كشفت صحيفة "الأخبار" اللُبنانية، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تُعيد صياغة المعروفة بـ "صفقة القرن"، وتسعى لعرضها على الأطراف الإقليمية المعنية، ومنها مصر والأردن، قبل الإعلان عنها بشكلٍ رسمي، والذي لن يتم قبل 9 نيسان/إبريل الجاري، موعد الانتخابات "الإسرائيلية.
وقالت الصحيفة نقلاً عن مصادر مُطّلعة إن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي القريبة إلى واشنطن هي أقرب إلى الاستدعاء، خاصة أن الأخيرة اختارت التوقيت، وتهدف لإبلاغه بالتفاصيل النهائية للصفقة قبل إعلانها وبدء تنفيذ بنودها.
وأوضحت أن مجمل اللقاءات الأخيرة، خصوصًا المصرية والأردنية، وجولتَي كوشنير وبومبيو في المنطقة، تظهر أن الموعد حان لينكشف الوجه النهائي والقبيح لبنود الصفقة، التي لا تزال تُعرض على السيسي والملك الأردني عبد الله الثاني وغيرهما بمسمّى "تصوّرات شبه نهائية".
وبيّنت الصحيفة أن واشنطن خفّفت بنودًا في الصفقة كانت ترفضها القاهرة، مثل توسيع قطاع غزة بأراضٍ من سيناء، فيما بقيت عمّان ورام الله على المحكّ.
وأوضحت أن البنود "المخففة" كانت تمسّ الخطوط الحمر للقاهرة، أو مشروعية الوجود السياسي لعمّان، خاصة في مسألة "تبادل الأراضي".
ووفقًا للصحيفة، فإنه "لا شيء رسمياً إلا بعد التاسع من الشهر الجاري، كما وقّت الأمريكيون موعدهم مراعاة للانتخابات الإسرائيلية، فيما يُشاع عن اختيار موعد حساس فلسطينيًا، كذكرى النكبة، ليستفزّ به ترامب الفلسطينيين كما فعل سابقًا".
وأكدت الصحيفة أن الملك الأردني يتعرض لضغوط شخصية كبيرة حول الصفقة، وقد اطّلع على معلوماتٍ وُصفت بـ"الخطيرة للغاية ولا يمكن تمريرها بسهولة ومباشرةً".
وأوضحت أن "عمّان قادرة على تنفيذ جزء كبير من البنود المطلوبة منها، لكن تبقى مسألة الأراضي المطلوب تبادلها والتغييرات التي ستحدث نتيجة الصفقة غير مضمونة العواقب مستقبلاً".
وكشفت أنه "طُلب من الأردن توطين نحو مليون لاجئ فلسطيني على دفعات، تكون أكبرها الدفعة الأولى بنحو 300 ألف (تشمل الغزاويين داخل المملكة)، على أن يحصل مقابل ذلك على نحو 45 مليار دولار على صورة مشاريع ودفعات مالية تساعد في إحداث انفراجة في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها منذ أشهر (يتقارب هذا المبلغ مع الدين العام للمملكة المقدر بـ53 ملياراً).
ولم يتضح بعد من أي دول سيكون تجنيس العدد المطلوب، وهل سيشمل ذلك الموجودين في الضفة و القدس المحتلتين والمهجرين في المملكة وخارجها، خاصة أن من بقوا في الأردن من غير المجنسين لا يتجاوزون 200 ألف".
ومن ضمن التصورات، التي اطّلع عليها الملك عبد الله، التنسيق بشأن منطقتي الباقورة والغمر اللتين انتهى استئجارهما من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ورفض الملك بقاء وضعهما على ما كان عليه، حيث تقترح الخطة الأميركية الحصول على قطعة أرض تعادل مساحتهما من السعودية، على أن تتكفل الأخيرة بالشراكة مع الإمارات و قطر بتمويل هذا التبادل.
وفي التفاصيل، يفترض أن تكون الدوحة صاحبة النصيب الأكبر في السداد، فيما سيكون دور الرياض تمرير التبادل، مع إمكانية دفع السعودية مالاً للأردن في مقابل تنازل الأخير عن توسعة حدوده إذا قبل، لكنه احتمال تراه الإدارة الأميركية صعب التنفيذ حالياً.
ووفقًا لما نشرته الصحيفة، فإن الملك الأردني "أخبر القيادة المصرية أنه أُطلع على خرائط تضم التصور الجديد للأراضي الفلسطينية المحتلة ولا سيما الضفة والقدس، مع رأي يرجح إقامة كونفدرالية تجمع الدول الثلاث المملكة، والسلطة الفلسطينية، والإدارة المدنية الإسرائيلية في الضفة بعد ضمّ القدس إلى إسرائيل ووضع المستوطنات تحت السيطرة الإسرائيلية".
وقالت الصحيفة إن الملك الأردني أخبر السيسي أن هذا يمثّل تهديداً لاستقرار النظام الملكي لاحقاً، ولذلك يفضّل أن يكون بلده مشاركاً في الإشراف على المقدسات الدينية في القدس الشرقية من دون أن ينغمس في تفاصيل أخرى مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
في هذا الإطار، تقول مصادر في القاهرة -وفقًا للصحيفة- إنها رصدت تغييرات في المخابرات الأردنية هدفها تحصين الملك وتضييق دائرة صناعة القرار حوله، وإبعاد أصحاب الأصول الفلسطينية على نحو شبه كامل حالياً، وذلك لأنه يخشى تبعات التطورات المقبلة، وهو ما دفعه إلى إنهاء الخلاف الذي نشب بينه وبين السيسي قبل شهور، وبحث المسألة معه في زيارته الأخيرة إلى القاهرة.
أما في الجانب المصري، وما سوف يناقش فيه السيسي، فتتطلب الصفقة تسهيلات مصرية في ما يتعلق بالوضع في الشيخ زويد ورفح والعريش أيضاً، لكن بدلاً من ضم هذه الأراضي إلى غزة لتوسيع حدود القطاع، وضمّ أجزاء من صحراء النقب إلى مصر، تضمنت المقترحات آليات عمل مشتركة في هذا النطاق من الحدود المصرية تضمن دخول الفلسطينيين إليها وخروجهم منها، وإقامة مشاريع صناعية لهم في هذا النطاق بقوانين مصرية تُقرَّر لاحقاً، مع إمكانية منحهم الجنسية وفق ضوابط محددة وميسرة.
في المقابل، قالت الصحيفة إن القاهرة ستحصل في حال تنفيذ ما هو مطلوب منها كاملاً على ما يقارب 65 مليار دولار أيضاً على صورة دفعات ومشاريع في منطقة شمال سيناء لاستيعاب العمالة المتوقعة.
أما لبنان، فمن المقرر أن يكون جزءاً من الصفقة بما لا يتعارض مع التركيبة السكانية هناك بصيغة يجري التوافق عليها، فيما سيسمح بالتنسيق مع بعض الدول لاستيعاب أو توطين اللاجئين لديها من أجل إنهاء الملف كلياً، على قاعدة عدم مطالبة هؤلاء بالعودة إلى فلسطين المحتلة مستقبلاً.
المصدر : الوطنية