قال مركز الميزان لحقوق الإنسان في تقريره، إن قطاع غزة شهد تدهوراً غير مسبوق في الأوضاع الإنسانية خلال العام 2017م، حيث كان الأكثر سوءاً، كنتيجة لانتهاكات حقوق الإنسان التي اتخذت أشكالاً وأنماطاً عديدة، من أبرزها الحصار الإسرائيلي المشدّد الذي مضى عليه (3756) يوماً.
وبحسب التقرير الذي عرضه مركز الميزان لحقوق الإنسان في مؤتمر صحفي عقد يوم أمس، فإن الانقسام الداخلي أفضى لكوارث حقيقية بعد مرور (3856) يوماً عليه، ظل خلالها قطاع غزة خارج دائرة الفعل والتخطيط التنموي، وتعرض إلى مجموعة من الإجراءات التي فرضتها حكومة الوفاق الوطني، وتمثلت في خفض النفقات والحسومات على رواتب الموظفين في القطاع العام، وإحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكر، وتخفيض كميات التيار الكهربائي، وتقليص مخصصات الأدوية والمستلزمات الطبية، وتقليص أعداد التحويلات الطبية للمرضى.
وأشار التقرير إلى أن الحصار وجملة الانتهاكات الأخرى انعكست سلبياً على واقع الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وشهدت مؤشراتها تراجعاً واضحاً. ويعرض التقرير للمعلومات التي جمعها مركز الميزان والتي تشير إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال عام ٢٠١٧.
وأضاف:" واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي على امتداد العام 2017م، اعتداءاتها على سكان القطاع والتي أسفرت عن مقتل (31) فلسطيني من بينهم (3) أطفال، فيما بلغ عدد الإصابات (916) من بينهم (160) طفلاً، و(9) نساء".
وتابع:" استمرت موانع الوصول إلى الرعاية الصحية وأفضت إلى وفاة (54) مريض بسبب عدم تمكنهم من الوصول إلى المستشفيات جراء عرقلة الوصول والحصول على الرعاية الصحية، كما بلغت نسبة العجز من الأدوية والمستهلكات الطبية أعلى نقطة لها منذ خمس سنوات".
ولفت إلى أن نسبة الشيكات المالية المرجعة ارتفعت من (6%) في عام 2014م إلى (11%)، كما تعرض العديد من التجار ورجال الأعمال للحبس بسبب الديون المتراكمة عليهم، وسجل نحو (100000) أمر حبس بحق أفراد وتجار بسبب الذمم المالية.
كما ارتفعت أعداد المرضى المحولين إلى مستشفى الطب النفسي في غزة بنسبة (21%) مقارنةً مع عام 2016م. كما ارتفع عدد المرضى المترددين على مراكز الصحة النفسية الحكومية بنسبة (69%) مقارنةً بعام 2016.
فيما قلصت وزارة التنمية الاجتماعية (50%) من خدماتها المقدمة للسيدات في بيت الأمان، لرعاية النساء والفتيات المعنفات أسرياً، واللواتي ارتفع عددهن من (96) حالة عام 2016م إلى (181) حالة في عام 2017م. كما طال التقليص الأطفال في مراكز التدريب المهني التابعة للوزارة وفي مؤسسة الربيع للأطفال ممن هم على خلاف مع القانون، كما ذكر يونس.
وبين أن أعداد الأطفال ارتفعت ممن هم على خلاف مع القانون، وبلغ عددهم (429) طفل في عام 2017م بزيادة نسبتها (41%) عن عام 2016م. وتعاظمت التحديات في الحصول على غذاء كافٍ. كما طرأ انخفاض على حالات الزواج، بنسبة (10.8%) مقارنة مع عام 2016م.
وبحسب التقرير، فإن أزمة السكن تفاقمت، حيث يحتاج قطاع غزة إلى (102) ألف وحدة سكنية جديدة، بالإضافةً إلى إعادة بناء (24) ألف وحدة سكنية. وتعيش (36.2%) من الأسر في مساكن مساحتها أقل من (120م2)، فيما بلغت نسبة الأسر التي تملك غرفة أو غرفتين على الأكثر للنوم في المنزل (53.6%) من إجمالي السكان.
وفشلت خطة إعادة إعمار غزة (GRM) فشلاً ذريعاً، فبعد ثلاث سنوات، وما تم بنائه لا يتعدى(53%) من المنازل التي تضررت بشكل كلي.
وانخفضت الصادرات إلى أدنى نقطة لها لتسجل (2%) خلال عام 2017م. وتقدر قيمة الخسائر جراء استمرار الحصار بنحو (16) مليون دولار شهرياً.
وتفاقمت مشكلة التلوّث، وبلغت معدلات تلوث مياه البحر (73%) من إجمالي شواطئ القطاع. كما ارتفع عدد حالات الإسهال بين الأطفال دون سن الثالثة (80%)، وهي مؤشر على تلوث المياه وعدم صلاحيتها. وأصبح حوالي (97%) من المياه الجوفية في قطاع غزة غير صالحة للشرب.
وبلغت نسبة البطالة (46.6%) بين القوى العاملة في قطاع غزة، وتجاوزت نسبتها في أوساط الشباب (60%)، فيما تجاوزت (85%) في صفوف النساء. وتكاد تكون البطالة في صفوف الخريجين شاملة.
تضررت ((3568 دونم من الأراضي الزراعية جراء عمليات رش المبيدات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي. وبسبب انقطاع التيار الكهربائي انخفضت كميات المياه المخصصة للريّ، كما وارتفعت التكاليف التشغيلية لعمليات تخزين المنتجات الزراعية والحيوانية.
أما أزمة الكهرباء، أوضح أن الأزمة تفاقمت وأصبح برنامج الكهرباء اليومي (4 ساعات وصل مقابل 20 ساعة فصل)، وفي أحسن الأحوال قد يصبح (6) ساعات وصل.
وأكد أن نظام التعليم في قطاع غزة يواجه تحديات كبيرة جراء العجز في الأبنية المدرسية حيث يحتاج القطاع إلى (142) مدرسة جديدة. كما استمرت معاناة طلبة التعليم العالي، البالغ عددهم (85660)، وتمحورت حول عدم قدرتهم على تسديد الأقساط المالية للفصول الدراسية، وعلى تحمل تكاليف الدراسة الأخرى، بالإضافة للقيود المفروضة على حرية الحركة والتنقل.
وبحسب التقرير، فإن موقع تل السكن الأثري الواقع شمال مدينة الزهراء من عمليات تجريف بهدف توزيع أراضي الموقع على الموظفين الحكوميين في محاولة لتسوية مستحقاتهم المالية المتراكمة.
ويتوقع التقرير أن تستمر هذه الحالة في ظل استمرار الحصار والانقسام وانتهاكات حقوق الإنسان، وآثارها المتراكمة التي أفضت إلى مضاعفة الاحتياجات الإنسانية في ظل الضعف المطّرد في الإمكانيات، وغياب الاستقرار السياسي، وتراجع مستوى التعاون والدعم الدولي الكاف، مما يحيل غزة إلى مكان غير صالح للحياة قبل عام 2020. ويخلص التقرير إلى مجموعة من التوصيات أبرزها:
وطالب المركز المجتمع الدولي بتحمل مسئولياته القانونية والأخلاقية والتدخل الفاعل، لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال وإجبارها على احترام مبادئ القانون الدولي الإنساني. وتفعيل أدوات المحاسبة.
وشدد على قيام المجتمع الدولي بالعمل على تعزيز التعاون الدولي في مجال حل المشكلات المعقدة التي يعاني منها السكان في قطاع غزة.
ودعا الأطراف الفلسطينية المختلفة باتخاذ التدابير الكفيلة بإنهاء الانقسام الفلسطيني، والتدخل الفاعل لوقف الثنائية القائمة في ظل غياب فعل حقيقي من قبل الفاعلين السياسيين الآخرين من خارج حركتي فتح وحماس طرفي الانقسام، للحد من انهيار الأوضاع في قطاع غزة.
كما طالب مركز الميزان لحقوق الإنسان، بتوقف الإجراءات بشكل فوري التي اتخذتها حكومة الوفاق الوطني بحق سكان قطاع غزة، بالإضافة إلى تولي الحكومة كامل صلاحياتها ومسؤولياتها في القطاع وبالشراكة مع كل الفاعلين على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي.
المصدر : الوطنية