زعمت كتب التاريخ أن أوّل مثلية في الجزيرة العربية كانت زرقاء اليمامة التي عشقت هند بنت النعمان الثالث ملك الحيرة.

زرقاء اليمامة والتي تعرف بهند بنت الخس، هي الفصيحة والشاعرة ذات شخصية مثيرة للجدل.

فقد تصور الأخبار التي وصلتنا عنها، أنها أبدت مهارتها وسرعة بداهتها بأجوبتها الذكية لطالبي النصيحة، وكان يقصدها الناس من شتّى زوايا الجزيرة العربيّة وكانت هند تنصحهم بما هو الأفضل بخصوص مواضيع عديدة ومتنوعة كقيمة القطيع وخصوبة المراعي.

ولكن عند تناول تفاصيل حياتها، نجد ثلاث صور متضاربة لشخصيتها: الأول، تشير إلى أنها كانت مستقلة، لها نظرتها الخاصة التي تتخطّى تقاليد مجتمعها بما يتعلّق في الزواج والارتباط، حيث يقال أنّه عندما سُئلت عن أيّ الرجال أحبّ إليها، أجابت: “السهل النجيب، السمح الحسيب، الندب الأريب، السيد المهيب”. وحينما قيل لها "ألا تتزوجين؟" أجابت: "بلى، لا أريده أخا فلان، ولا ابن فلان ولا الظريف المتظرف ولكن أريده كسوباً إذا غدا، ضحوكاً إذا أتى".

ولكن هناك صورة أخرى تقدم عنها، وهي أنها قد أقامت علاقة مع مولاها، وعندما سئلت عن السبب، أجابت: "قرب الوساد، وطول السِّواد" أيّ الفرصة تجعل من الإنسان لصّاً، كما ورد في كتاب الغراب والصقر، لحسن الشريدي (2014).

لكنّ الصورة الثالثة، والأشهر، هي ما روي عن علاقات هند بنت الخس، في كتاب "جوامع اللّذة"، الذي سلّط الضوء على الثقافة الجنسية عند العرب. 

يذكر في الكتاب قصّة حب بينها وبين وامرأة مسيحية في العصر الجاهلي تعتبر أول علاقة مثليّة مؤرخة بين امرإتين في التاريخ العربي، وبطلتا هذه الرواية هما: هند بنت الخس وعشيقتها، بحسب زعم الخبر، هند بنت النعمان. يقال أنّ هند بنت النعمان كانت مخلصة لبنت الخس لدرجة أنّها قصّت شعرها قصيراً وارتدت رداء أسود وعاشت حياة زاهدة بعد ممات "الزرقاء".

هذا لأنّ هند بنت الخس لقّبت بالزرقاء، والسبب مزدوج فهناك من أخطأ وخلطها بزرقاء اليمامة، وهناك من سمّاها الزرقاء إشارة إلى لون عيونها. تروي أيضاً بعض الكتب أنّ هند بنت النعمان بنت ديراً وأطلقت عليه اسم "الزرقاء" في ضواحي الكوفة، حباً وتقديراً لذكرى عشيقتها، بحسب "مثلية النساء في الشرق الأوسط"، لسمر حبيب (مجلة العرب، العدد 9).

تداول الكثير من شعراء العرب قصة الحب المزعومة بينهما، منهم همام بن غالب المعروف بالفرزدق، فقال وهو يخاطب جرير بن عطية: وفيت بعهد كان منك تكرماً.

كما لابنة الحسن اليماني وفت هند وهناك من يقترح تأثر أدباء الغرب بمغامرات الزرقاء الرومنسية، فيقال أنّ الملحمة الفرنسية “إيد وأوليف" (Yde et Olive) كانت مبنية على حياة بنت الخس ومن المحتمل أنّ اللاحقة “ادية” في اسم هند (الإياديّة) أصبحت Yde في اللّغة الفرنسيّة، بحسب كتاب "نساء عرب مثليات وشبه مثليات"، لسحر عامر (2009).

لا توجد الكثير من المعلومات عن حياة هذه الفصيحة الجاهليّة لكننا نستطيع الاستنتاج من النبذات المكتوبة عنها أنّها كانت شخصيّة مثيرة للاهتمام والجدل.

المصدر : وكالات