نقلت وكالة رويترز اليوم الأحد، عن مصدر سعودي لم تسمه، عدداً من التصريحات الجديدة فيما يتعلق بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول بداية شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وكشف المصدر عما سماها (الخطة الأولية) التي أعدَّها فريق الاغتيال للتعامل مع خاشقجي، والتي تتنافى تفاصيلها مع التسريبات التركية التي تفيد بتعرض خاشقجي للضرب والقتل فور دخوله، نافيةً حدوث أي مفاوضات معه.
وذكر المصدر السعودي أن (الخطة الأولية) للفريق كانت تهدف إلى خطف خاشقجي، وإخفائه فترة في إسطنبول.
وقال المصدر: "كان الهدف من هذه الخطوة هو إقناع خاشقجي في أثناء إخفائه بالعودة للرياض، وفي حال رفض، كان من المخطط إطلاق سراحه".
وأكد أن ماهر مطرب، ضابط الاستخبارات المقرب من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، هو من تعامَل مع خاشقجي، وكان هذا توجيهاً من سعود القحطاني مستشار ولي العهد السعودي، الذي نصح بأن يكون الشخص الذي سيتعامل مع الضحية على معرفة شخصية به.
وقام "مطرب" بالتحدث مع خاشقجي داخل القنصلية، وطلب منه العودة لبلاده، مهدِّداً إياه بالتخدير والخطف، في محاولة لإخافته، بحسب المصدر السعودي.
وتابع المسؤول السعودي إن خاشقجي رفض وأبلغ "مطرب" أن شخصاً ما ينتظره بالخارج، وسيتصل بالسلطات التركية إذا لم يظهر خلال ساعة. وكانت خديجة جنكيز، خطيبة خاشقجي، قالت لـ"رويترز" إنه كان قد سلَّمها هاتفيه المحمولين، وطلب منها أن تنتظره وتتصل بمساعد للرئيس التركي إذا لم يعد.
وداخل القنصلية، وفقاً لرواية المسؤول، قال خاشقجي لـ"مطرب": "هذا الأمر مخالف للأعراف الدبلوماسية والأنظمة الدولية. ماذا ستفعلون بي؟ هل لديكم نية لخطفي؟". وردَّ "مطرب": "نعم، سنخدرك وسنقوم باختطافك"، وهو ما وصفه المسؤول بمحاولة تخويف تخالف هدف المهمة. وعندما رفع خاشقجي صوته أُصيب الفريق بذعر.
ووفقاً لرواية الحكومة، حاولوا أن يسكتوه وكتموا أنفاسه. وقال المسؤول: "نتيجة إصرار جمال على رفع صوته وإصراره على مغادرة المكتب، حاولوا تهدئته، لكن تحوَّل الأمر إلى عراك بينهم… ما اضطرهم إلى تقييد حركته وكتم نفسه".
وأضاف: "حاولوا أن يُسكتوه لكنه مات. لم تكن هناك نية لقتله". ورداً على سؤال عما إذا كان الفريق خنق خاشقجي، قال المسؤول: "إذا وضعت شخصاً في سن خاشقجي بهذا الموقف، فسيموت على الأرجح".
وعلَّق المصدر ل"رويترز" على ذلك، قائلاً: ""لقد تجاوز (مطرب) أهداف المهمة بهذا الفعل". وأضاف أن الأمور ساءت من البداية؛ إذ إن الفريق تجاوز التعليمات ولجأ سريعاً إلى العنف.
وتابع المصدر: "بعد ذلك، تم لف جثة خاشقجي في سجادة وتسليمها لـ(متعاون محلي)؛ للتخلص منها"، حيث لم يحدد المصدر جنسية المتعاون الذي سُلِّمت له الجثة.
ورداً على سؤال عن مزاعم تعذيب خاشقجي وقطع رأسه، قال المسؤول إن النتائج الأولية للتحقيق لا تشير إلى ذلك. واعترف المصدر بأن طبيب التشريح، صلاح الطبيقي، حاول إخفاء آثار الحادثة. ولم يوضح المسؤول السعودي ما هي الآثار التي قام الطبيقي بإخفائها، رغم أنه تحدث فقط عن خنق خاشقجي، ولم يذكر في الحادثة ما يشير إلى تعرُّضه لنزيف.
وكان مسؤولون أتراك قد أبلغوا "رويترز"، أن قتلة خاشقجي ربما ألقوا أشلاءه في أحراش بلغراد المتاخمة لإسطنبول وفي موقع ريفي قرب مدينة يلوا، التي تبعد بالسيارة عن جنوب إسطنبول مسافة 90 كيلومتراً.
وقال مسؤول كبير إن المحققين الأتراك سيعرفون -على الأرجح- ما حدث للجثة، خلال فترة (غير طويلة).
وأضاف المسؤول السعودي أن المتعاون المحلي يقيم في بإسطنبول، ولم يكشف عن جنسيته، وأضاف أن المحققين يحاولون معرفة مكان الجثة.
وفي الوقت ذاته، ارتدى أحد أفراد الفريق -ويدعى مصطفى المدني- ملابس خاشقجي ونظارته وساعته الذكية، وغادر من الباب الخلفي للقنصلية، في محاولة لإظهار أن خاشقجي خرج من المبنى، وتوجَّه "المدني" إلى منطقة السلطان أحمد، حيث تخلَّص من المتعلقات.
وقال المسؤول إن الفريق كتب بعد ذلك تقريراً مزوراً لرؤسائه، قائلاً إنه سُمح لخاشقجي بالمغادرة بعد أن حذر من أن السلطات التركية ستتدخل، وأنهم غادروا البلاد سريعاً قبل اكتشاف أمرهم.
ويتساءل متشككون عن سبب مشاركة مثل هذا العدد الكبير، وبينهم ضباط بالجيش وخبراء في الطب الشرعي متخصصون بالتشريح، في العملية إذا كان الهدف هو إقناع خاشقجي بالعودة للسعودية بإرادته.
وقال المسؤول إن جميع أفراد الفريق، ومجموعهم 15 شخصاً، اعتُقلوا، ويجري التحقيق معهم، إضافة إلى 3 مشتبه فيهم آخرين
وتحدث المصدر عن نائب رئيس الاستخبارات السعودي أحمد عسيري، الذي تمت إقالته من منصبه على خلفية الحادث، فقد ذكر أن "عسيري" هو من شكَّل فريقاً من 15 شخصاً لتنفيذ العملية، ما قد يشير إلى توجُّه الرياض لتحميل "عسيري" مسؤولية العملية بالكامل.
وكانت وسائل إعلام أجنبية قد أفادت، قبل يومين، بأن "عسيري" سيكون كبش الفداء، الذي من خلال تحميله المسؤولية قد يخفف من الضغوط الدولية على ولي العهد السعودي.
سبب تغيبر الرواية السعودية -وقد أثار اعتراف السعودية بـ"مقتل" خاشقجي داخل السفارة السعودية في إسطنبول، والرواية التي قدمتها- تشكيكاً دولياً، فقد بدا واضحاً تراجُع المملكة عن رواياتها حول الحادث.
وبرر المصدر السعودي لوكالة رويترز تغيُّر الرواية السعودية بشأن خاشقجي؛ بسبب التقارير الداخلية المضللة.
وقدَّم المسؤول السعودي ما قال إنها وثائق مخابرات سعودية تكشف -فيما يبدو- عن خطة لإعادة المعارضين، بالإضافة الى الوثيقة التي تخص خاشقجي.
كما عرض شهادة من أشخاص ضالعين فيما وصفها بتغطية الفريق الذي ذهب للقاء خاشقجي على ما حدث والنتائج الأولية لتحقيق داخلي. إلا أنه لم يقدم دليلاً لإثبات نتائج التحقيق والأدلة الأخرى.
المصدر : الوطنية