هل التبرع بالأعضاء بعد الموت حرام أم حلال ؟، وماهو الحكم الشرعي في ذلك، من أكثر الأسئلة التي تصدرت عمليات البحث عبر محركات جوجل خلال الفترة الماضية خصوصاً بعد إعلان المملكة العربية السعودية قانون يسمح بالتبرع بالأعضاء .

الدكتور نصر فريد واصل، مفتى مصر الأسبق عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، قال إن هذا الأمر جائز شرعا بشرط أن يكون ضمن الضوابط الشرعية التى اتفق عليها العلماء، ومنها أن يكون بعد الموت الحقيقى بإقرار الإطباء ذلك، وطبقا لما وصل إليه مجمع البحوث الإسلامية بأن يكون التبرع للأقرباء حتى الدرجة الرابعة حتى لا يتحول إلى بيزنيس.

وأضاف أن هذا الأمر نوقش بين العلماء وتم التوصل إلى أنه يجوز التبرع بالأعضاء وفق الضوابط الشرعية التى حددها العلماء وفقا للشريعة.

فيما أكد الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء، أن بعض العلماء أجازوا التبرع بالأعضاء قبل الموت وبعد الموت، وعلى رأس المجيزين لذلك الإمام الأكبر الراحل الشيخ سيد طنطاوى، بينما خالف البعض ولم يجيز تحسبا لفتح بابا للتجارة بالأعضاء. 

وأضاف أن الشيخ محمد متولى الشعرواى لم يجيز ذلك لأن الأعضاء ملكاً لله ولا يجيز التصرف بها حيا أو أن يوصى بها بعد الموت وهذا ما يميله إليه.

حكم التبرع بالأعضاء بعد الموت للمسلم وغير المسلم :-

يجوز التبرع بالأعضاء بعد الموت، بثلاثة شروط:

1-أن تكون الأعضاء مما لا تأثير لها على الأنساب والموروثات والشخصية العامة، كالخصية والمبيض وخلايا الجهاز العصبي، كما نص على ذلك قرار مجمع الفقه الإسلامي بهذا الخصوص.

2- أن يكون المتبرع كامل الأهلية أي بالغا عاقلا راشدا.

 3- أن يكون المتبرَّع له معصوم الدم، أي مسلم أو كافر مسالم ، وأما الكافر الحربي فلا يجوز التبرع له لأنه مهدر الدم في الشريعة.

والدليل على جواز التبرع للكافر المسالم : أن التبرع من باب الصدقة والإحسان، وذلك جائز على الكافر غير المحارب، وقد روى البخاري (2620) ومسلم (1003) عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُ أُمِّي قَالَ: (نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ).

ورواه البخاري أيضا (3183) بلفظ: " قَالَتْ قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ قُرَيْشٍ إِذْ عَاهَدُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُدَّتِهِمْ ، مَعَ أَبِيهَا ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا قَالَ: (نَعَمْ صِلِيهَا).

قال ابن قدامة رحمه الله : " وكل من حُرِم صدقة الفرض من الأغنياء وقرابة المتصدق والكافر وغيرهم = يجوز دفع صدقة التطوع إليهم , ولهم أخذها , قال الله تعالى : ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ) . ولم يكن الأسير يومئذ إلا كافرا .

وعن أسماء بنت أبي بكر , رضي الله عنهما , قالت :  قدمت على أمي وهي مشركة , فقلت : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي قدمت علي وهي راغبة , أفأصلها ؟ قال : نعم , صلي أمك  .

وكسا عمر أخا له حلة كان النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه إياها ..." . 

وفي رسالة الدكتوراه للباحث د. يوسف بن عبدالله الأحمد بعنوان : "أحكام نقل أعضاء الإنسان في الفقه الإسلامي" ، تعرض الباحث لمسالة : شروط نقل الأعضاء . فقال:

"ما يجوز نقلـه من الأعضاء مما ذكر ، إنما يجوز وفق الشروط العامة التي لابد من اعتبارها في نقل أي عضو من الأعضاء".

وذكر من الشروط:

" 4. ألا يكون النقل بطريق تمتهن فيه كرامة الإنسان ؛ كالبيع ، وإنما تكون بطريق الإذن والتبرع .

5. أن يكون المنقول لـه معصوم الدم ، فهو الذي أوجب الشرع حفظ نفسه ، بخلاف مهدر الدم ؛ كالحربي ".

وعليه :

فإذا كان المسلم في بلد غير محارب للمسلمين : فلا حرج أن يتبرع بأعضائه بعد الوفاة ، بحيث ينتفع بها المسلمون وغيرهم .

وله على ذلك ثواب الإحسان إلى الناس ، سواء كان المتبرع له مسلما أو كافرا مسالما .

وإذا كان في بلد محارب، فليس له أن يتبرع بأعضائه إلا للمسلمين.

المصدر : وكالات