الكفارة هي عقوبة وضعت لمعالجة كل مخالفة غير مصرح بها أو غير مشروعة عن تفويت صيام يوم في رمضان أو ارتكاب محظور من محظورات الصيام، وهي واجبة - مع القضاء - على من أفطر في نهار رمضان متعمداً من غير رخصة من مرض أو سفر أو حيض، أو غير ذلك لأنه؛ ارتكب إثماً عظيماً، وأتى كبيرة من كبائر الذنوب بانتهاكه حرمة ركن من أركان الإسلام.

وقد روى الإمام أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ، مِنْ غَيْرِ رُخْصَةٍ، لَمْ يَجْزِهِ صِيَامُ الدَّهْرِ.

وكفارة الفطر عمدا فى صوم شهر رمضان هى تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا، وتجب الكفارة بالجماع في نهار رمضان باتفاق جمهور الفقهاء، وتجب بالأكل أو الشرب عمدا عند الأحناف، والمالكية، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَإِسْحَاقَ، وقال الشافعي، وأحمد عليه القضاء ولا كفارة عليه، لأنه ذُكر عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكفارة في الجماع ولم يُذكر عنه الكفارة في الأكل والشرب وهما لا يشبهان الجماع.

وتجب الكفارة بترتيبها المذكور- العتق ثم الصيام ثم الإطعام - عند الأحناف والشافعية وجمهور الحنابلة، وفي رواية عن الإمام أحمد أنها على التخيير بين العتق والصيام والإطعام وبأيها كفر أجزأه، وهذا بناء على أن أو للتخيير، لما روى أبو هريرة أن رجلا أفطر في رمضان، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا. أخرجه مسلم في صحيحه .

وعند المالكية كفارته على التخيير أيضا، ولكنهم فضلواالإطعام على العتق فجعلوه أولا، لأنه أكثر نفعا لتعديه لأفراد كثيرة، وفضلوا العتق على الصوم؛ لأن نفعه متعد للغير بخلاف الصوم، فالصوم عندهم في المرتبة الثالثة.

وسواء كان هذا أو ذاك، فإن صوم كفارة الفطر في رمضان شهران متتابعان عند الأئمة الأربعة؛ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال: بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ. قَالَ: «مَا لَكَ؟» قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟» قَالَ: لاَ، قَالَ: «فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ»، قَالَ: لاَ، فَقَالَ: «فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا». قَالَ: لاَ، قَالَ: فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَيْنَما نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ - وَالعَرَقُ المِكْتَلُ - قَالَ: «أَيْنَ السَّائِلُ؟» فَقَالَ: أَنَا، قَالَ: «خُذْهَا، فَتَصَدَّقْ بِهِ» فَقَالَ الرَّجُلُ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لاَبَتَيْهَا - يُرِيدُ الحَرَّتَيْنِ - أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي، فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: «أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» أخرجه البخاري في صحيحه.

المصدر : وكالات