كتبت حفيدة المسنة ثريا البدري التي قتلت غدراً قبل نحو أسبوع في منزلها بحي الرمال وسط مدينة غزة كلمات رثاء أشادت بمسيرتها التربوية والدعوية والعلمية.

وفيما يلي نص رسالة الرثاء التي نشرها الطبيب بسام البدري مسئول دائرة العلاج بالخارج والذي فجع بمقتل والدته على يد شاب من عائلة الخضري.

نص الكلمة

الخميس في ليلة الجمعة كان للموت معنا موعد رائحته الفواحة عمت الانوف.. قهرآ و حمدآ.. عمت المنزل الذي عشتي بين جنباته في غزة منذ الاول من شهر أكتوبر للعام الماضي و ليس البارحة كما يدعي البعض.

عمراً من الزمن ليس بالقصير.. آنستني يا حافظة القرآن دائماً في دعمي و تثبيتي على الطريق الأصح من الصحيح.. تلك النصوحة المرشدة المربية التي لم تكل يومآ من طلب العلم حتى في تقدم سنها الـ ٧٨..

يا الله جدتي الغالية.. ليتني كنت بقربك في تلك الساعة المغدورة لنا جميعآ.. أيتها القوية التي تواظب على رياضة المشي الصباحية على شاطىء بحر غزة كم قاومتِ؟ لم أفهم حتى اللحظة كيف هي بداية النهاية، ولكن أمر تلك الدماء الطاهرة في جميع الأنحاء أشعرتني بحجم العناء و الدفاع عن النفس.

أشعرتني بحجم أسى والدي حين رأى أغلى ما كان يملك وأعز ما كان متمسك به في الحياة بين تلك الحادثة ولوحده.. يا أب الصمود والصبر أنت.. يا من تحديت الصعاب لبر والدتك.. عزائي لا يسع الكون بما تشعر، وبما رأيته من بعدك.

جدتي لم تكفني نظرات الغزل الصباحية لوداعي، لم تكفني تلك الابتسامة المليئة بحلاوة الروح والحب لأول حفيدة كفتاة من ابنها الكبير، ألن أرى لمعة تلك العينين في اليوم الذي لطالما تمنيته لي؟!

أتعلمين جدتي كم أحببت ثقتك وحسن عبادتك لله المميزة التي في كل يوم تريني فيه منشغلة في أموري الحياتية تسعي لتعطيني معلومة خاصة من تفكيرك عن تدبير القرآن وما وجدته من حُسن التفكير! كيف تربطين اللغة و القواعد و الجغرافيا و التاريخ وحتى الأحياء من آية واحدة من كتاب الله القرآن الكريم لتصبح حكمة قوية من حكم الله عز وجل تنفعني في حالتي.

كم أحب عباراتك عندما تسأليني عن أحوالي والتي حتى وإن كانت على ما يرام أشعر أنني في وقتها أحتاج منك ذلك الحضن الدافىء الذي يبعث بالاستمرارية بحنان الجدة والأم.

جدتي الحبيبة

القلب يعتصره ألم الفراق، حارق بحرقة المصاب..

ولكن علمت أن من توفي مغدورآ فهو شهيد من منزلة الشهداء و الصديقين بإذن الله.. كما حلمتِ يا أم أبي الغالية..

Thoraya Rajab جدتي

أسأل الله ثواب صبرك في آخر لحظات حياتك

و أن ترثي أيضآ مكان الجاني في الجنة كما يتمنى والدي

إلى جنات الخلد ان شاء الله

إلى روح وريحان وجنات من نعيم

إلى رحمة رب بعباده رحيم

أنار الله لك قبرك

وأفسحه لك على مدى البصر

وجعل لك إلى الجنة بابآ لا ينغلق

وجمعني بك في مستقر رحمته

اللهم آمين يا رب العالمين ))

المصدر : الوطنية