كشف نائب رئيس حركة "حماس" في الخارج موسى أبو مرزوق، اليوم السبت، أسباب تأجيل لقاء الفصائل الفلسطينية والحوار الأخير في القاهرة.
وأكد أبو مرزوق، في حوار مع صحيفة " القدس" أن الدعوة المصرية لرئاسة حركة حماس، "لم تكن للحوار ولا حتى للقاء الفصائل في القاهرة".
وبين أن حركته "ترفض الموافقة على حكومة وحدة وطنية حتى لو كانت حمساوية، ولا مجلس تشريعي دون انتخابات"، منوهًا إلى أن هناك 7 قضايا لترتيب البيت الفلسطيني بحاجة لتوافق وطني، وهي: "رئاسة المنظمة واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، والمجلس الوطني الفلسطيني ورئاسة السلطة ورئاسة المجلس التشريعي والحكومة".
س: لماذا تم تأجيل لقاء الفصائل الأخير في القاهرة؟ وما حقيقة ما تم بينكم وبين وفد حركة فتح على مدار يومين برعاية مصرية؟
ج: باختصار شديد نحن حضرنا الى القاهرة بدعوة رسمية مصرية بعد يوم واحد من انتهاء الحرب، والدعوة كانت من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال. فالدعوة لرئاسة الحركة لم تكن للحوار أصلاً، ورئيس الحركة لم يشارك يوماً في جلسات الحوار.
فحضورنا للقاهرة ليس للحوار ولا للقاء الفصائل في مصر. ولاحقاً تم تبليغنا بقرب وصول وفد مكون من نائب رئيس حركة فتح محمود العالول وعضوية عزام الأحمد وغيرهما، وبعدها وفي اليوم الثاني فوجئنا بوجود وفد آخر بقيادة الأخ جبريل الرجوب وعضوية روحي فتوح وأحمد حلس للحوار.
ودون استشارتنا تم توجيه دعوة للفصائل الفلسطينية للاجتماع ونحن في مصر، وأبلغونا، فكان ردنا أننا لا نضع أي اعتراض على حوار فلسطيني- فلسطيني، وأبلغنا الأشقاء المصريين أننا مستعدون، وأبلغناهم أننا سنشكل وفداً من ثلاثة أشخاص للحوار وباقي الوفد الموجود سيعود للدوحة.
وعندما عرض علينا الحوار واللقاء مع الفصائل تمنينا على الإخوة المصريين أن لا يستثنوا أحداً من الفصائل، خاصة تلك الفصائل التي شاركت في الحرب الأخيرة، فصائل قوية تعداد عناصرها المسلحة يعادل ثلاثة أضعاف تلك الفصائل التي على الأجندة، ولديها ٤ إلى ٥ آلاف مقاتل شاركوا في الحرب مشاركة فعالة، فلم تحرم من المشاركة في حوار الفصائل وهم (لجان المقاومة الشعبية وحركة المجاهدين وغيرهم قد سبق دعوتهم من قبل المصريين عدة مرات)، فيما يدعى عناصر وفصائل فشلوا في تشكيل قائمة ضمن الاستعدادات للانتخابات، وفشلوا في الاتحاد معاً لتشكيل قائمة؟ وبعضهم طالب بوضعه على قوائم حركة فتح، فوافقت الأخيرة على أن يضافوا بعد الـ١٠٠ في القائمة، يعني استحالة النجاح ووافقوا.
وفي اليوم التالي أصدر أبو مازن قراراً يطالب الوفد والفصائل بعدم التوجه للقاهرة، الفصائل والحركات التي طالما دعتهم القيادة المصرية رفض أبو مازن توجيه الدعوة لهم للمشاركة في اللقاء الخاص بالفصائل، لا أعلم لماذا؟ لا يريد أبو مازن من يقاتل ويقاوم في قطاع غزة الى جانب حركة حماس. يحاربون حماس مع انها خرجت في الحرب الأخيرة منتصرة وأهدت النصر لشعبها وللمقاومة، وقالت المقاومة هي التي انتصرت ولم تنسب النصر لنفسها، والمقاومة انتصرت للقدس والمقدسات والأقصى.
س: تزامن وجودكم في القاهرة لبحث قضية إعمار قطاع غزة مع وجود وفد من قيادة القسام بقيادة مروان عيسى للبحث في التثبيت ووقف إطلاق النار والبحث في صفقة تبادل أسرى، ماذا تمخض عن هذه الاجتماعات مع المصريين؟
ج: ليست لدينا مشكلة في إبرام صفقة تبادل أسرى منذ سنوات، ولكن الطرف الإسرائيلي هو الذي لديه مشاكل، وفي هذا الملف لا يمكن تقديم أحد على الطرف المصري، وكنا نريد إجابات من الطرف الآخر بخصوصها.
أما الطرف الآخر، فلا نعلم اليوم هل هو لا يريد صفقة أم لا يستطيع، كون الحكومة الإسرائيلية الجديدة هشة وتضم من اليمين الصهيوني والفاشي وتوليفتها غير مستقرة في اعتقادي وغير قوية لتمرير صفقة بمواصفات ومتطلبات المقاومة.
والواضح أن الوضع السياسي في إسرائيل لا يسمح لحكومة بهذا الشكل من إتمام صفقة مع المقاومة، وصفقة النصر لا بد ان تتم وفق محددات رسمتها المقاومة منذ سنوات.
وغير صحيح، لم يتم تبادل قوائم أسماء او تسليم أسماء للمصرين ومنهم للإسرائيليين هذا كلام غير دقيق.
صحيح اجتمعنا بقيادة رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية (أبو العبد) ومع الأخت فدوى البرغوثي عقيلة القيادي الفتحاوي الأسير مروان البرغوثي، وكذلك اتصلت رنا الشوبكي كريمة القيادي فؤاد الشوبكي، والعديد من قادة الفصائل وزوجات الأسرى يتصلون ونحن على تواصل مع الجميع من فتح والشعبية والديمقراطية وغيرهم، وذلك بعد ما كشفه برنامج الجزيرة “ما خفي أعظم” وظهور صوت أحد الجنود الأسرى، الامر الذي حرك المياه الراكدة.
كل هذا الحراك، في وضع داخلي إسرائيلي لا يسمح في هذه المرحلة، كما أن الذي يدير ملف الأسرى في الجانب الإسرائيلي يعمل ضد الملف ويتسم بالتصلب والصعوبة في التعامل معه.
س: ماذا عن تثبيت وقف إطلاق النار والتهدئة؟
ج: كما أعلن أبو عبيدة، فإن الاعتداءات الإسرائيلية في حي الشيخ جراح وسلوان وعمليات اقتلاع المقدسيين من منازلهم أو مواصلة الاقتحامات والمس بالمقدسات، خاصة المسجد الأقصى المبارك، ستقلب الطاولة، وإن كانوا يريدون تهدئة فعليهم إعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة وإقامة الدولة وإعادة القدس لأهلها وتركنا بحريتنا، أما إذا أصروا على مواصلة الاحتلال فهذا مرفوض، شعبنا لن يبقى إلى الأبد تحت الاحتلال الإسرائيلي.
س: صرح جبريل الرجوب بعد الاجتماعات الثنائية معكم والثلاثية بحضور المصريين أنكم اتفقتم على خريطة طريق للإعمار؟
ج: سياساتنا فيما يتعلق بالإعمار واضحة ومعلنة، ولا يوجد أي اتفاق بعد يتعلق بإعمار غزة مع الاخوة في فتح.
س: هل تم تحديد موعد لاستئناف الحوار الثنائي مع حركة فتح بعد تشاور الوفد مع الرئيس أبو مازن؟ وهل من اتفاق على موعد لدعوة الفصائل؟
ج: نحن على استعداد للعودة والحوار في أي وقت إذا توفرت الرؤية والتوجهات والمقترحات، جاهزون في أي وقت، ولكن كيف نتفق على موعد محدد لاستئناف الحوار الثنائي وللفصائل، في ظل تغييب إعلاء المصلحة الوطنية لدى بعض الأشقاء؟
س: بحثتم مع جبريل الرجوب قضية الاعتقالات التي تنفذها السلطة في الضفة الغربية ضد عناصر وكوادر حماس، خاصة بعد الحرب الأخيرة على غزة؟
ج: هناك ثلاثة أطراف في الضفة الغربية: قوات الاحتلال وأجهزة أمن السلطة وهناك فصائل المقاومة الفلسطينية، نحن نعتقد أنه خلال الحرب الأخيرة تشكلت علاقة مهمة نرغب في استمرارها، لأنها ألغت التناقضات التي كانت سائدة سابقاً، وهذا التلاحم بين الطرفين ضد الاحتلال يؤدي الى كنس وطرد الاحتلال والاستيطان من الضفة والقدس المحتلة.
أما أن نرى أن الذين وقفوا وقفة عز في معركة القدس والشيخ جراح يُستدعون للتحقيق ويعتقلون، نقول بوضوح هذه معادلة غير سليمة، والحركة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الظاهرة، ونرجو منهم ان يتعظوا ويتراجعوا عن هذه الممارسات التي ترتكب تحت أي مبرر كان.
س: عقدتم اجتماعين مع وفد حركة فتح بقيادة جبريل الرجوب ما هي القضايا التي قمتم ببحثها؟
ج: النتيجة النهائية أن الوفد بقيادة جبريل رجوب سيعود إلى رام الله للتشاور مع الرئيس محمود عباس (أبو مازن) حول مستقبل الحوار، ونحن من جانبنا قدمنا رؤيتنا حول قضيتين، الأولى ترتيب البيت الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية وفي السلطة الفلسطينية، وكانت كل نقاشاتنا في السابق تدور حول السلطة ثم المنظمة، وقلنا إن الانتخابات ستكون الحكم وستحدد من الفائز، وعندما جاء استحقاق الانتخابات تم إلغاؤها، أما اليوم فقلنا لهم دعونا نتوافق على المنظمة ونبدأ بكل مؤسسات المنظمة، من الرئاسة الى اللجنة التنفيذية الى المجلس المركزي الى المجلس الوطني نتوافق عليها “توافق وطني ” لتصبح القاعدة والممثل الرسمي لكل الشعب الفلسطيني. وبعد ذلك هناك ثلاث قضايا، وهي: رئاسة السلطة الفلسطينية والمجلس التشريعي والحكومة.
س: ماذا عن طرح حكومة وحدة وطنية؟
ج: نحن لن نوافق على حكومة حتى لو كانت حمساوية، ولا مجلس تشريعي دون انتخابات، ولن نوافق على سرقة قرار الشعب الفلسطيني، ولا نريد تكريس دكتاتوريات جديدة، نحن نريد مجلساً تشريعياً منتخباً يحاسب حكومة قادرة على تلبية طموحات واهداف شعبنا والنهوض به وخدمة مصالحه.
هذه القضايا السبع لترتيب البيت الفلسطيني بحاجة لتوافق وطني، رئاسة المنظمة واللجنة التنفيذية والمجلس المركزي، والمجلس الوطني الفلسطيني ورئاسة السلطة ورئاسة المجلس التشريعي والحكومة.
نحن مع إجراء الانتخابات في أي وقت وفوراً، وكان موعدها قبل انتصار القدس وتم تأجيلها، نحن طالبنا ونطالب بعقد الانتخابات فوراً لإنهاء هذه المراوغة وهذا التسويف.
س: ماذا الحديث عن حكومة وحدة وطنية أو تكنوقراط تشرف على عملية إعمار قطاع غزة في المرحلة المقبلة؟
ج: حكومة دون مجلس تشريعي منتخب لا قيمة لها، توافقنا مع فتح على إجراء الانتخابات وبعدها نشكل حكومة وهم مزقوا هذا التوافق وعليهم تحمل المسؤولية، ولا بد من مخرج لهذا المأزق الذي وضعوا أنفسهم فيه. لا نتطلع لتشكيل حكومة تعيد نفس المخرجات السابقة. أبو مازن ألغى المجلس التشريعي وهو الذي شكل وهو الذي يحاسب حكومة محمد اشتية … هم دخلوا هذا المدخل وعليهم إيجاد حل للمشاكل التي أفرزوها.
س: خلال الحرب الأخيرة وبعدها خرجت تصريحات بأن حركة حماس فرضت نفسها، وأنها ستكون على الطاولة في المرحلة المقبلة، كيف ذلك، خاصة أن حركة حماس مدرجة على قائمة الإرهاب الأمريكية والأوروبية؟
ج: حماس جزء أصيل من الشعب الفلسطيني، وحماس حركة تم تأسيسها لخدمة الشعب الفلسطيني، وليس للكسب ولتحقيق مصالح حزبية، بل وجدت حماس من أجل التضحية ولخدمة قضايا شعبها وتحقيق الحرية والكرامة واستعادة الحقوق والمقدسات وتحرير فلسطين الهدف الأساسي، فنحن خدم لشعبنا، لم تكن تغرينا المناصب والكراسي يوماً.
و “قوائم الإرهاب” التي أدرجت حماس ضمنها من مظاهر الظلم التي نسعى لشطبها والخروج منها، وتمت بتحريض من الاحتلال ومن يساندونه دون ذنب ارتكبته الحركة، فنضالنا وجهادنا مشروع ضد الاحتلال وفق القوانين والأعراف الدولية، ونحن لم نعمل ولم ننفذ أي عمليات خارج حدود وطننا المحتل، باي شكل من الاشكال او ضد اي من الناس.
الاحتلال اغتال عدداً كبيراً من قادتنا ورموزنا خارج فلسطين ولم نرد في الخارج، بل كرسنا الرد في الداخل الفلسطيني، حماس حركة قوية ومتجذرة وتزداد قوتها يوماً بعد يوم، ونحن على قناعة انه في أي انتخابات مستقبلية شعبنا سينتخب حماس، وكلنا ثقة بأبناء شعبنا ونعلم مدى ثقة شعبنا بنا.
وعلى رغم قوة الحركة، فإنها ضد التفرد وترغب في ترتيب البيت الفلسطيني وتريد شراكة حقيقية مع كل القوى الفلسطينية الحية بما فيها حركة فتح، ونرفض تفرد حركة فتح في المنظمة والسلطة والمؤسسات الفلسطينية المختلفة، ونحن نقول يكفي ما مضى ولا بد من وضع نهاية وترتيب البيت الفلسطيني على أسس ومقومات راسخة وقوية لنستعيد دورنا وقوتنا وحقوقنا ومقدساتنا.
س: أنتم مطالبون منذ مدة طويلة بالالتزام ببرنامج منظمة التحرير (المشروع الوطني) وبقرارات الشرعية الدولية لتتمكنوا من الدخول في المنظمة؟
ج: أولاً لا يوجد مشروع وطني فلسطيني، محدد بنقاط ومشروع نضالي متفق عليه فلسطينياً بل هو ما ندعو له، كما أن هناك الكثير من البرامج موجودة على طاولة منظمة التحرير التي همش دورها لصالح السلطة، أما التزامات منظمة التحرير الفلسطينية فنحن نرفضها، وفي مقدمتها الاعتراف بإسرائيل، وغيرها من الالتزامات التي تمس حقوقنا ومستقبل شعبنا ومقدساتنا.
أما مصطلح الشرعية الدولية والمجتمع الدولي، فليس الولايات المتحدة والغرب المجتمع الدولي ولا الشرعية الدولية وهذه مصطلحات مضللة، فأين قرارات الأمم المتحدة ومواثيقها، فالكثير من هذه القرارات تقر بحقوقنا وتعترف بالظلم الذي وقع علينا وعلى شعبنا الفلسطيني، وصدرت قرارات عدة ضد الاحتلال لم ينفذ منها شيء.
أمريكا والغرب ليس الشرعية الدولية، أما إن كان المقصود الأمم المتحدة وميثاقها وقراراتها، فدعونا ننظر كيف سيطبقون هذه القرارات لنعترف بها.
س: هناك من يرى أن أسباب تأجيل الحوار في القاهرة من انعكاسات الحرب الإسرائيلية على غزة وان حركة حماس رفعت السقف؟ ما مدى دقة ذلك؟
ج: هذا مدخل أساسي ورئيسي، فالحرب الأخيرة مع الاحتلال غير مسبوقة في تاريخ الصراع، لأنه اجتمعت فيها كل أشكال المقاومة، وفي كل أرضنا الفلسطينية وتعاطف معها كل أحرار العالم والعرب والمسلمون والمسيحيون، والسؤال لماذا؟ لأنهم شاهدوا الصورة الحقيقية، والرواية الإسرائيلية التي كانت سائدة لعشرات السنين معكوسة في هذه الحرب، وشاهدوا عدد الأطفال الكبير الذين قتلوا والنساء وكبار السن والمدنيين، وان هناك مقاومة محقة ومتمرسة.
شاهدوا القتل والتدمير بكامل تفاصيله دون رقابة وحذف وتزوير عبر القنوات الفضائية وعبر الهواتف المحمولة التي وثقت جرائم قتل الأبرياء وتدمير الاحتلال للبني التحتية لقطاع غزة المحاصر وللأبراج والمدارس والمساجد والمقرات الحكومية وللمؤسسات الإعلامية العربية والدولية، بما فيها الأمريكية، وهو أمر غير مسبوق حيث تصدر المشهد وكل نشرات الأخبار العالمية والعربية والإسلامية.
س: كيف تابعتم الحرب الأخيرة على قطاع غزة؟
ج: كانت هناك غرفة عمليات لمتابعة مجريات العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والقدس والمسجد الأقصى المبارك، ولا أخفي سراً انه لم يبق زعيم في المنطقة والعالم إلا واتصل مع الأخ إسماعيل هنية ، علماً أن قسماً كبيراً منهم لم يكونوا يستجيبون لاتصالاته قبل الحرب، في هذه الحرب أصبحت حماس العنوان، لم يبق إلا دولة خليجية واحدة كان تواصلها واتصالاتها وتضامنها مع إسرائيل، وأعتقد أنها أصبحت معروفة للجميع وتصريحات سفيرها وسعيه لنيل البركة من حاخامات الاحتلال أصبحت مفضوحة.
الكويت وقطر والعراق بكل أطيافها واليمن وتونس والمغرب والجزائر وموريتانيا وباقي العالم الإسلامي، والسؤال الذي يطرح لماذا؟ والإجابة واضحة، حركهم المقدس –المسجد الأقصى المبارك والقدس، الأقصى والقدس بوصلة وهوية الأمة- البوصلة السياسية والدينية القدس وستبقى القدس قضية الفلسطينيين وكل مسلم، وهذه الحرب رسخت هذا المفهوم وأضافت له كل أحرار العالم الذين يرفضون الظلم والعدوان الإسرائيلي.
شاهدنا جميعنا ردة الفعل الغاضبة من الكثير من أحرار العالم الذين خرجوا في العديد من العواصم ضد طرد المقدسيين من منازلهم في الشيخ جراح وسلوان وبطن الهوى وغيرها من انتهاكات المستوطنين والاحتلال… وثق العالم ذلك الفيديو كيف دافعت عائلة الكرد، كالشابة الماجدة منى الكرد التي كانت تصرخ بلغة قوية بوجه المستوطن الذي سرق منزلها: هذا بيتي، وهو يرد لو لم أسرقه أنا لسرقه غيري وأنا أكثر أخلاقا من غيري؟ فنقل لي العديد من المتضامنين والإخوة أن هذا الفيديو كان أكثر الفيديوهات مشاهدة على مستوى العالم، وكانت له ردود فعل قوية نسفت الرواية الإسرائيلية من جذورها.
صورة المدينة المقدسة والظلم الذي يمارس ضد أهلها ومقدساتها كبير وماثل أمام العالم، فالمدينة مقدسة ليست للمسلمين فقط، بل مباركة لجميع العالم، مهد الأنبياء وارض المعجزات والسلام يجري انتهاك كل الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية بكل وقاحة دون أن يوقفهم أحد، فخرجت وعمت المسيرات العالم خلال وبعد الحرب ولا تزال. وكل أحرار العالم وقفوا مع المظلوم، وقيم الوقوف مع المظلوم قيم إسلامية وعالمية في كل الديانات والأعراف، ورفض الظلم والظالمين صفة إنسانية عالمية، فالعدوان الأخير شاهده العالم لحظة بلحظة وشاهد الظلم والعدوان وقتل الأطفال والأبرياء.
هذه الحرب كسرت (الطابو) في مظلمة اليهود وحطمت الرواية الصهيونية التي اشبعوا العالم بها، وكانت الذروة في قصف تل أبيب بالصواريخ والتي غيرت المعادلة بان المس بالمقدس – اقتحامات المسجد الأقصى- يجب ان يتوقف، كذلك اقتلاع المقدسيين من الشيخ جراح وتدمير الأبراج والبنى التحتية يجب أن يتوقف خاصة بعد أن أصبح الكل ينتقد ويهاجم هذا العدوان وتلك السياسات الحمقاء العدوانية.
تلك المعادلة غيرت في التوجه العام للكثير من دول العالم التي صرحت بكل وضوح أنه لا بد من الحوار والتعامل مع حركة حماس، وأنا أقولها بوضوح أن أمريكا ستسعى للحوار مع حركة حماس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهم لهم طرقهم في الحوار مع الحركة.
س: هناك من يشكك ويقلل من قيمة الانتصار وما تحقق في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة؟
ج: صحيح، أعداء الشعب الفلسطيني وثوابت وحقوق شعبنا في القدس وحق العودة وتقرير المصير حاولوا ويحاولون التقليل والتشكيك بما تحقق، ومحوا صورة النصر، وثانياً البعض يحاول إحياء مسار التسوية بطريقة أو بأخرى، ولا يريدون للشعب الفلسطيني وقيادته أن يحصدوا نتائج هذا النصر، بل يريدونها صورة باهتة ويريدون إعادة المشهد السابق، وكلنا نعلم أن اتصالات الرئيس محمود عباس مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن لم تتم بشكل مباشر إلا بعد الحرب على غزة، حتى أن الرئيس الأمريكي اتصل مرتين مع “أبو مازن”، وكان ترتيب القضية الفلسطينية في أولويات الإدارة الأمريكية رقم ٧، فيما اتصل بايدن مع نتنياهو ٦ مرات قبل الحرب الأخيرة وخلالها.
أما مصر فأصبح دورها بعد العدوان الإسرائيلي أساسياً، فحثُّ الإدارة الأمريكية واستنجادها بالرئيس المصري عبد الفتاح السياسي جاءا بفضل الله أولاً ثم صواريخ المقاومة في قطاع غزة، كما أن حركة حماس صرحت بشكل علني ومباشر إن اقتحمتم المسجد الأقصى المبارك فسنضرب مدينة تل أبيب، ونفذت تهديدها، كذلك عندما قالت إن لم يتم وقف تدمير الأبراج في غزة فسنقصف تل أبيب، وقصفتها على رغم كل التهديدات، هذا يدل على امتلاك الحركة القرار وعنفوانه وحريته ومن رأس قيادته.
س: سمعنا تصريحات من قادة أوروبيين يتحدثون عن أن فتح حوار مع حماس أصبح لا بد منه؟ هل هناك اتصالات مع دول أوروبية؟
ج: الواضح أن الأوروبيين لم يخرجوا بعد من تحت الوصاية والعباءة الامريكية، ولكن هناك اتصالات مع دول أوروبية منذ فترة، ولكن بصورة غير مباشرة، وأنا شخصياً لديّ اتصالات مع العديد من الأوروبيين، واتهمتهم بلغة شديدة اللهجة بالنفاق وبالتقصير في الوقوف إلى جانب الحقوق الفلسطينية، خاصة دول الاتحاد الأوروبي، وهناك دول اتصلت وهناك مندوب الأمم المتحدة بذل جهداً جيداً لوقف العدوان والانتهاكات الإسرائيلية.
والاتصالات مع دول في الاتحاد الأوروبي ومن خارجه مستمرة، وروسيا وجهت دعوة لقيادة الحركة من اليوم الأول للحرب، وكثير من الدول التي هي خارج نفوذ الولايات المتحدة اتصلت وعبرت عن تضامنها وتحركت بشكل إيجابي ومباشر.
س: بصراحة في اليوم السابع للحرب كانت هناك تقارير إسرائيلية قالت إن أعضاء في الكونغرس اتصلوا بقيادة حماس؟ ما مدى دقة ذلك؟
ج: لا نريد الخوض في أمور يصر أصحابها على ان تبقى خاصة، فالمجالس أمانات ونحن من مبادئنا المحافظة على الأمانة وعدم الخوض في الخصوصيات.
س: ما هي استراتيجيتكم للمرحلة المقبلة؟
ج: حماس إن سعت من أجل المصالح لن تنسى المبادئ التي قامت عليها، وهمنا في فلسطين لا يلغي حمل هم الأمة التي نحن جزء منها، وإن كانت الأولوية لفلسطين، وفي تعاملنا مع كل قضايا الأمة نحافظ على استقلاليتنا ولا نتدخل في خلافات الدول العربية والإسلامية ولا نقف مع طرف ضد آخر ولا نتدخل في شؤون أي دول او بلد من البلاد، ولا بين الدول ضد أخرى، نحن في صراعنا مع الاحتلال بحاجة لدعم أمتنا العربية والإسلامية بكافة أطيافها، فنحن نحمل مشروع الامة في تحرير فلسطين والقدس وأولى القبلتين المسجد الأقصى المبارك.
ويجب أن يكون واضحاً لشعبنا الفلسطيني أن برنامج التسوية السياسية لن يرى النور ولن يأتي بنتيجة، وكلما مضى فيه وقت انتقص من الحقوق والأراضي الفلسطينية شيء، وعلـى شعبنا أن يستيقظ من هذا الوهم لأن هذا العدو دون المقاومة لن يعطي شيئا، والمقاومة هي الوحيدة القادرة على تحصيل بعض الحق الفلسطيني في الوقت الحاضر فعليكم الثقة بالمقاومة والالتفاف حولها.
س: مصر أدخلت معدات ثقيلة وجرافات، ورصد الرئيس عبد الفتاح السياسي ٥٠٠ مليون دولار لإعمار غزة؟ هل بدأ الاعمار؟
ج: لا شك أن الأمريكان تحركوا مبكراً وتحدثوا عن إعمار ما دمره الاحتلال في قطاع غزة المحاصر، ولم يسبقهم إلا الطرف المصري، وهنا لا بد من التفريق، فالأمريكان تحدثوا عن الإعمار في غزة بخلاف الدوافع المصرية، والحركة أصدرت بياناً رحبت فيه بالتحرك والدور والمساعدة المصرية، والوزير المصري عباس كامل لأول مرة يزور قطاع غزة بعد الحرب مباشرة، وتم استقباله بحفاوة، وتم الترحيب به وبالدور المصري.
أما الولايات المتحدة، فدعت إلى الإعمار، ولكن من خلال السلطة، وقالت: إن السلطة هي العنوان وشجعت الدور المصري، ونحن نُقتل وتقصف أراضينا ومنازلنا ويتم اغتيال أطفالنا ونسائنا وشيوخنا بسلاح أمريكي وموافقة أمريكية، ونحن نعلم أنه لا يمكن لإسرائيل استخدام أي قنبلة أو معدات أمريكية دون موافقة الأمريكان، لذلك كل قنبلة أو صاروخ تم إلقاؤهما على قطاع غزة بتصريح أمريكي وأيدٍ أمريكية وأموال أمريكية، والأدهى أنه قبل نهاية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تعهدت الإدارة الامريكية بمساعدة عسكرية لإسرائيل بأكثر من ٧٠٠ مليون دولار وبتطوير القبة الحديدية، وهذا يدلل على التورط الأمريكي في الحرب علينا وعلى أرضنا وشعبنا، ثم يأتون للحديث عن إعادة الإعمار؟ من يعيد الحياة لأكثر من ٦٠ طفلا ومثلهم من النساء ومثلهم من الشيوخ ومن يعوض الجرحى والثكالى والمعوقين.
هذه ليست الحرب الأولى التي نقتل فيها بالسلاح الأمريكي، بل هي الحرب الرابعة على قطاع غزة، والموقف الأمريكي مخزٍ وغير مقبول. هم يريدون مسح آثار جرائمهم بإعادة الاعمار في غزة وذرّ الرماد في العيون بالحديث عن إعادة فتح مكتب منظمة التحرير وإعادة جزء من المساعدات التي قطعها ترامب، وهذه المعونات والمساعدات لا تعوض دماء أبناء شعبنا وما أصابه من دمار وقتلى وجرحى ومعوقين.
س: الاحتلال يتحدث عن الإعمار بهدف الاستفادة من إدخال المواد الخام وشرائها من إسرائيل؟
ج: هكذا جرت العادة في كل الحروب، مع العلم اننا قلنا سابقاً لا نريد شراء المواد الخام من إسرائيل لإعادة الاعمار ولغير الاعمار ولا نريد لها الاستفادة من الاعمار، واجرينا الاتصالات مع القيادة المصرية، وطالبناها بأن تسمح باستيراد كل مواد إعادة الاعمار من مصر، سواء من المنحة القطرية او من التبرع المصري الكريم.
وطلبنا من مصر أن تسمح لقطر بشراء كل لوازم الإعمار من مصر ومن الصناعات المصرية وسوف تستفيد مصر من ذلك، والمهم إعادة اعمار ما دمره الاحتلال، خاصة البنى التحتية من طرق وشبكات مياه ومجارٍ وكهرباء وغيرها من معدات ومواد خام عبر مصر عبر السلطة أو قطر أو تركيا، المهم والنتيجة أن تدخلنا نحن محدود لأننا تحت الاحتلال والحصار، والأمر ليس بيدنا، والقرار ليس قرارنا، فالمعابر بيد الاحتلال. ومصر دولة مستقلة ويجب ألا تقبل أي إملاءات من قبل الاحتلال، ومصر التي نعرفها لديها كرامة ودور لا تقبل بتلك الشروط والاملاءات الإسرائيلية الوقحة.
س: أين وصلت العلاقات مع السعودية والوساطة العربية للإفراج عن قيادات الحركة في الرياض؟
ج: كل الوساطات لم تجدِ نفعًا، ولا تزال قيادات الحركة قيد الاعتقال وكانت لديهم محاكمات تم تأجيلها بعد معركة القدس، وقد تكون هناك محاكمات الشهر المقبل.
س: جولة عربية لرئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية لدفع وتجنيد الأموال لإعمار غزة، هل يجري التنسيق معكم؟
ج: لا، لم يكن هناك أي تنسيق، وكنا نتمنى أن يترجم التفاعل الذي كان في الضفة الغربية خلال الحرب على غزة بتفاعل وسلوك سياسي وأمني وإداري، ولكن لم يتحقق شيء من هذا، للأسف لم نرَ تفاعلاً ولا سلوكاً.
ولن نقف عائقا امام أي جهد يبذل لإعطاء شعبنا بعضا من حقوقه، فالإعمار من اسمنت وحديد حق من حقوق الشعب الفلسطيني، وهو الأمر البسيط، فمن الذي سيعوض شعبنا عن الدماء والشهداء والجرحى والمعوقين وعن الحالات النفسية التي اصابت الأطفال والكبار؟
س: تحدثت تقارير عن زيارة تاريخية لقيادة حركة حماس خالد مشعل واسماعيل هنية للأردن بدعوة من الملك عبد الله الثاني؟
ج: من المبكر الحديث عن ذلك، وأفضل تأجيله للمرحلة المقبلة، لأن هناك الكثير من الحديث يجب أن يقال بهذا الصدد، فالأردن قطع علاقاته بحركة حماس منذ ١٩٩٩، وفقد الأردن الكثير من الأوراق التي كانت بيدها، ثانياً هناك نزاع على الولاية على الأماكن المقدسة –المسجد الأقصى المبارك- بين عدة أطراف عربية، وأعتقد أن لحركة حماس رأياً يجب على الأردن سماعه، وأعتقد أنه سيكون قريباً.
أما الحديث عن زيارة وعلاقات، فهذه تقارير غير دقيقة، ونحن منذ ١٩٩٩ ممنوعون من زيارة الأردن حتى لو كانت عائلية، ولما توفيت والدة الأخ خالد مشعل لم يسمح له إلا بيوم للمشاركة في الدفن والعزاء، فالحديث عن الأردن والعلاقات مع الأردن مؤجل في هذه المرحلة.
كان هناك رأي أردني لدعوة قيادة الحركة واستعادة العلاقات مع الحركة وبحث إقامة علاقة قيادات الحركة في الاردن من قبل نواب في البرلمان الأردني، نحن حاولنا العمل على استئناف العلاقات، ولكن لم نجد استجابة ولا تجاوباً.
س: قبل جلسة الحوار الأخير قام عضو مركزية فتح وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ بزيارة للدوحة، هل اجتمعتم معه؟ كان هناك حديث عن رسالة حملها لكم، ما مدى دقة ذلك؟
ج: لم نرَ حسين الشيخ في الدوحة، ولم يسلمنا أي رسالة ولم نجتمع معه، الشيخ زار الدوحة، ولكن المفارقة أنه طلب رأي حركة حماس من خلال وزارة الخارجية القطرية، نحن عتبنا على ذلك، نحن موجودون، لماذا لم يأخذ رأينا مباشرة طالما وصل إلى قطر.
المصدر : الوطنية