أعربت أوساط إسرائيلية عن استيائها من غياب "قوة الدرع" الإسرائيلية في ظل حالة التوتر التي تشهدها مستوطنات غلاف غزة منذ ثلاثة أيام.
وما زالت قوات الاحتلال في حالة استنفار أمنية قصوى تحسبا لرد قد تبادر إليه حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة انتقاما لاعتقال قائدها في الضفة الغربية الشيخ بسام السعدي من مخيم جنين، ما يعتبر سببا كافيا لإلحاق أضرار جسيمة بحياة المستوطنين في غلاف غزة، حيث أغلق الجيش الطرق، وأوقف خطوط القطارات، وأغلق عدة بلدات، وكل هذا قبل إطلاق رصاصة واحدة بعد، ما يعتبر إنجازا واعيا للحركة.
تتعارض هذه المخاوف الإسرائيلية مع المزاعم التي سبق أن روجها الجيش منذ انتهاء حرب غزة الأخيرة 2021، حين ادعى أن السبب الرئيسي للهدوء السائد في قطاع غزة هو الردع الذي تحقق ضد حركتي حماس والجهاد الإسلامي، ورغم وجود تباينات بين المستويين الأمني والعسكري حول السبب الحقيقي لهذا الهدوء النسبي، فإن هيئة الأركان العامة للجيش تواصل إصرارها على أن ذلك يرجع في المقام الأول للضربة التي تلقتها الحركتان في الحرب، لكن أحداث الأيام الأخيرة أثبتت عدم دقة هذه المعلومات.
يوسي يهوشاع الخبير العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن "حالة الاستنفار الأمني الكبير من قبل الجيش حول غزة يجب أن تثير الاستياء، لأن الضغط الممارس على المستوطنين في غلاف غزة كبير جدا، في ضوء المخاوف من ردّ تحضر له الجهاد الإسلامي، عقب ما وصفه بـ"المهرجان" الذي أقامه الجيش لاعتقال السعدي، دون داعٍ لذلك، فقد تم تضخيم العملية من قبل الجيش، مع أن الوحدات السرية نفذت عمليات أكثر تعقيدًا وخطورة دون احتفالات مبالغ فيها".
وأضاف " أن "المعلومات المتوفرة لدى الجيش تفيد بأن الجهاد الإسلامي نشرت فرقا لإطلاق صواريخ مضادة للدبابات لاستهداف المركبات المدنية والعسكرية، وحتى السكك الحديدية على حدود غزة، فتم اتخاذ القرار بإغلاق الطرق المرورية، ووقف حركة القطارات بين سديروت وعسقلان، وفرض نوع من الحصار على المستوطنات، بزعم أن "الحياة تأتي قبل نوعية الحياة"، وهو قرار اتخذه أليعازر توليدانو بدعم من رئيس الأركان أفيف كوخافي، وقد يستمر لفترة قصيرة وفورية".
صحيح أن الوضع الأمني على حدود غزة بات مقلقا لجيش الاحتلال، لكن مخاوفه تتجاوز لما هو أبعد من هذا التوتر الآني المؤقت، لأن هذا الاستنفار قد تكون له أبعاد على المستوى الاستراتيجي، خاصة أن الجيش يتحسب لتنفيذ تهديدات حزب الله الذي يدير الجيش معه معركة أدمغة حول منصة الغاز، ما يعيد إلى الأذهان ما حصل قبل عامين، وبسبب الخوف من انتقام الحزب لمقتل أحد عناصره في سوريا، حيث اتخذ جيش الاحتلال إجراءات بعيدة المدى على الحدود الشمالية، حتى إن الآليات العسكرية لم تتحرك على السياج الحدودي، ولم يتحرك الجنود بالزي العسكري، حتى لا يكونوا أهدافا للحزب.
اليوم، يعتبر الإسرائيليون أن الوضع على حدود غزة لا يطاق، لأن الخوف الإسرائيلي من الجهاد الإسلامي بهذه الطريقة، وهي منظمة تحوز أربعة آلاف صاروخ، وليس 150 ألفا مثل حزب الله، ومع ذلك، فإنها سجلت، بنظر الإسرائيليين، إنجازا مدهشا في معركة الوعي في الجبهة الجنوبية، دون إطلاق رصاصة واحدة، لكن ذلك قد يستفز الاحتلال أكثر، ويبادر إلى استهداف الخلايا الميدانية للمقاومة في غزة، وعدم انتظار تنفيذها للهجمات المتوقعة.
وقد كشفت أوساط عسكرية إسرائيلية أن سلاح الجو كثّف نشاطه في أجواء قطاع غزة، على خلفية تحذير ملموس في المستقبل القريب، ووصل رئيس الأركان إلى فرقة غزة لصالح المصادقة على تنفيذ خطط هجومية، وسط احتمال وقوع معركة في الجنوب، فيما حذر رؤساء المجالس الاستيطانية من انفجار الوضع فيها بسبب استمرار ما وصفوه بـ"الحصار" المفروض عليهم بسبب التخوف من استهدافهم.
ضباط الأمن في مستوطنات غلاف غزة أكدوا أنهم يعيشون أوضاعا معقدة، لم يواجهوها من قبل، لأنهم في حالة تأهب قصوى، ويعملون في حالة الطوارئ، وبالتالي فهو وضع، على حد وصفهم، متوتر ومزعج، حيث قرر الجيش تعزيز قواته بصورة محدودة، من خلال استدعاء 100 جندي احتياطي، إضافة إلى التجنيد الفوري لعدد من العسكريين المحيطين بقطاع غزة.
المصدر : الوطنية