يستعد الفلسطينيون لإحياء الذكرى الـ 41 ليوم الأرض، التي جاء بعد هبة الفلسطينيين في أراضي فلسطين المحتلة عام 48، معلنةً صرخة احتجاجية في وجه سياسات الاقتلاع والتهويد التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.
ويحيي أبناء الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة عام 48 والضفة الغربية وقطاع غزة والشتات، والمتضامنون من أنحاء العالم ذكرى يوم الأرض بوقفات وفعاليات احتجاجية وتضامنية.
وأشعلت شرارة هذا اليوم، بإقدام سلطات الاحتلال على مصادرة نحو 21 ألف دونم من أراضي عدد من القرى الفلسطينية في الجليل، منها عرابة، وسخنين، ودير حنا، وعرب السواعد وغيرها.
وهدف الاحتلال بذلك لتخصيصها لإقامة المزيد من المستوطنات في نطاق خطة تهويد الجليل وتفريغه من سكانه، مما أدى إلى إعلان الفلسطينيين في أراضي 48 وخصوصًا المتضررين المباشرين عن الإضراب العام في يوم الثلاثين من مارس.
وستقام المهرجانات الخطابية، والأعمال التطوعية، وستنظم مسيرات شعبية صوب الأراضي المصادرة من قبل سلطات الاحتلال، ونحو الأراضي الزراعية التي استولى عليها المستوطنون.
وتشترك "اللجان الشعبية والقوى الوطنية والإسلامية والهيئة العامة لمقاومة الجدار العنصري والاستيطان، في تنظيم تلك الفعاليات المتنوعة، للتأكيد على مناهضة الاحتلال والمطالبة بإنهائه وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة".
وأصدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بياناً اتهم فيه الاحتلال الإسرائيلي باستغلال أكثر من 85 في المئة من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة نحو 27000 كم2، إذ لم يتبق للفلسطينيين سوى نحو 15 في المئة من مساحة الأراضي فقط، وبلغت نسبة الفلسطينيين 48 في المئة من إجمالي السكان في فلسطين التاريخية.
إضراب
وفي هذا اليوم أضربت مدن وقرى الجليل والمثلث إضرابًا عاما، وحاولت القوات الإسرائيلية كسر الإضراب بالقوة، فأدى ذلك إلى صدام بين المواطنين والقوات الإسرائيلية، كانت أعنفها في قرى سخنين وعرابة ودير حنا.
وتفيد لجنة المتابعة العليا -الهيئة القيادية العليا لفلسطينيي 48-بأن الاحتلال صادر منهم نحو مليون ونصف المليون دونم منذ احتلاله حتى عام 1976، ولم يبق بحوزتهم سوى نحو نصف مليون دونم، عدا ملايين الدونمات من أملاك اللاجئين وأراضي المشاع العامة.
ويشير باحثون إلى أن مصادرات الأراضي بهدف التهويد بلغت ذروتها في مطلع 1976 بذرائع مختلفة منها "القانون" و"خدمة الصالح العام"، أو في تفعيل ما يعرف بـ "قوانين الطوارئ" الانتدابية.
وجاء قرار 'لجنة الدفاع عن الأراضي العربية' التي انبثقت عن لجان محلية في إطار اجتماع عام أجري في مدينة الناصرة في 18 أكتوبر1975،
وأعلن الإضراب الشامل، ردًا مباشرًا على مصادرة أراضي (المل) التي تبلغ مساحتها 60 ألف دونم، وكانت تستخدم في 1942-1944 كمنطقة تدريبات عسكرية للجيش البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية، مقابل دفع بدل استئجار لأصحاب الأرض.
وبعد عام 1948 أبقى الاحتلال على الوضع الذي كان سائدًا في عهد الانتداب البريطاني، إذ كان يسمح للمواطنين بالوصول إلى أراضيهم لفلاحتها بتصاريح خاصة، في عام 1956 قامت السلطات الإسرائيلية بإغلاق المنطقة بهدف إقامة مخططات بناء مستوطنات يهودية ضمن مشروع تهويد الجليل، ومنع السكان من دخول المنطقة في تاريخ 13-2-1976.
وثيقة "كيننغ"
كما كان صدور وثيقة سرية "كيننغ" في الأول من مارس 1976 من قبل متصرف لواء الشمال في وزارة الداخلية الإسرائيلية "يسرائيل كيننغ"، سمّيت فيما بعد باسمه، والتي تستهدف إفراغ الجليل من أهله الفلسطينيين والاستيلاء على أراضيهم وتهويدها، واحدة من مسببات الاتجاه نحو الإضراب.
ودعت وثيقة "كيننغ" في طياتها إلى تقليل نسبة الفلسطينيين في منطقتي الجليل والنقب، وذلك بالاستيلاء على ما تبقى لديهم من أراض زراعية وبمحاصرتهم اقتصاديا واجتماعيا، وبتوجيه المهاجرين اليهود الجدد للاستيطان في منطقتي الجليل والنقب.
وركزت على تكثيف الاستيطان اليهودي في شمال الجليل، وإقامة حزب "عربي" يعتبر "أخًا" لحزب العمل الإسرائيلي ويركز على المساواة والسلام، ورفع التنسيق بين الجهات الحكومية في معالجة الأمور العربية.
وشددت الوثيقة على ضرورة التضييق الاقتصادي على العائلات العربية عبر ملاحقتها بالضرائب، وكذلك تخفيض نسبة العرب في التحصيل العلمي وتشجيع التوجهات المهنية لدى التلاميذ، وتسهيل هجرة الشباب والطلاب العرب إلى خارج البلاد ومنع عودتهم إليها.
الرد
وكان الرد الإسرائيلي عسكريًا شديدًا على هبة "يوم الأرض"، باعتبارها أول تحد، ولأول مرة بعد احتلال الأرض الفلسطينية عام 1948، حيث دخلت قوات معززة من الجيش الإسرائيلي مدعومة بالدبابات والمجنزرات إلى القرى الفلسطينية وأعادت احتلالها.
وأوقعت الأحداث شهداء وجرحى بين صفوف الفلسطينيين، فكانت حصيلة الصدامات استشهاد 6 أشخاص.
ورغم مطالبة فلسطينيي 48 الاحتلال إقامة لجنة للتحقيق في قيام الجيش وشرطة الاحتلال بقتل مواطنين عُزَّل يحملون "الجنسية الإسرائيلية" إلا أن مطالبهم قوبلت بالرفض التام بادعاء أن الجيش واجه قوى معادية.
ورغم مرور"41 عامًا" على هذه الذكرى، لم يمل فلسطينيو أراضي 48 الذين بات عددهم نحو 1.3 مليون نسمة بعدما كانوا 150 ألف نسمة فقط عام 1948، من الاحتفال بيوم الأرض، الذي يجمعون على أنه أبرز أيامهم النضالية، وأنه انعطافه تاريخية في مسيرة بقائهم وانتمائهم، وتأكيًدا على تشبثهم بوطنهم وأرضهم.
الأرض الفلسطينية
وتعتبر الأرض الفلسطينية "الركيزة الأولى لإنجاح المشروع الصهيوني وفق الأدبيات الصهيونية خاصة الصادرة عن المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل في سويسرا عام 1897م".
ومنذ نشوء الكيان دأب الاحتلال على ممارسة سياسة تهويد الأرض العربية واقتلاع الفلسطينيين، ولم تكتف السلطات بمصادرة أراضي الفلسطينيين الذين أبعدوا عن أرضهم، بل عملت على مصادرة ما تبقى من الأرض التي بقيت بحوزة من ظلوا في أرضهم.
ويعتقد الفلسطينيون أن إحياء ذكرى يوم الأرض ليس مجرد سرد أحداث تاريخية، بل هو معركة جديدة في حرب متصلة لاستعادة الحقوق الفلسطينية.
ومنذ العام 1976 أصبح يوم الأرض يومًا وطنيًا في حياة الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، وتشهد هذه المناسبة تحركات شعبية فلسطينية عديدة تؤكد وحدة الشعب الفلسطيني وحقه في أرضه.
يذكر أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27,000 كم2، ولم يتبق للفلسطينيين سوى حوالي 15% من مساحة الأراضي فقط، وذلك وفق الجهاز المركزي للإحصاء.
المصدر : الوطنية