدفع رواتب موظفيها وصرف الموازنات التشغيلية في الوزارات المهمة، خصوصاً أنها لا تملك أي مصادر دخل أخرى.
وأشار إلى أن عملية تدوير أو تغيير حكومي تهدف لتحسين جودة الخدمة للمواطنين ومحاولة التغلب على الأزمة من خلال ضخ دماء جديدة، واختيار وجوه جديدة قادرة على التعامل معها.
الغريب -المقرب من حركة "حماس"، استبعد أن يكون للحركة وأزمتها المالية أي علاقة بهذا التدوير، مؤكداً أنه أمر حكومي بالدرجة الأولى.
وعن شائعة عودة اللجنة الإدارية في غزة، قال الغريب إنه واضح للجميع أن من يدير قطاع غزة حالياً هم وكلاء الوزارات، وبالتالي من المستبعد أن تقوم "حماس" بتشكيل جسم إداري جديد لإدارة الشأن الحكومي.
يشار إلى أن "مكتب "الإعلام الحكومي" في قطاع غزة نفى في بيان له الأخبار التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول إعادة تشكيل اللجنة الإدارية الحكومية أو أي أجسام لإدارة قطاع غزة.
وبخصوص تأثر هذا التدوير على تحقيق المصالحة قال: "حماس حريصة على تحقيق المصالحة وعدم إغلاق الباب بشكل نهائي في وجهها، لذلك لن تقدم على خطوة تشكيل لجنة إدارية"، وتابع " لكن في نفس الوقت لا تستطيع أن تترك الأمور دون إدارة حتى لو كان تحت مسمى "مجلس وكلاء".
ولفت إلى أن ما أسماه "مجلس الوكلاء"، يهدف لأن يكون مرجعية للعمل الحكومي في غزة، لحين التقدم في ملف المصالحة وصولاً إلى إتمامها.
وحول تقبل الوسيط المصري لهذا التدوير، قال الغريب إنه شأن داخلي حكومي لن يؤثر على الجهود السياسية الخاصة بالمصالحة المتأخرة بسبب غياب الإرادة وعدم الإيمان بالشراكة السياسية.
المصدر : الوطنية - تامر عليان