شغلت قضية اختفاء الكاتب والصحافي السعودي جمال خاشقجي في اسطنبول، الرأي العام العربي والعالمي، إذ تحمل في طياتها الكثير من الألغاز والأسرار، التي عملت فرق التحقيقات التركية على حلها واحدًا تلو الآخر، بدءًا من دخوله القنصلية وعدم خروجه منها، حتى الوصول إلى طرف خيط يوصل إلى حل اللغز كاملًا.
وأفادت مصادر تركية رفيعة المستوى لصحيفة "العربي الجديد"، بأنّ الكاميرات شكّلت مصدراً رئيسياً للمعلومات التي باتت بحوزة السلطات التركية، وهي عبارة عن تسجيل لعملية القتل التي تمت داخل القنصلية، إضافة إلى النقاشات التي تمّت بين خاشقجي وفريق القتل قبلها، والنقاش بين أعضاء الفريق أنفسهم حول ما يجب فعله بعد أن حصلت الوفاة. وحسب مصدر تركي، فإنّ الدليل القوي الذي تملكه تركيا، يتمثّل في هذا التسجيل الذي يشكل وثيقة لا يمكن إنكارها.
ودليل ذلك، أن السلطات التركية قدّمت يوم السبت في السادس من أكتوبر- أي بعد اختفاء خاشقجي بعدة أيام، للمرة الأولى، معلومات إلى وكالة "رويترز" تؤكّد مقتل خاشقجي.
وقال مصدران تركيان في ذلك اليوم، إنّ "السلطات التركية تعتقد أنّ الصحافي السعودي البارز، جمال خاشقجي، قُتل داخل القنصلية".
ونقلت "رويترز" عن أحد المصدرين، وهو مسؤول تركي، قوله إنّ "التقييم الأولي للشرطة التركية هو أن خاشقجي قتل في القنصلية. نعتقد أنّ القتل متعمّد، وأن الجثمان نُقل إلى خارج القنصلية".
ونقلت "العربي الجديد" عن مصادرها، أن التفاصيل التي تمّ تقديمها لبعض وسائل الإعلام المحلية والدولية التي تجمّعت لدى السلطات التركية، تؤكد بما لا يدع أيّ مجال للشكّ بأنّه تمّت تصفيه خاشقجي داخل القنصلية"، في الوقت الذي كانت فيه السلطات السعودية تنفي وتسرّب روايات مضلّلة وضعيفة، بعضها يتحدّث عن وجود خاشقجي على قيد الحياة في تركيا، وبعضها قال إنه في قطر.
التفاصيل الدقيقة
وفي التفاصيل الدقيقة للعملية، فإنّ التسجيل أظهر أن عملية القتل حصلت في القنصلية، وتم نقل الجثة بعد ذلك إلى بيت القنصل، وبقي الفريق المكلّف بالمهمة ساعات عدة في بيت الأخير قبل أن يغادر إلى المطار من دون أن يعرج على الفندق الذي حجز فيه أربع ليالي.
وبينت الوثائق التي بحوزة الأمن التركي، أنّ عملية القتل حصلت في غضون 20 دقيقة، وبعدها دارت النقاشات بين أعضاء الفريق عما يجب فعله بالجثة، التي استقرّ الرأي على نقلها من مبنى القنصلية إلى منزل القنصل.
و بحسب "العربي الجديد"، فإن اللغز يبدأ هنا، وتنصبّ الاهتمامات منذ ذلك الحين على البحث عن الجثة، فيما يبرز احتمالان في هذا الإطار، الأول، أنه تمّ دفن الجثّة في حديقة منزل القنصل، وربما يفسّر هذا سبب رفض السعودية السماح بتفتيش بيت الأخير، والسماح بتفتيش القنصلية، فيما الاحتمال الثاني أنه تمّ إخراجها في سيارة الفان التي خرجت مع السيارات التي أقلّت الوفد الذي نفّذ العملية إلى المطار، والتي خرجت عن الموكب واتجهت إلى القسم الآسيوي من إسطنبول واختفى أثرها حتى اليوم. وقد تكون سيارة الفان تحتوي على الجثة، وقد تكون استعملت من باب التمويه، وتمّ إخفاؤها في مكان ما، بغرض إبعاد الشبهات عن حديقة بيت القنصل.
وتتلخص بذلك المعلومات حول اختفاء الصحافي السعودي خاشقجي، بأنّ ما يمتلكه الأمن التركي حتى الآن هو شريط مسجّل لعملية القتل، وما يريده من التعاون في التحقيق مع السعوديين هو إيجاد الجثة.
المصدر : الوطنية