شهدت أسواق قطاع غزة في الأواخر العشر من شهر رمضان، ازدحامًا شديدًا مختلفاً عن الأعوام السابقة، إذ يستعد المواطنون لاستقبال عيد الفطر السعيد المقرر يوم غد الأربعاء.

لكن هذا الازدحام لم يؤثر على القوة الشرائية في الأسواق، فهو ازدحام بدون نتائج مادية يلمسها التجار وأصحاب المحال التجارية، ما جعلهم يعتبرون أن عيد الفطر الماضي أفضل بكثير من عيد هذا العام.

تتزايد الأوضاع الاقتصادية صعوبةً على مواطني قطاع غزة منذ عدة سنوات، بحكم استمرار الحصار الإسرائيلي على القطاع منذ ما يزيد عن 11 سنة، بالإضافة إلى الإغلاق المستمر للمعابر التجارية والمخصصة للأفراد، وتقليص رواتب موظفي السلطة إلى ما دون النصف، الذين هم الشريحة الأكبر وظيفياً في القطاع، مما أثر على القوة الشرائية وركودها بشكل ملحوظ.

وكذلك يعاني القطاع، من ارتفاع نسب البطالة والفقر بين صفوف المواطنين، وتراجع مستويات الدخل اليومي لدى الفرد الذي هو (2 دولار)، حيث يعد الأسوأ عالمياً.

وحينما نأتي إلى الأرقام، فإننا نجد أن نسبة الفقر وصلت إلى نحو 85%، ونسبة البطالة وصلت إلى ما يقارب 62% بصفوف الشباب، فيما 350 ألف عامل عاطل عن العمل بشكل دائم، وهذا كله يعود إلى ذات الأسباب التي ذكرناها في السابق.

المختص في الشأن الاقتصادي ماهر الطباع تحدث لـ "الوطنية"، عن طبيعة الاختلاف بين هذا العيد والأعياد السابقة، موضحاً أن كل عيد يأتي على سكان القطاع، يكون أصعب من الأعياد التي سبقته.

وعن الأسباب التي جعلت الطباع يقول هذا، أولها يعود إلى تراكم الديون على الناس والتجار،  والثاني: تفاقم الأزمات والأوضاع الاقتصادية، وكذلك زيادة أعباء الحياة وغلاء المعيشة بالنسبة للمواطن، وخصم نسب عالية من الرواتب منذ قرابة عامين.

ووصف اقتصاد قطاع غزة بـ المتدهور، مشيراً إلى أن نصف سكانه فقراء، وقال إن القدرة الشرائية ضعيفة بالرغم ما وزع على المواطنين من "سلات غذائية وقسائم شرائية".

ويقول الطباع في هذا الإطار، إن المساعدات الإغاثية والقسائم الشرائية والطرود الغذائية هي عبارة عن "مسكنات"، لافتاً إلى أن أثرها ليس بـ القوي، وليس لها انعكاسات على الاقتصاد بشكل عام، معتبراً أن عام (2019) من أسوء الأعوام على الإطلاق.

أسواق غزة تتكدس بالبضائع كـ (المواد الغذائية بأنواعها والملابس) بكميات كبيرة، دون اقبال المواطنين على شرائها بالرغم من رخص ثمنها، إذ قال التاجر صخر الشرفا، إن نسبة المبيعات في موسم (عيد الفطر) لهذا العام، لم تتعدِ الـ 35%، مقارنة بالمواسم الماضية.

وأشار الشرفا الذي يبيع ملابس نسائية وأطفال، إلى أن أكثر المتواجدين في الأسواق يسألون عن الأسعار ولا يشترون، مضيفاً أنه عرض بضائع جديدة، لكن الإقبال عليها ضعيف جداً، نظرًا للظروف الاقتصادية التي يعاني منها المواطنون في غزة، مضيفاً " الله يكون بعون الناس".

بدوره، لم يتوقع سليمان السقا (صاحب سوبر ماركت) أن تكون القدرة الشرائية ضعيفة لهذا الحد في هذا العيد. وقال وهو بحالة اندهاش شديدة، إن القسائم الشرائية والطرود الغذائية التي تأتي على شكل معونات إنسانية للمواطنين الفقراء، لا تجدي نفعاً في إحياء الاقتصاد وهي مجرد مساعدة وقتية للفرد، وليست مرتبطة بحل دائم لمشاكل القطاع الاقتصادية.

وكان رئيس اللجنة الشعبية لفك الحصار عن غزة جمال الخضري، وصف في وقت سابق، الأوضاع في القطاع بعد أحد عشر عاماً من الحصار الاقتصادي، بـ الكارثية، قائلاً إن القطاع أصبح غير صالح للعيش فيه.

وأكد الخضري وقتها، أن "البوابة الحقيقية لوقف تدهور الحالة في غزة وبداية النهوض، تكون عبر رفع الحصار وتنفيذ محددات رفع الحصار عبر عدة خطوات مهمة".

وبالرغم من سوء الأوضاع الاقتصادية وتراكم الأزمات، إلا أن المواطن الفلسطيني في غزة يحافظ على الاستعداد المورثة في العيد، وتبقى الابتسامة ممزوجة بالألم، والتمني بأن يكون العيد القادم أفضل.

 

المصدر : إياد الغول_ الوطنية