تراجعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أمس الاثنين، عن رواية أحد المسعفين الذين اتهموا عناصر حركة حماس بالاعتداء الجنسي خلال أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بعد أن كانت الصحيفة قد نقلت عن المسعف ذاته شهادته في تقرير سابق التي قال فيها إنه شاهد آثار الاعتداء الجنسي على مراهقتين في إحدى مستوطنات "غلاف غزة".
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، نشرت الصحيفة الأميركية "تحقيقاً" عنوانه: "صرخات بلا كلمات: هكذا استخدمت حماس العنف الجنسي سلاحاً في 7 أكتوبر"، قالت إنّها قابلت فيه أكثر من 150 شخصاً في مختلف أنحاء إسرائيل"، لكن التحقيق بدا أنه يفتقر لشهادات حقيقية لناجيات من العنف الجنسي المزعوم، إلى جانب بناء كل السردية على شهادات أفراد سبق أن أدلوا بمعلومات كاذبة مرتبطة بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة.
وفي التقرير السابق، نقلت الصحيفة عن مسعف إسرائيلي قوله إنه اكتشف جثتي فتاتين مراهقتين ترتديان ملابس جزئية في منزل في كيبوتس بئيري في "غلاف غزة"، وعليهما علامات عنف جنسي، لكن مقطع فيديو جديد اطلعت عليه الصحيفة أكد زيف رواية المسعف، بعدما أظهر جثث ثلاث مستوطنات بكامل ملابسهن دون أن تظهر أي علامات عنف جنسي على أجسادهن، في منزل يقول المستوطنون إن المسعف كان يشير إلى أن الاعتداء الجنسي وقع بداخله.
وقال عدد من سكان الكيبوتس، بحسب ما نقلت عنهم الصحيفة، إنّه "لم يتم الحديث عن مقتل مراهقتين في أيّ منزل آخر في بئيري"، ما جعل الصحيفة تقرّ بأنّ المقطع المصور يثبت أنّ "الفتيات لم يتعرضن لاعتداء جنسي".
ورفض المسعف، الذي تواصلت معه صحيفة "نيويورك تايمز"، الإفصاح عما إذا كان لا يزال متمسكاً بالرواية، زاعماً أنه لا يريد تذكر قصة أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن المسعف متمسك بشهادته لكنه ربما أخطأ في تذكر المكان الذي رأى فيه الفتيات المراهقات.
وكانت رواية المسعف أبرز شهادة استخدمتها تقارير إخبارية دولية لاتهام عناصر المقاومة الفلسطينية بارتكاب عنف جنسي في أحداث السابع من أكتوبر/ تشرين الأول.
وفي وقت سابق، نشر موقع "ذي إنترسبت" الإخباري، استكمالاً لتحقيقاته السابقة حول الادعاءات نفسها، تصريحاً للمتحدث باسم كيبوتس بئيري في منطقة "غلاف غزة"، نفى فيه واحدة من قصص "الناجيات" الواردة في "تحقيق" الصحيفة الأميركية المثير للجدل.
وحدد موقع "ذي إنترسبت"، في تقريره السابق، هوية الشقيقتين اللتين تحدث عنهما المسعف، ونقل عن المتحدث باسم كيبوتس بئيري قوله إنّ الشقيقتين "تعرضتا لإطلاق نار، لكنهما لم تتعرضا لاعتداء جنسي"، مشككاً في الادعاءات المفصلة التي أطلقها المسعف الإسرائيلي الذي اعتُمد مصدراً للادعاء الذي نُشر في "نيويورك تايمز"، و"واشنطن بوست"، و"سي أن أن"، ووسائل إعلام أخرى.
وعلى الرغم من ذلك، كانت المتحدثة باسم "نيويورك تايمز" قد أكدت لـ"ذي إنترسبت" تمسّك الصحيفة بما ورد في "التحقيق"، قبل أن تنشر الصحيفة مقطع الفيديو، أمس الاثنين، وتتراجع عن شهادة المسعف.
وفي ظل تعتيم إعلامي كبير على ما يحصل في قطاع غزة، وتجاهل دولي لقضايا اعتداء جنسي تمارسها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق النساء الفلسطينيات، أحدثها في مستشفى الشفاء، تتعامل الصحف العالمية مع شهادات الإسرائيليين دون التحقق منها في معظم الوقت، فيما تبقى روايات الفلسطينيين عرضة للشك والمساءلة دوماً.
المصدر : وكالات