جسد الخليل بن أحمد الفراهيدي شخصية فائقة الذكاء، متنوعة الاهتمامات في حقول متعددة من العلوم؛ بعضها أصيل في العربية صوتا وصرفا ونحوا ودلالة ومعجمة وموسيقى، وبعضها في العلوم البحتة كالرياضيات، والتطبيقية كالكيمياء، وبعضها في الفقه أيضا.
فقد ولد الخليل بن أحمد الفراهيدي، الأزدي، سنة 100هـ وعاش في البصرة، ألف عددا من الكتب، أهمها وأشهرها كتاب العين، وهو أول معجم عربي، وهو مخترع علم العروض.
أثنى عليه كثير من علماء المسلمين وقال عنه حمزة بن الحسن الأصبهاني في كتاب "التنبيه على حدوث التصحيف": "فإن دولة الإسلام لم تخرج أبدع للعلوم التي لم تكن لها أصول عند علماء العرب من الخليل، وليس على ذلك برهان أوضح من علم العروض الذي لا عن حكيم أخذه، ولا على مثال تقدمه احتذاه، وإنما اخترعه من ممر له بالصفارين من وقع مطرقة على طست، ليس فيهما حجة ولا بيان يؤديان إلى غير حليتهما أو يفيدان عين جوهرهما، فلو كانت أيامه قديمة، ورسومه بعيدة لشك فيه بعض الأمم؛ لصنعته ما لم يصنعه أحد منذ خلق الله الدنيا من اختراعه العلم الذي قدمت ذكره ومن تأسيسه بناء كتاب "العين" الذي يحصر فيه لغة كل أمة من الأمم قاطبة، ثم من إمداده سيبويه في علم النحو بما صنف كتابه الذي هو زينة لدولة الإسلام".
وفي كلام الأصبهاني دلالة واضحة على مكانة الخليل العلمية.
ولعل القصة التي تحكي وفاة الخليل تحوي ما يدهش أيضا، إذ أتته فتاة ظلمها إخوتها ميراثها، وطلبت منه أن يصنع لها حسابا ينصفها. فدخل الخليل المسجد وهو يفكر في استخراج حساب دقيق يصلح لمثل حالتها، فارتطم رأسه بسارية من سواري المسجد، فمات.
وقيل: بل كان يقطع بحرا من العروض في المسجد فاصطدم بالسارية، وكان ذلك في جامع البصرة سنة 170هـ.
المصدر : وكالات