يختلف قطاع غزة عن غيره، كونه أصبح أرضًا خصبة لأي حدث أو جريمة لم تكن منتشرة في نسيجه الاجتماعي، ويعود ذلك إلى العديد من الأسباب أهمها الحصار المفروض عليه منذ 11 عامًا وما خلَّفه هو والحروب الإسرائيلية المتلاحقة عليه.
ولم يقف الحدث الغزي غير المسبوق عند فعله، وإنما تميز بمشاركة المواطن في حل لغزه وتحليل إحداثيات موقع الجريمة وكشف ملابساتها والحكم على الفاعل بطرقة خيالية من غير المعقول أن تأخذ حيزًا كبيرًا من الترويج.
ويحصل أن يخرج أحدهم بمعلومة فيصدقها فتنتشر وبأقل من نصف ساعة تغطي كل مناطق قطاع غزة، وقد تغطي الفقرة الترويجية لها على المسودة الأولية التي أُعدت من قبل الجهات المعنية بالنفي أو الإثبات.
ولا جرم أن جرت العادة في غزة بتتالي ولا تناهي أزماتها، خصوصًا مع وجود انقسام وحروب وحصار، التي جعلت حدوث الجريمة مختلف فيها عن أي مجتمع أخر.
ويعتمد المواطنون على الخيال في عرضها ويفسرها كل منهم برؤيته غير المألوفة، فيستقبلها الكثير ويتغاضى البعض عنها، وربما يرجع ذلك لعدم وجود الإثارة في النمط المعيشي لمواطني قطاع غزة مما يجعلهم يتلقفون الفنتازيا غير المنطقية هربًا من واقع أليم.
ويلاحظ في الآونة الأخيرة كثرة الأحداث التي تحذر منها الأجهزة الداخلية الامنية خوفًا من وقوع حدث مشابه لسابقيه إلا أن بعض المواطنين يروجون، مما جعل المواطن الآمن يسعى لتغيير قفل باب بيته أو اقتناء سلاح والنوم دون راحة.
بقاء هذه الحالة من الإشاعة والأخبار الصفراء لا تأتي إلا بمزيد من الجريمة والخوف وتفاقم الأزمات، وقد تكون مدخلًا لما يهدد السلم الاجتماعي، فمعرفة الأسباب الحقيقية للجريمة أمر مطلوب في أي مجتمع، لكن المساعدة في الترويج لها بحد ذاته جريمة.
المصدر : الوطنية