فوجئ ذوي الشاب باسل الأعرج "31 عاما" ابن قرية الولجة في بيت لحم جنوب الضفة الغربية، بخبر اقتحام قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي لأحد المنازل المتواجد فيها بمدينة البيرة وقتله ومن ثم اختطاف جثته.

وعمّ الارتباك أجواء المنزل مع تهافت المعزين والصحافيين، إلا أن ذويه سلموا بما كان يحلم به أن يعيش "نيصاً ويقاتل كالبرغوث"، كما أخبر هو بمقال كتبه في نوفمبر عام 2013.

وكان قد كتب باسل في مقاله "ويستخدم النيص في تنقله ودخوله وخروجه عدة طرق محددة ومعينة وتبدو كأنها مدروسة ويملك نوعًا غريبًا من البارانويا أو ما نسميه فلسطينيًا بالحسّ الأمنيّ".

يروي شقيقه سعيد لـ الوطنية، أن مسيرة الشهيد خلال فترة بعده عنهم كانت قاسية وسببت التشويش الداخلي لكل أفراد العائلة، مضيفاً "كنا نعرف أنه لن يغير من فكره وتلبية نداء الوطن في داخله".

وأضاف سعيد "شقيقي أراد أن يكون خصماً للاحتلال فعاش خصماً ومات خصماً له، ويعرف ذلك كل من عاشره عن قرب".

وأوضح أن باسل كان معروفاً بفكره المقاوم وبتبنيه لأفكار الشجاعة التي تحتم عليه أن يخدم وطنه بطريقته، ولم يتغير أبداً خلال فترة مطاردته عن ذلك.

وقامت قوات الاحتلال بعد منتصف ليلة أمس الأحد بمحاصرة البيت في مدينة البيرة، مطلقة النار على الفور على من فيه، ليرد باسل بحسب الاحتلال بإطلاق النار صوب الجنود، فيطلق الجنود قذيفة "أنيرجا" صوب سدة الحمام، وأستشهد باسل على الفور.

ويعتبر الكثيرون الشهيد مُنظراً ومفكراً لطالما كتب عن "القتال الفردي" كبديل عن غياب الانتفاضات الجماعية، إضافة إلى أنه أول منفذ لفكرة "الاختفاء" و"المقاومة الفطرية".

والملفت للنظر أن كل فصائل المقاومة الفلسطينية عجزت عن استقطابه، وكما يقول الكاتب الصحفي صالح مشارقة "اغتالوا اسما ما زال صغيراً على الدم والفكر السياسي والبحث والثورة".

ويقول أهل المنطقة التي هوجم فيها باسل "خمس دقائق فقط منذ بدء الاشتباك إلى نهايته اشتباك سريع وعنيف".

وأشاروا إلى وجود القرآن الكريم وكتب متنوعة في الفكر والفلسفة والدين والحضارات وُجدت على سرير الأعرج منها: فكر غرامشكي، وقضايا الفكر العربي المعاصر، وأزمة الحضارة والحرية، وحسين مروة، ووليمة متنقلة لإرنست همنغواي، إضافة إلى مجلة الدراسات الفلسطينية، ومجلة العربي الكويتية.

وقال باسل في مقاله السابق قولةً تشبه مسيرة حياته "يملك البرغوث استراتيجية قتالية وتكتيك وتقنيات مذهلة فهو يخز ويقفز ثم يعاود الوخز ويتجنب بذكاء شديد اليد أو القدم الساعية إلى سحقه، إنه لا يستهدف قتل خصمه بل إنهاكه والحصول على غذائه منه وإزعاجه وإثارته ومنعه من الراحة وإتلاف أعصابه ومعنوياته".

استشهد باسل غير منتمياً لأي فصيل، وإنما منتمياً لنفسه وأفكاره، مرسلاً بذلك رسالة إلى كل المدافعين عن أي قضية عادلة في العالم يدعوهم بها إلى النضال الفردي والعمل الثقافي والحراك الشبابي ضد الاحتلال.

المصدر : فادي بارود - الوطنية