بعد مرور خمسين يومًا على اقتحام حركة (حماس) الجدار وسيطرتها لساعاتٍ طويلةٍ على 25 مستوطنةٍ إسرائيليّةٍ فيما يُعرف بغلاف غزّة، بالإضافة إلى عددٍ من القواعد العسكريّة في جنوب دولة الاحتلال، أقّرت مصادر أمنية وقانونية إسرائيلية، بأنّه لا دليل ملموس على أنّ المقاومة الفلسطينية نفذت عمليات اغتصاب في مستوطنات الغلاف، خلال هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وذلك بعد دعاية إسرائيلية واسعة بأنّ عناصر حركة (حماس) اغتصبوا النساء، وقطعوا رؤوس الأطفال.

واعترفت المصادر عينها، وفق تقريرٍ بثته القناة الـ 12 بالتلفزيون الإسرائيلي، بأنّ كل ما يملكونه هو شهادات من المتطوعين الذين وصلوا إلى المستوطنات بعد الهجوم من أجل عمليات الإغاثة، ولا يوجد أيّ دليل من الطب الشرعي يمكن الاستناد عليه لتوجيه التهمة لعدد من المقاومين الفلسطينيين الذين أسرتهم قوات الاحتلال.

وبحسب التلفزيون الإسرائيلي، تواجه فرق التحقيق الخاصة التابعة لجهاز الأمن العّام (الشاباك) ومكتب المدعي العام الإسرائيليّ ووحدة لاهاف 433 التابعة لشرطة الاحتلال، صعوبة في الحصول على أدلة الطب الشرعي على جريمة الاغتصاب.

وشدّدّت المصادر عينها على أنّ الصعوبة تنبع من حقيقة أنّ القانون سيطلب من سلطات إنفاذ القانون، تقديم أدلة الطب الشرعي مثل عينات الحمض النووي، لكن جثث الضحايا تمّ دفنها حتى قبل فحصها.

وأشار تقرير التلفزيون أيضًا إلى أنّ سلطات إنفاذ القانون تعتمد في هذه المرحلة على أقوال شهود عيان فقط، رأوا ما وصفوه بأنّه أدلة على اغتصاب، ومع ذلك، من أجل إثبات تهمة الاغتصاب في دعوى جنائية، سيُطلب من المحققين العثور على أدلة.

وقال أحد مسؤولي التحقيق،، كما أكّد التلفزيون الإسرائيليّ، بأنّه لا يوجد أي دليل قاطع على أنّ قادة المقاومة أصدروا أوامر تشمل عمليات اغتصاب خلال هجوم السابع من أكتوبر الماضي، كما يحتمل ألّا يستطيع شهود العيان الإدلاء بشهادتهم أمام المدعي العام، بسبب (اضطرابات عقلية)، على حدّ تعبيرها.

ومن الجدير ذكره في هذا السياق، أنّه بعد عملية طوفان الأقصى، نشرت وسائل إعلام غربية وإسرائيلية، تقارير تتحدث عن حدوث انتهاكات واسعة خلال عملية طوفان الأقصى، بل تخطى الأمر ذلك حتى ردده الرئيس الأمريكي جو بايدن بخطابه، زاعمًا ورود تقارير عن عمليات (قتل أطفال واغتصاب نساء) ارتُكبت في جنوب الدولة العبريّة خلال هجوم حركة (حماس).

وزعمت صحف الاحتلال وبعض وسائل الإعلام، أنّ الشابة التي ظهرت في شاحنة تعود للمقاومة، قد تعرضت للاغتصاب قبل قتلها، وكانت صورتها الأكثر انتشارًا لتدعيم رواية البروباغاندا الإسرائيليّة حول المقاومة.

في أعقاب ذلك، نقلت عدة صحف غربية عن والدة الفتاة تأكيدها، “أنّ ابنتها لم تقتل ولم تغتصب، وهي الآن تعالج في إحدى مستشفيات غزة“، طبقًا لأقوالها.

علاوة على ما جاء أعلاه، فإنّ صحيفة “لوس أنجلوس تايمز” الأمريكيّة تراجعت عن مزاعم الاغتصاب التي نشرتها، وخلصت إلى أنّ كل تلك الحوادث لم يتم إثباتها.

ودعا صحفيون غربيون وسائلَ الإعلام للتحقق من الأخبار المزيفة التي تنتشر، خصوصًا مزاعم الاغتصاب وقتل الأطفال، كما هاجموا بعض وسائل الإعلام البريطانيّة التي تواصل إصرارها على تبنّي هذه الروايات غير المثبتة لدعم الاحتلال الإسرائيليّ.

يُشار إلى أنّ الحرب على الرواية بين إسرائيل والفلسطينيين ما زالت مستمرّةً بوتيرةٍ عاليةٍ، وعلى نحوٍ خاصٍّ بعدما بدأ الرأي العام يُغيِّر من تعامله مع العدوان الإسرائيليّ ضدّ غزّة، وباتت كبرى صحف العالم تنشر الصور التي تُبرِز حمّام الدماء الفلسطينيّ في غزّة نتيجة القصف الإسرائيليّ الوحشيّ بالدبابات والطائرات.

المصدر : وكالات