عبد الفتاح حلس – الوطنية نت:
على مدار الأسابيع الماضية، التي سبقت بدء الاختبارات النهائية لنيل شهادة الثانوية، رافق الخوف 87 ألف طالب وطالبة في محافظات الوطن، من بينهم 38 ألف داخل قطاع غزة، وينتابهم شعور التوتر الشديد، قبل ولوج مراكز الاختبارات صباح اليوم الأربعاء.
وتزامنت الاستعدادات التحضيرية للامتحانات النهائية في القطاع المحاصر، مع جولة التصعيد الأخيرة بحق القطاع المحاصر، والتي نشر خلالها الاحتلال الموت في كل حدب وصوب.
"الوطنية نت" التقت عددا من طلبة "التوجيهي" داخل منازلهم في غزة، والذين تسلحوا بالجد والاجتهاد، لقطع المسافة الأخيرة من "مارثون" الثانوية العامة، ولكن هذه الأجواء التحضيرية كانت لها عدة عوامل بالمرصاد لتعكير صفوها، وأبرزها، تلاصق المنازل، ووقعها في مناطق كثافة سكانية، وأحياء شعبية يقصدها الباعة الجائلون طوال ساعات النهار.
أحلك الظروف
الطالبة تسنيم عاشور من سكان حي الزيتون إلى الجنوب الشرقي من مدينة غزة، لم تهنئ منذ شهرين بيوم هادئ داخل منزلها الذي تعرض لحادثة انفجار وحريق، ناتجة عن اشتعال اسطوانة غاز الطهي، والذي نجم عنه إصابة والديها بحروق بالغة، إلى جانب الأضرار المادية التي لحقت بمكونات المنزل.
جميع ذلك كان كافيا أن يقلب حياة تسنيم رأسا على عقب، فتحولت هي المعيلة لأشقائها الصغار داخل المنزل، ولوالديها في المستشفى، وكذلك عقب عودتهما إلى البيت المنكوب.
وما زاد الطين بلة، إحاطة منزل الطالبة عاشور بسلسلة من الغارات الجوية التي نفذتها طائرات الاحتلال على خمسة أيام متتالية والتي انتهت في يوم 13 مايو الماضي.
وتقول الطالبة بصوت مرتجف، "إن مرحلة "التوجيهي" هي الأصعب بالنسبة لأي طالب، كونها الفاصلة بين مرحلتين دراسيتين مختلفتين، وما زادها صعوبة الحالة النفسية التي تعرضت لها عقب انفجار وحريق منزلنا، وحالة الخوف الدائمة التي لازمتني، تحسبا من تعرضي بيتنا إلى قصف مروحي من طائرات الاحتلال بين ليلة وضحاها".
من جهة ثانية، يقول وليد عاشور والد الطفلة تسنيم ل"الوطنية نت" في حديث خاص، "إنه رغم كل ما تعرضت له وعائلتي من مآس جمة، إلا أنني تغلبت على كل جراحي، لتأمين أجواء مناسبة لابنتي، حتى تنال شهادة الثانوية العامة بأعلى المراتب".
ويضيف, "إنني وفرت لابنتي غرفة خاصة لا تصلها مصادر الضوضاء من داخل المنزل وخارجه، إلى جانب تشجعيها ورفع معنوياتها على مدار الساعة، ومنحها مساحة من الأمل على بعد أسابيع قليلة من الانتقال إلى مرحلة دراسية جديدة".
هزيمة الخوف
بالانتقال إلى حي الشجاعية شرق القطاع، تغلب الطالب عبد الفتاح عائد حلس على حالة الخوف من خوض الامتحانات بوضع خطة دراسية شاملة لجميع المواد التعليمية، قبل بدء الاختبارات الدراسية بشهرين، فيما كان لوالديه الدور الأبرز في تهيئة أجواء دراسية مناسبة تعزله عن أجواء الضوضاء داخل المنزل، وخارجه.
ويصف حلس خلال حديثه مع "الوطنية نت" الاستعدادات للامتحانات النهائية بالجيدة، قائلا،" إن الفترة الدراسية كانت كافية بعد منحهم إجازة شهرين ونصف، وحذف الوحدة الدراسية الأخيرة للمواد التعليمية في الأغلب، منها، الرياضيات والفيزياء، وذلك نظرا لإضراب المعلمين عن الدوام داخل مؤسسات وزارة التربية والتعليم.
ويضيف، "إنه في بداية السنة الدراسية عانت المدارس من نقص حاد في أعداد في المعلمين الذين وفرتهم التربية والتعليم بعد شهرين من بدء العملية التعليمية للسنة الدراسية الحالية، إذ واجهنا معضلة كبيرة، أبرزها عدم اكتمال المنهاج، إذ اعتمد المعلمون على الطلبة بقراءة الدروس وحل الأسئلة والواجبات داخل منازلهم".
ويسترسل الطالب حلس، "إنه نتيجة ذلك، لجأت للالتحاق بالدروس الخصوصية، خاصة في مادتي الرياضيات والفيزياء".
من جهته، يقول والد الطالب حلس، "حاولت قدر الإمكان توفير أجواء دراسية مناسبة لابني حتى يتمكن من التغلب على مصادر الإزعاج الخارجية، التي تستقر داخل منزلنا على مدار ساعات طويلة خلال اليوم".
المصدر : الوطنية