يعد عيد الهالوين من الأعياد التي يُحتفل بها في عدد من الدول الأوروبية، وانتقلت العدوى إلى العالم العربي والعالم الإسلامي في 31 من شهر أكتوبر في كل عام، حيث تمتلئ المنازل والمتاجر بتماثيل أشباح ووحوش ومومياوات وشواهد قبور على الأرض وبيوت عناكب وثمرة يقطين مجوفة وقشرتها منحوتة على شكل وجه شرير في وسط أنوار يغلب عليها البرتقالي والبنفسجي ليكتمل جو الرعب المثير.

تسير فتيات بملابس أميرات ديزني وسط أبطال خارقين وخارقات وشخصيات وهمية وشيطانية، والكل يحمل في يده وعاء لجمع حلوى الهالوين؛ ويخيّرون الجيران -حين يدقون على أبوابهم- بين المقلب أو الحلوى.

يعتبر الكثير من المؤرخين عيد ” السمهين ” الذي كان يحتفل به أقوام الـ ” الكيلتك ” القدامى ( من أيرلنديين واسكوتلانديين وويلزيين ) هو الأصل الذي تحول فيما بعد إلى عيد الهالوين.

فقد كان يوم السمهين أول يوم من أيام السنة لدى الكيلتك الوثنيين ، كما أنه كان يوم الموتى ، حيث كان الناس يعتقدون أن أرواح الموتى الذين ماتوا في تلك السنة يسمح لهم بالعودة إلى أرض الأحياء .

ولا تزال الكثير من المعتقدات التقليدية والعادات التي كانت تصاحب الاحتفال بعيد سمهين لا تزال تصاحب الاحتفال الذي يقوم به الناس في الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر / تشرين الأول .

ولعل أهم ما بقي من تلك العادات عادة تقديم بعضا من الطعام والشراب ( في هذا الوقت تقدم الحلويات ) للمحتفلين الذين كانوا قد تقنعوا ولبسوا زيا خاصا بتلك الاحتفالات ، إضافة إلى عادة إشعال الحرائق في الهواء الطلق .

وقد أدمج هذا العيد بـ (عيد القديسين) الذي يحتفل به النصارى والذي كان يعرف بـ ” هلوز إيف ” أو “هلوز إيفن” ومعناه: ليلة القديسين ، وهي الليلة التي تسبق يوم القديسين الذي كان يعرف باسم ” هلوز دي ” . وقد اشتق اسم هالوين من عبارة ” هلوز إيفن ” .
وقد كان الناس في مناطق عدة من أوربا – وحتى وقت قريب – يعتقدون أن الموتى في تلك الليلة يمشون بينهم ، وأن السحرة يحلقون فوقهم . ولهذا السبب توقد النيران في الهواء الطلق وذلك لإبعاد تلك الأرواح الشريرة .

وقد تمَّ في القرن التاسع عشر استبدال مهزلة: ” الساحرة ” بالأطفال المخادعين ، كما أصبح الناس ينظرون إلى أرواح سمهين – التي كان يعتقد أنها متوحشة وقوية – على أنها شريرة .

وقد ابتدأ النصارى المتمسكين بعقيدتهم منذ ذلك الوقت بنبذ مثل تلك الأعياد .حيث أصبح واضحاً لهم أن ما يسمى بالآلهة وغيرها من الأرواح التي في أصلها إنما هي معتقدات وثنية ، لم تكن إلا من خدع الشيطان .

كما أن القوى الروحية التي أحس بها الناس في مثل تلك الأعياد ، هي قوى حقيقية لاشك ، إلا أنها من عمل الشيطان الذي أضل الناس، وجعلهم يعبدون الأوثان . لذا فقد نبذ النصارى الطقوس التي تصحب الاحتفال بعيد هالوين بما فيها الرسومات التي تمثل الأرواح والأشباح المصاصة للدماء والهيكل العظمي للإنسان – الذي يرمز للموتى – والشيطان وغيرها من المخلوقات الشريرة .

ومما يجدر التنبيه إليه أن عبدة الشيطان ـ وإلى يومنا ـ هذا يعتبرون يوم الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر / تشرين الأول أكثر الأيام قداسة عندهم ، وهناك الكثير من النصارى المتمسكين بدينهم ينأون بأنفسهم عن الخوض في مثل تلك الاحتفالات .

سبب احتفال الهالوين :-

بحسب موسوعة "بريتانيكا" (Britannica) فإن الهالوين بدأ كمهرجان وثني ينطق باسم "ساهوين" واحتفلت به شعوب "الكلت" (Celtic) في أيرلندا وبريطانيا القديمة فيما يوافق اليوم الأول من نوفمبر/تشرين الثاني بتقويمنا الحالي، وعدوه بداية العام الجديد وبداية الشتاء وموسم الظلمة، فقد كان عامهم ينقسم إلى موسميّ نور وظلمة. وفي هذا الوقت تجدد عقود الأراضي وتعود القطعان من المراعي.

وكما ورد أنّ هؤلاء الكلت اعتقدوا بوجود حاجز بين عالم الأحياء وعالم الأموات وأنّه يزول أو يكاد في عشيّة "ساهوين" أي في 31 أكتوبر/تشرين الأول، فأرواح من رحلوا في العام المنتهي تكون عالقة ولا تغادر إلى العالم الآخر إلا في تلك الليلة، كما تأتي الأرواح الراحلة فتزور أهلها، لذا وضعوا كراسي فارغة حول الموائد وتركوا أبواب البيوت مفتوحة.

أما الأرواح الشريرة، فقد أشعلوا النيران على قمم التلال لطردها، وارتدوا الأقنعة لكي لا تتعرف عليهم. وبسبب قدوم الأرواح فإن هذه أفضل فترة للذهاب إلى الكهنة لمعرفة الأخبار المستقبلية عن الصحة والزواج والموت.

ثمّ غزا الرومان تلك المناطق وجاؤوا باحتفالهم الخاص بذكرى الموتى وبآلهة الحصاد بومونا، وهذا المزيج رسّخ ارتباط الأرواح والأشباح والموتى بالملابس التنكرية وتزيين الثمار.

الحكم الشرعي في الهالوين:-

والذي أراه أن الحكم الشرعي للهالوين هو الحرمة، وذلك للتالي:

لما له من جذور تاريخية، إما وثنية وإما نصرانية، ومثل هذا لا يجوز الاحتفال به.

لأن فيه تشبه بالغير فيما يخالف ما جاء به الشرع، روى أبو داود عن ابن عمر، قال، قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلّم "مَن تَشبَّه بقوم فهو منهم". ولا شك أن التشبه هنا واضح بما هو مخالف للشرع.

كونه عيدا لغيرنا يجعل الحرمة مصاحبة له، إذ أبدلنا الله من الأعياد ما فيه غنية، وفي الحديث "إنّ الله قد أَبدلكم بهما خيرا منهما: يوم الفطر، ويوم النّحْر".

اشتماله على مخالفات شرعية، ومنها:

اعتقاد عودة الأرواح، وهذا يخالف الشرع، فالأرواح ليس لها عودة سنوية ولا شهرية.

اعتقاد الضرّ من هذه الرواح، واعتقاد دفعه بمثل هذه الأشياء (صور الأشباح- الأطعمة)، والمؤمن يعتقد أن النفع والضرر بيد الله سبحانه {قُل مَن بيدهِ مَلكوتُ كلّ شيء وهو يُجير ولا يُجار عليهِ} [المؤمنون: 88].

تعويد الأولاد على السؤال من خلال الدوران على البيوت، وهذا أمر غير محمود، إذ الأصل أن يعود الطفل العطاء لا الأخذ، والجود لا الطلب، وإن كان من طلب فيكون من أقرب الناس ومن له صلة بهم.

بث الرعب من خلال الأزياء أو الأشكال التي تصاحب هذا الاحتفال، وقد نهى الشرع عن ترويع الآخرين وتخويفهم، "روى البخاري في الأدب المفرد عن عبد اللَّه بن السّائِب، عن أبيه، عن جدّه قال سَمعتُ رسولَ اللَّه صلّى الله عليه وسلّم يَقول "لا يأخذ أَحدُكم مَتاع صاحبه لاعبا ولا جادّا، فإذا أَخذ أحدكم عصا صاحبِه فليَرُدّها إليه".

المصدر : وكالات