كشفت صحيفة "الأخبار" اللبنانية المقربة من تنظيم حزب الله تطورات جديدة في ملف مفاوضات الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي بواسطة الولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن "لبنان يدخل مرحلة جديدة من التحديات المتصلة بملف ترسيم الحدود البحرية مع العدو، فزيارة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتين إلى بيروت اليوم لا تحمل مسودة اتفاق للنقاش، بل إن ما يحمله هو عرض لنتائج الاجتماعات التي عقدها منذ خمسة أسابيع، لكي يستمع إلى وجهة نظر لبنان حيال بعض النقاط قبل أن يسافر إلى الخليج ومن ثم إلى الولايات المتحدة لاستئناف المفاوضات مع كل الأطراف المعنية".
وبحسب مصادر معنية بالتفاوض المباشر وغير المباشر الجاري منذ شهر، فإن هوكشتين يتصرف وفق مبدأ "طمأنة لبنان" إلى أن الاتفاق سيكون جاهزاً قريباً ويحقق طلبات لبنان، و"مراعاة إسرائيل" لناحية ترتيب الشكل والتوقيت، وحتى بعض المضامين المتعلقة بمستقبل عمل الشركات العالمية في سواحل فلسطين ولبنان على حد سواء.
وذكرت المصادر أن هوكشتين اجتمع ثلاث مرات مع الجانب الإسرائيلي بصورة مباشرة منذ زيارته الأخيرة إلى لبنان. وعقد اجتماعات عدة أخرى عبر تطبيق "زوم"، شملت رئيس حكومة تصريف الأعمال في كيان الاحتلال يائير لابيد ومستشار الأمن القومي أيال حولتا الذي زار واشنطن لهذه الغاية، ومسؤولين في وزارتي الخارجية والطاقة.
كذلك التقى هوكشتين مستشار الرئيس الفرنسي لشؤون الأمن القومي السفير إيمانويل بون أثناء زيارته الأخيرة إلى واشنطن، قبل أن يلتقيه مجدداً في باريس أمس، إضافة إلى لقاءات مع الرؤساء التنفيذيين لشركتي "توتال" و"إنيرجيان" ومسؤولين قطريين، وبقي على تواصل دائم مع نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الياس ابو صعب.
وبحسب المصادر، فإن التطور الأبرز في الأيام العشرة الأخيرة، تمثل في حصول الإدارة الأميركية، من "إسرائيل" ومن دول أخرى من بينها لبنان إضافة إلى مصادر استخباراتية أميركية، على معلومات تفيد بأن المقاومة الإسلامية (حزب الله) تقوم بخطوات ميدانية على الأرض تشير إلى أنها في وضعية قتالية، وأن التهديدات التي أطلقتها ضد المنشآت الإسرائيلية حقيقية ووشيكة ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات سريعة.
كما أبلغ الأوروبيون الأميركيين بأن عدم التوصل إلى اتفاق قد يؤدي إلى معركة تطيح بالاستقرار في كل منطقة شرق المتوسط، وقد يتسع ليشمل كل منطقة البحر الأبيض المتوسط، ما سينعكس على كل مشاريع إمداد أوروبا بالغاز من هذه المنطقة، فيما ستكون موسكو المستفيد الأول من هذه المعركة في حال حصولها.
وبناء على هذه المعطيات، سارع الأميركيون إلى تكرار ضغوط غير معلنة على زعيم المعارضة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لعدم إقحام الملف في المعركة الانتخابية.
أيضا اتصل الرئيس الأميركي جو بايدن بلابيد لحثه على السير قدماً في الاتفاق، وتوفير نوع من الغطاء له، خصوصاً أن رئيس وزراء الاحتلال عبّر للجانب الأميركي وغيره عن خشيته من التأثيرات السلبية للاتفاق عليه في الانتخابات المقبلة للكنيست، لأن "التنازلات المطلوبة من "إسرائيل كبيرة وتعزز منطق التهديد والابتزاز الذي يقوم به حزب الله".
وأوضحت المصادر أن المعطيات التي تجمعت في أميركا وفرنسا ولبنان تشير إلى أن الجانب الأميركي حصل من حكومة لابيد على موافقة مبدئية على مطالب لبنان لناحية تثبيت الخط 23 واعتبار حقل قانا كاملاً من حصة لبنان.
واعتُبرت موافقة لابيد، مدعوماً من المؤسستين الأمنية والعسكرية، بمثابة ورقة حفظها الوسيط الأميركي في جيبه.
في حين، قال مصدر معني بالمفاوضات إن ما جرى عملياً هو حصول الأميركيين على موافقة إسرائيلية يمكن وصفها بـ"وديعة لابيد"، في إشارة إلى ما سبق للإدارة الأميركية أن حصلت عليه في تسعينات القرن الماضي من موافقة إسرائيلية على طلبات سوريا للانسحاب من الجولان وسميت بـ"وديعة رابين".
وروّج الجانب الأميركي إلى أن موافقة لابيد ستكون مثبتة على طاولة أي رئيس حكومة جديد في الكيان الإسرائيلي، وهو أمر لا يزال محل شكوك، لأن الجميع يتذكر ما الذي حل بوديعة رابين عندما قصد الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون واكتشف أن الاحتلال تراجع عنها.
وبحسب "الأخبار" اللبنانية فإن الحصيلة الإجمالية لكل الفترة الماضية في عهدة الجهات اللبنانية المعنية تفيد بالآتي:
أولا: وافقت حكومة لابيد على الخط 23 وعلى اعتبار حقل قانا كاملاً من حصة لبنان.
ثانيا: عدم وجود أي نوع من التطبيع أو الأعمال المشتركة تقنياً ومالياً وتجارياً.
ثالثا: عدم قدرة حكومة لابيد على إنجاز التفاهم في وقت قريب.
رابعا: تجميد كل الأعمال في حقل كاريش لضمان عدم حصول مواجهة عسكرية.
خامسا: إعلان الشركات العالمية، ولا سيما «توتال»، استعدادها للعودة إلى العمل، علماً أن فرنسا أبلغت لبنان رسمياً (أول من أمس) بأن عودة الشركة رهن إعلان رسمي عن الاتفاق بين لبنان و"إسرائيل".
جدول زيارة هوكشتين
وبحسب المتفق عليه، سينتقل هوكشتين إلى الناقورة بواسطة مروحية للجيش الإسرائيلي قرابة العاشرة والنصف صباحاً، لتنقله مروحية تابعة لقوات الطوارئ الدولية من الناقورة إلى القصر الجمهوري قرابة الحادية عشرة والنصف.
وسيلتقي بو صعب والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قبل الاجتماع مع الرئيس ميشال عون الذي سيبلغه موقف لبنان الرسمي، لينتقل بعدها برفقة بو صعب وإبراهيم إلى عين التينة والسراي للاجتماع مع الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، قبل أن يغادر قرابة الثانية والنصف إلى المطار متوجهاً إلى الخليج، ما لم يطرأ ما يؤخر السفر لوقت قصير.
وقبيل وصوله، أجربت أمس سلسلة اتصالات بين الرؤساء الثلاثة والجهات المعنية شارك فيها بو صعب وإبراهيم، وتم الاتفاق على صياغة الموقف الذي سيتبلغه الموفد الأميركي، والذي سيؤكد على أنه ليس لدى لبنان ما يضيفه على ما أبلغه إياه في الرحلة الأخيرة، وأن الوقت الذي سيطلبه هوكشتين يجب أن يكون محدداً وليس مفتوحاً كما حصل المرة الماضية.
كما سيتبلّغ الوسيط الأميركي بأن محاولة تأخير الاتفاق إلى ما بعد الأول من تشرين الثاني المقبل، أي موعد الانتخابات في "إسرائيل"، وبقصد عدم توقيع الرئيس ميشال عون، يتطلب إما ضمان انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون الاتفاق أول أعماله، أو ضمان تشكيل حكومة جديدة في لبنان قبل نهاية الولاية الرئاسية.
فيما، علمت "الأخبار" أن الجانبين الأميركي والفرنسي تبلغا أنه "لا يجب الرهان على أنه يمكن لحكومة تصريف الأعمال الحالية القيام بالمهمة المناطة برئيس الجمهورية، وأن أي محاولة من الرئيس ميقاتي أو غيره للقول بأنهم قادرون على توقيع الاتفاق حتى ولو لم تتشكل الحكومة وحصل شغور رئاسي ستواجه مشكلة كبيرة لبنانياً".
ولفتت الصحيفة إلى أن الوسيط الأميركي المعروف بصلافته، وبعدما حاول قبل أيام التهرب من زيارة لبنان مقترحاً عقد اجتماع مع مندوبين عن الرؤساء الثلاثة في قطر، كرر أمس المحاولة عندما طلب أن يعقد اجتماعاً مع نائب رئيس المجلس والمدير العام للأمن العام ومندوبين عن الرئيسين بري وميقاتي في الناقورة.
وأضافت "عندما جاءه الجواب بالرفض، سأل عن إمكانية أن يجتمع الرؤساء الثلاثة في القصر الجمهوري بحضور بقية المسؤولين للاجتماع به نظراً لـ"انشغاله في ترتيب رحلته الخليجية".
إلا أنه تبلغ رفض لبنان هذه الفكرة، وعندها طلب من السفارة الأميركية في بيروت المسارعة إلى طلب مواعيد للاجتماعات مع الرؤساء الثلاثة بشكل منفصل.
المصدر : الوطنية