خاص الوطنية:
الساعة العاشرة مساء بتوقيت قطاع غزة المحاصر، كانت آخر قبلة تطبعها ميرال على وجه والدها الطبيب جمال خصوان، فخلدت إلى نومها، حاملة في طيات ذاكرتها الهدايا التي ستنالها من والديها عند تميزها في الفصل الدراسي الحالي، الذي أوشك على الانتهاء.
مرت لحظات العمر سريعة، حتى أبعدت ميرال عن كافة أفراد أسرتها، ما بين شهيد وجريح، ففي لحظة وجدت نفسها داخل سيارة إسعاف وزملاء مهنة والدها يلتفون حولها، لا تدري ما الخطب، لا تدرك حقيقة كل ما تشاهده حولها، ومشاهد غبار الركام الذي غطى جسمها وملابسها.
نقلها الأطباء من داخل سيارة الإسعاف إلى سرير داخل المستشفى، في محاولة لتهدئة روعها، ولكن قلبها قبل لسانها يسأل قائلا ببراءة متناهية "أين بابا؟، أين ماما؟، أين أشقائي؟".
ضاقت دموع ميرال بسؤالها ذرعا، لم تحتمل أن تمر ثانية واحدة لتنتظر من يجيب أسئلة حيرت قلبها، حتى انهمرت كعين ماء بعد سنوات عجاف.
هنا أدركت ميرال أنها أصبحت وحيدة في هذه الدنيا، ليسارع لسانها صارخا ما أخفاه قلبها "بدي بابا؟، بدي ماما؟".
في صباح الثلاثاء فاقت غزة على وقع مجازر بشعة ارتكبها الاحتلال طوال ساعات فجر اليوم ذاته، إلا أن ميرال لم تستفيق من وهل صدمتها، حتى بعد أن ألقت نظرة الوداع على جثماني والديها
من يقترب من ميرال بعد أن أصبحت وحيدة يسمع لسانها يردد،" إن أغلى ما أملك في حياتي فارقني، حتى يوسف الذي كان يرافقني يوميا إلى المدرسة، ولم يعد يشتري الأيس كريم الذي أحبه بعد أن أنفق مصروفي اليومي".
وكما ميرال، كان جميع أفراد أسرتها البالغة سبعة أفراد نائمون في شقتهم بالطابق السادس من بناية سكنية في حي الرمال بغزة، لتباغتهم صواريخ الاحتلال، فتقض مضاجع العائلة إلى الأبد، حيث أسفر ذلك عن استشهاد طبيب الأسنان جمال خصوان (52 عامًا)، رفقة زوجته مرفت صالح خصوان (44 عاماً)، وابنهما يوسف (19 عاماً) وهو طالب في السنة الثانية بكلية طب الأسنان، فيما نجا نجلاه يزن (16 عاما) ويامن (14 عاما) بأعجوبة ليصابا بجروح بالغة.
المصدر : الوطنية