كشفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، اليوم الجمعة، عن موقف حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي، من التعامل مع الواقع السياسي والاقتصادي، عقب العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة .
ووفق الصحيفة، فإن "حماس" تفضل حاليا استمرار الهدوء في قطاع غزة، ومحاولة تحسين الوضع الاقتصادي من خلال التسهيلات المقدمة مؤخرا من قبل الحكومة الإسرائيلية، على الشروع في أي تصعيد خلال الفترة الحالية أو القريبة.
وأضافت: "في حين أن حركة الجهاد الإسلامي ستجد صعوبة للشروع أو الدخول في جولة قتال جديدة بدون أن تشاركها حماس عقب فشلها في الجولة الأخيرة". وفق قولها
وتابعت: "الجيش الإسرائيلي راض عن نفسه بعد الانجازات التي حققت في العملية الأخيرة بغزة وتحييد حماس عنها، والتفاؤل بالاستمرار في الهدوء من قبل حركة حماس، والتسامح مع سلوكها بمزيد من الخطوات المدنية، إلى جانب العمليات الناجحة في الضفة الغربية للقضاء على الخلايا المسلحة، رغم القلق للتزايد بشأن ما يحدث في المنطقة".
وبحسب الصحيفة، فإن "الجيش الإسرائيلي يشير بشكل أساسي إلى نجاح العملية بغزة للمعلومات الاستخباراتية الدقيقة التي قدمها الشاباك حول نوايا الجهاد الإسلامي وكذلك تحديد أماكن قيادته والتحضير السريع لشن ضربة مفاجئة واستباقية، إلى جانب نجاح المنظومة الدفاعية في إفشال نوايا الجهاد بتدفيع إسرائيل الثمن، وحرمان الحركة من إطلاق أي صواريخ مضادة للدبابات، أو طائرات بدون طيار، والتصدي لصواريخها من قبل منظومة القبة الحديدية.
وقالت إنه منذ لحظة اعتقال القيادي بالجهاد بسام السعدي، وما تعرض له خلال العملية ونشر مقاطع فيديو لذلك، كان الافتراض القائم أن أمين عام الجهاد الإسلامي زياد النخالة الذي كان في طهران حينها، هو من اتخذ قرارًا بالاستعداد للانتقام، وكان قرارا عاطفيا أمام ما نشر من مشاهد لاعتقال السعدي وتعرضه للاعتداء. وفق قولها
واعتبرت أن الجهاد الإسلامي وافق على وقف إطلاق النار بسبب أن إطلاقه ل 1200 صاروخ وقذيفة، لم يتسبب بأي أضرار حقيقية في إسرائيل، فيما ترى هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي أن الأضرار التي لحقت بالحركة تزيد من الضرر الذي لحق بحركة حماس في عملية "حارس الأسوار/ سيف القدس " والتي ما زالت مترددة للغاية في دخول مواجهة.
وبينت أن "الأمل القائم حاليا داخل المنظومة الأمنية الإسرائيلية، هو أن فشل الجهاد، والثمن الذي تكبدته الحركة بقتل اثنين من كبار قادتها، وهما كانا تابعين للنخالة ونائبه أكرم العجوري اللذين يعيشان في الخارج، سيساعد على ضمان الهدوء لفترة أخرى. وسيجد الجهاد صعوبة في الشرع بحركة هجومية أخرى بدون حماس، بعد أن اتضحت قدرتها المحدودة نسبيا. حسب وصفها
وتابعت: "بحسب هذا التوجه، تفضل حماس حاليا تعزيز المزيد من الإجراءات الاقتصادية لتهدئة الأوضاع في قطاع غزة، ولا تبحث حاليا عن مواجهة عنيفة".
ومن جانبه، قال مصدر أمني إسرائيلي لـ "هآرتس": إن حماس صاحبة السيادة والمسؤولية على القطاع، وكان هناك يتردد سؤال حول التعامل مع مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار، وتبنى المستوى السياسي توصية الجيش الإسرائيلي بإزالة جميع القيود المفروضة على قطاع غزة فورا في ظل اشتداد حدة للشهد، والسماح بعبور البضائع ودخول العمال وغيره.
ويشير هرئيل إلى مقال نشره الضابط السابق في "أمان/ الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مايكل ميلستين، الذي قال إن العملية الأخيرة كشفت فجوة استراتيجية حادة تتعلق بالسياسة الإسرائيلية في غزة، وبحسبه فإن الإغاثة الاقتصادية ودخول العمال استند إلى 3 افتراضات أساسية، بأن حماس هي صاحبة السيادة، وأن تحسين الوضع المدني سيقلل من خطر التصعيد مع حماس التي تخشى خسارة ما اكتسبته بالفعل، وأن أي خرق أمني خطير سيقابل برد قوي والذي سيكون موجها أولا وقبل كل شيء إلى الحركة التي تسيطر على القطاع.
ویری میلستين، أن من الناحية العملية كان سلوك إسرائيل خلال الجولة الأخيرة مخالفا للاستراتيجية التي حددتها وتركت حماس في موقع المراقب، رغم أن الحركة لم تلتزم بتعهداتها بموجب وقف إطلاق النار في نهاية عملية "حارس الأسوار سيف القدس"، لمنع أي هجمات غزة، وهي لم تتدخل لمنع الجهاد من العمل وكان على إسرائيل التدخل لإيقافها.
وعلى عكس كبار للمسؤولين في الجيش الإسرائيلي - كما ينقل هرئيل - يعتقد مايكل ميلستين أن سياسة حماس لم تكن نتيجة إكراه، بل هي خيار، وفي رأيه، قدرت الحركة أن إسرائيل لن تضر بها، وأنها ستعيد التنازلات إليها فور انتهاء الجولة. كما أن الحركة تحاول أن تبقي العملية مفتوحة بأنها غير مسؤولة عن كل ما يحدث من القطاع، بينما لا يشعر الجهاد والفصائل الصغيرة أن الحركة تضع أي خطوط حمراء ومنها منع أي عمل ضد إسرائيل.
ويرى هرئيل، أن حماس أيضا تحاول أن تكون المستفيد الأكبر من الجولة الأخيرة في غزة، من خلال تعزيز موقفها على حساب السلطة الفلسطينية وليس فقط الجهاد الإسلامي، مشيرا إلى أن السلطة تتضاءل سيطرتها على الضفة الغربية وتسعى حماس لاستغلال ذلك، في ظل وجود خلايا مسلحة في بعض الناطق مثل نابلس وجنين.
ويشير إلى أن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تعترف أن الوضع في الضفة غير مشجع ومقلق، لكن هناك من يدعي أن منحدر التيار الضعيف للسلطة الفلسطينية ليس حادا، وأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترى بأنه يمكن تعويض ذلك من خلال اللفتات الاقتصادية والمدنية، على أمل تعزيز موقعها قليلا في الضفة الغربية.
وبحسب هرئيل، فإن هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي تأمل في أن تكون النجاحات التي تحققت في غزة ضد الجهاد الإسلامي لديها صدى أيضا لدى حزب الله وحركة حماس أيضا لاكتشاف البادرة الهجومية الإسرائيلية واتخاذ خطوات غير متوقعة مثل الضربة الاستباقية المفاجئة في بداية الجولة، والاستخبارات العملياتية الدقيقة والقدرة على تنفيذ ضربات جراحية، وتحسين الدفاع الصاروخي، وكل ذلك سيساعد في الردع الإسرائيلي ومنع تصعيد من جبهات أخرى.
المصدر : الوطنية