في الفترة الزمنية الممتدة ما بين عام 1987 حيث أحداث الانتفاضة الفلسطيية الأولى، وصولا إلى الأيام الحالية، التي تزاحمها جولات الحروب الإسرائيلة، الكثير من أوجه الاختلاف العديدة عبر تلك السنوات البعيدة، شهدتها دراسة الثانوية العامة "التوجيهي"، وامتحاناتها التي تشغل حيزا كبيرا من اهتامات العائلة يوميا، لتمهيد الطريق لابنها أو ابنتها للظفر بشهادة التوجيهي.
وفي مقارنة سريعة بين والد حصل على شهادة الثانوية العامة في ثمانينات القرن الماضي، وابنه الذي يستعد لخوض غمار عملية الاختبارات المفصلية بين مرحتلين دراسيتين مختلفتين، قال أبو حمدي دوله، إن الكثير من جوانب التطور العمراني والتكنولوجي على مدار أكثر من 36 عاما، أسهمت في اتساع فجوة أوجه الاختلاف بين التوجيهي أيام زمان، واليوم، وكأنها الفرق ما بين حياة البدو والحضر".
وأشار دوله الذي يخوض نجله أحمد امتحان الثانوية العامة لهذا العام، إلى أن مساحات المنازل قديما ضيقة جدا، وغالبيتها مسقوفة بالزينكو والكرميد الأحمر، مضيفا،" ولكن كان جميع أفراد العائلة يلتزمون بتوفير الهدوء التام، ليكمل الطالب الاستعدادت الكاملة لخوض معركة الأعصاب التي تنتهي مع إعلان نتائج التوجيهي.
واسترسل الرجل الستيني،" إنه منذ ساعات الصباح الباكر للإعلان عن نتائج التوجيهي سابقا، كنت أتشبث بجهاز الإذاعة ليسترق السمع لحظة إذاعة أسماء الناجحين، ونتائج الامتحانات النهائية".
وشاركه الحديث ابنه أحمد ضاحكا،" أنا لن أجبر اليوم على جميع ذلك، فنتيجة التوجيهي ستصلني على الهاتف المحمول، دون الاضطرار لانتظار الإذاعات لتذيعها على مدار ساعات طولية، أو تلك الصحف التي تطبع أسماء الناجحين، لتصدر عصر يوم الإعلان عن النتائج".
وفي مقارنة أخرى، قال الوالد،" إن المنازل اليوم جميعها مكونة من عدة طوابق إسمنتية، وتشهد اتساعا كبيرا في أعداد الغرفة وأركان المنزل، والتي تضمن توفير الهدوء بدون تدخل بشري يقود حرب صامتة، حتى لا تتسلل الأصوات المرتفعة إلى "عتبة" الغرفة التي كان يقضي الطالب سابقا جل وقتها جالسا عليها استعداد للامتحانات".
ورغم انحسار مساحة الدراسة داخل المنازل قبل 36 عاما، إلا أن التيار الكهربائي لم يغيب يوميا عن حجراتها الضيقة، طول ساعات الليل والنهار، أما اليوم فيضطر أرباب الأسر إلى تحمل أعباء إضافة لتوفير بدائل قطع الكهرباء على مدار الساعة، لتصل الإنارة إلى حروف كتب "التوجيهي"، وذلك بحسب دوله.
وسرعان ماعاد الابن لمقاطعة أباه بقوله: "في عامنا فرص إعادة التوجيهي لمن يرسب في مادة أو أكثر سهلة، فسابقاً كانت عقيمة بإعادة عام دراسي كامل لكي يتسنى له الالتحاق بالمرحلة الجامعية دون الاضطرار لانتظار عام آخر.
ومن الجدير ذكره، يخوض يوم غد الأربعاء 87 ألف طالب وطالبة امتحان الثانوية العامة في كافة محافظات الوطن، من بينهم 38 ألف من قطاع غزة.
المصدر : غزة - الوطنية: