أيام قليلة وتنطلق أيام العشر من ذي الحجة، أفضل أيام السنة، لها فضل وثواب كبير من الله سبحانه وتعالى، فيحرص الحاج وغير الحاج، على اغتنام هذه الأيام في التقرب إلى الله سبحانه وتعالى.

متى يصادف 10 ذو الحجة 2021 :-

سيبدأ صيام العشرة من ذي الحجة يوم الأحد الموافق 11/7/2021 ، والذي يستمر حتى وقفة عرفة 19/7/2021، على أن يكون أول أيام عيد الأضحى 20/7/2021 .

كيف نستقبل أيام العشر من ذي الحجة ؟ :-

1- التوبة الصادقة :
فعلى المسلم أن يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة والعزم الأكيد على الرجوع إلى الله، ففي التوبة فلاح للعبد في الدنيا والآخرة، يقول تعالى: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون( [النور:31].
2- العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام :
فينبغي على المسلم أن يحرص حرصاً شديداً على عمارة هذه الأيام بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله، قال تعالى:( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) العنكبوت
3- البعد عن المعاصي:
فكما أن الطاعات أسباب للقرب من الله تعالى، فالمعاصي أسباب للبعد عن الله والطرد من رحمته، وقد يحرم الإنسان رحمة الله بسبب ذنب يرتكبه÷ فإن كنت تطمع في مغفرة الذنوب والعتق من النار فأحذر الوقوع في المعاصي في هذه الأيام وفي غيرها؟ ومن عرف ما يطلب هان عليه كل ما يبذل.
فاحرص أخي المسلم على اغتنام هذه الأيام، وأحسن استقبالها قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

فضل العمل الصالح في عشر ذي الحجة :-

 هذه الأيام -الأيام العشر من ذي الحجة- هي من أفضل الأيام عند الله تبارك وتعالى كما روى الشيخان عن ابن عباس، الحديث الذي ذكرته هذا: «ما من أيام أحب إلى الله تعالى العمل الصالح فيهن من هذه الأيام»، يعني: الأيام العشر، لماذا فضلها الله تبارك وتعالى؟

أولا: التفضيل والتخصيص والاجتباء شأن إلهي، من شأنه سبحانه وتعالى أن يفضل بعض الأيام على بعض، وبعض الشهور على بعض، وبعض الساعات في الليل والنهار على بعض، كما يفضل بعض الأماكن على بعض.

لماذا فضل المسجد الحرام على المساجد الأخرى؟ وفضل المساجد الثلاثة -المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى- على سائر المساجد في العالم، ولا تشد الرحال إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، وجعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما عداه من المساجد إلا في المسجد النبوي والصلاة فيه بألف صلاة، والمسجد الأقصى والصلاة فيه بخمسمائة صلاة؟ لماذا فضل مكة والمدينة على سائر البقاع؟ هذا من تفضيل الأماكن.

وهناك تفضيل الأشخاص، لماذا فضل النبيين على سائر البشر، وفضل النبيين بعضهم على بعض: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} (البقرة: من الآية 253)، الله من شأنه أن يفضل ويختار ويختص كما قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (القصص:68) ، فهو يختار من الأشخاص، ويختار من الأماكن، ويختار من الأيام ما شاء عز وجل لأسرار يعلمها هو سبحانه وتعالى، أحيانا يبين لنا سر هذا الاختيار، لماذا فضل شهر رمضان على غيره؟ قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} (البقرة: من الآية 185)، لماذا فضل ليلة القدر على غيرها؟ قال: لأنه أنزل فيها القرآن، وقال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (القدر:1).

ثانيًا: لأن هذه الأيام من ذي الحجة، وهو شهر فضله الله تعالى لأمرين: لأن شهر ذي الحجة هو من الأشهر الحُرُم، والأشهر الحُرُم مفضلة عند الله سبحانه وتعالى على سائر الأشهر، كما قال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ } (التوبة: من الآية 36)، وهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، فهذه الأشهر الحُرُم مفضلة عند الله، قال سبحانه وتعالى: {ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} (التوبة: من الآية 36)، وظلم النفس محرم في سائر الشهور، ولكن في هذه الأشهر أشد حرمة، فالأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة مفضلة؛ لأنها من الشهر الحرام شهر ذي الحجة .

ثالثًا: ولأن شهر ذي الحجة بالذات اجتمع فيه أمران: أنه من أشهر الحج، ومن الأشهر الحُرُم، يقول الله سبحانه وتعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} (البقرة: من الآية 197)؛ وهي: شوال وذو القعدة وذو الحجة. شوال من أشهر الحج وليس من الأشهر الحُرُم، ولكن ذو الحجة اجتمع فيه الأمران هو وذو القعدة، فهما من الأشهر الحُرُم وأشهر الحج.

رابعًا: لأن هذه الأيام يقع فيها كثير من أعمال الحج، يوم التروية في الثامن من ذي الحجة، ويوم عرفة في التاسع من ذي الحجة، ويوم الحج الأكبر وهو اليوم العاشر يوم العيد، يوم النحر، هو يوم العاشر من ذي الحجة، وأفضل أيام السنة في هذه العشر، وهو يوم عرفة، فليلة القدر هي أفضل ليالي السنة على الإطلاق، ويوم عرفة هو أفضل أيام السنة على الإطلاق، كما أن ليالي العشر من رمضان أفضل الليالي، فأيام العشر من ذي الحجة فيها أفضل الأيام، فهذه بعض فضائل هذه الأيام العظيمة التي صح في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التنويه بها، والحث على طاعة الله فيها، فيستحب فيها الصيام والصدقة والذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير.

أعمال العشر من ذي الحجة :-

1- أداء مناسك الحج والعمرة.
وهما افضل ما يعمل في عشر ذي الحجة، ومن يسر الله له حج بيته أو أداء العمرة على الوجه المطلوب فجزاؤه الجنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة) [متفق عليه].
والحج المبرور هو الحج الموافق لهدي النبي صلى الله عليه وسلم، الذي لم يخالطه إثم من رياء أو سمعة أو رفث أو فسوق، المحفوف بالصالحات والخيرات.
2- الصيام :
وهو يدخل في جنس الأعمال الصالحة، بل هو من أفضلها، وقد أضافه الله إلى نفسه لعظم شأنه وعلو قدره، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه].
وقد خص النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عرفة من بين أيام عشر ذي الحجة بمزيد عناية، وبين فضل صيامه فقال: (صيام يوم عرفة احتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده) [رواه مسلم].
وعليه فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح فيها. وقد ذهب إلى استحباب صيام العشر الإمام النووي وقال: صيامها مستحب استحباباً شديداً.
3- الصلاة :
وهي من أجل الأعمال وأعظمها وأكثرها فضلاً، ولهذا يجب على المسلم المحافظة عليها في أوقاتها مع الجماعة، وعليه أن يكثر من النوافل في هذه الأيام، فإنها من أفضل القربات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: (وما يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه) [رواه البخاري].
4- التكبير والتحميد والتهليل والذكر:
فعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) [رواه أحمد]. وقال البخاري ك كان ابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهما يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرها. وقال: وكان عمر يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون، ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً. وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه، وفي فسطاطه ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعاً.
ويستحب للمسلم أن يجهر بالتكبير في هذه الأيام ويرفع صوته به، وعليه أن يحذر من التكبير الجماعي حيث لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من السلف، والسنة أن يكبر كل واحد بمفرده.
5- الصدقة :
وهي من جملة الأعمال الصالحة التي يستحب للمسلم الإكثار منها في هذه الأيام، وقد حث الله عليها فقال: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون) [البقرة:254]، وقال صلى الله عليه وسلم (ما نقصت صدقة من مال) [رواه مسلم].

وهناك أعمال أخرى يستحب الإكثار منها في هذه الأيام بالإضافة إلى ما ذكر، نذكر منها على وجه التذكير ما يلي:
قراءة القرآن وتعلمه ـ والاستغفار ـ وبر الوالدين ـ وصلة الأرحام والأقارب ـ وإفشاء السلام وإطعام الطعام ـ والإصلاح بين الناس ـ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وحفظ اللسان والفرج ـ والإحسان إلى الجيران ـ وإكرام الضيف ـ والإنفاق في سبيل الله ـ وإماطة الأذى عن الطريق ـ والنفقة على الزوجة والعيال ـ وكفالة الأيتام ـ وزيارة المرضى ـ وقضاء حوائج الإخوان ـ والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ـ وعدم إيذاء المسلمين ـ والرفق بالرعية ـ وصلة أصدقاء الوالدين ـ والدعاء للإخوان بظهر الغيب ـ وأداء الأمانات والوفاء بالعهد ـ والبر بالخالة والخالـ وإغاثة الملهوف ـ وغض البصر عن محارم الله ـ وإسباغ الوضوء ـ والدعاء بين الآذان والإقامة ـ وقراءة سورة الكهف يوم الجمعة ـ والذهاب إلى المساجد والمحافظة على صلاة الجماعة ـ والمحافظة على السنن الراتبة ـ والحرص على صلاة العيد في المصلى ـ وذكر الله عقب الصلوات ـ والحرص على الكسب الحلال ـ وإدخال السرور على المسلمين ـ والشفقة بالضعفاء ـ واصطناع المعروف والدلالة على الخير ـ وسلامة الصدر وترك الشحناء ـ وتعليم الأولاد والبنات ـ والتعاون مع المسلمين فيما فيه خير.

المصدر : الوطنية