يعاني اللاجئون السوريون في قطاع غزة من ذات ألوان المعاناة التي يقع تحتها أفراد الشعب الفلسطيني بغزة، بالرغم من وعودات تلقاها هؤلاء بالمساعدة.
"يحيى عزات السيد" لاجئ فلسطيني فر من أهوال الحرب في منطقة سيف الدولة بمدينة حلب السورية للعيش في قطاع غزة، إلا أنه ما أن وطأت قدماه أرض القطاع، حتى اكتشف أنه قد هرب من "تحت الدلف إلى تحت المزراب" على حد قوله.
ويروي يحيى حكايته فيقول : " لا أريد تذكر ما حصل لي ولعائلتي في سورية، فما أجبرني على الهروب منها هو التهديد المستمر بقتلي إذا خرجت في المظاهرات السلمية، إضافة إلى تهديدي بخطف زوجتي للضغط علي".
يتابع يحيى: بعد تلك التهديدات توجهنا إلى لبنان، إلى أن السلطات اللبنانية رفضت إدخالي أنا وأولادي لكن سمحت لزوجتي التي تحمل الجنسية السورية، ثم عدنا إلى سوريا للسفر إلى مصر التي لم ننوي الاستقرار بها، إنما هي نقطة انطلاق نحو أوروبا، التي تضمن الحياة الكريمة للإنسان".
وقال يحيى: " في مصر واجهتني مصاعب قانونية كفلسطيني بسبب انتهاء إقامتي ورفض الحكومة المصرية تجديدها بحجج واهية، بما اضطرنا للبحث عن فرص أخرى لكن التشديد الأمني في تلك الفترة من قبل خفر السواحل المصري حال دون الخروج إلى أوروبا".
وبعد الإحباط الذي أصاب يحيى وعائلته في مصر من الهجرة عبر البحر إلى أوروبا، تناهى إلى مسامعه أن الحكومة في قطاع غزة أصدرت قراراً يقضي باستقبال اللاجئين الفلسطينيين السوريين، قرر العودة للوطن، الذي قال إن فيه ما هو أفضل له ولعائلته.
من الجدير ذكره أن عددًا من اللاجئين الفلسطينيين فرّوا من جحم الحرب في سورية، وتمكنوا من الوصول الى قطاع غزّة يبلغ عددهم حوالي 1000 شخص، ما يعادل ال 246 عائلة، الغالبية الكبيرة من النساء والأطفال ويتوزّعون على كامل القطاع ومدنه ومخيماته، وفق مجموعة العمل من أجل فلسطينيين سوريا.
وبعد وصوله إلى قطاع غزة مع عائلته، يقول يحيى:" اجتمعت بنا حكومة القطاع ووعدتنا بتوفير كل سبل الراحة والإقامة ومقومات الحياة الكريمة، واتخذت لذلك قرارات عدة أهمها توفير منحة بقيمة 500 دولار لكل عائلة، وتوفير شقة سكنية في مدينة حمد بخانيونس، ووظيفة لكل رب عائلة قادر على العمل، بالإضافة لتأمين صحي ومنح لطلاب الجامعات وضم عائلاتهم إلى برنامج الحماية الخاص بوزارة التنمية الاجتماعية".
يضيف يحيى:" للأسف لم تنفذ معظم هذه القرارات، فكل ما حصلنا عليه هو منحة الـ500 دولار، ومبلغ 200 دولار كل شهر لمدة سنة واحدة فقط، لا تلبي أدنى مقومات الحياة في غزة نظرًا لغلاء المعيشة في قطاع غزة".
وأوضح يحيى أنه رغم كل محاولاتهم من خلال الاعتصامات أو الاحتجاجات أو اللقاءات مع أصحاب القرار والنفوذ والقائمين على السلطة من أجل تحسين أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية والوفاء بالوعود التي قطعوها، إلا أنها جميعها باءت بالفشل، ولم يستطع اللاجئون تحقيق أياً منها.
وأشار يحيى إلى أن كثير من العائلات الفلسطينية السورية بعد أن أصابها اليأس قرروا الرحيل إلى الدول الأوروبية للبحث عن حياة كريمة وأمنة، ويجدون فيها من يسمع ويحترم ويقدر معاناتهم، منوهاً إلى أن بعض العائلات غادرت القطاع إلى دول أوروبا.
فيما زادت الحرب التي شنها الاحتلال على قطاع غزّة من مأساة سكان القطاع بشكل عام وفلسطينيي سورية بشكل خاص، وأدت بشكل ملحوظ الى ترك هؤلاء اللاجئين وعائلاتهم في أوضاع غاية في السوء، فأغلب هؤلاء اللاجئين من سوريا فقدوا كل مصادر الدعم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، سواء من الناحية الفردية، أو من الناحية الأهلية والرسمية الحكومية.
وبعد معاناة طويلة ومؤلمة، اتخذت حكومة الوفاق الوطني، قرار في صالح اللاجئين من سوريا وليبيا واليمن، نص على توفير شقة سكنية لكل عائلة وفرصة عمل ومشاريع مدرة للدخل وتوفير تأمين صحي، ولكن للأسف لم ينفذ هذا القرار حتى اللحظة، وفق يحيى.
وطالب الرئيس محمود عباس بوضع حد للمعاناة اليومية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون السوريون العائدون إلى قطاع غزة، من خلال إعطاء أمر لتنفيذ قرار مجلس الوزراء الصادر في شهر إبريل 2016، القاضي بتوفير شقة سكنية لكل عائلة وفرصة عمل ثابتة وتوفير تأمين صحي ومنح جامعية للطلاب ومشاريع مدرة للدخل، للحفاظ على كرامة اللاجئين وأسرهم من التفكك.
المصدر : الوطنية