أكد نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبد الكريم "أبو ليلى" أن الجبهة حالياً في المرحلة الأخيرة من عملية اختيار مرشحيها لخوض الانتخابات التشريعية القادمة، إما بقائمة منفردة، أو بتحالف مشترك في حال التوافق مع القوى الديمقراطية.

وأشار عبد الكريم إلى أن الجبهة تخوض حاليًا حوارًا فاعلًا مع القوى الديمقراطية والعديد من الشخصيات، من أجل خوض الانتخابات التشريعية بقائمة مشتركة تعكس برنامجًا مشتركًا.

ورأى أبو ليلى أن هذه الانتخابات تشكل استحقاقاً ديمقراطياً طال إنتظاره، وأنه آن الأوان لأن يستعيد الناخب الفلسطيني حقه في انتخاب ممثليه، وهو الحق الذي صودر منه على امتداد سنوات طويلة، ولذلك نحن نعتقد أن التوافق الذي تم مؤخرًا على إجراء الانتخابات هو إنجاز كبير يجب أن نعمل جميعاً من أجل أن يصل إلى نهايته بتنفيذ الانتخابات بمراحلها الثلاث كما جاءت بالمرسوم الرئاسي.

وأضاف: "نحن نرى أن اعتماد مبدأ التمثيل النسبي الكامل يُمَكِّن من أن تكون المعركة معركة تنافس حر ما بين كل القوى السياسية الفاعلة في مجتمعنا الفلسطيني، بحيث تتمثل جميعاً وفقاً لوزنها بين صفوف الناخبين، وهذا يقلل من السمة التناحرية التي سادت الانتخابات السابقة، ويفتح الطريق لأن تكون هذه العملية الانتخابية مدخلاً لبناء ائتلاف وطني شامل للجميع، من خلال حكومة وحدة وطنية تنهي الانقسام، ومن خلال مشاركة كل القوى الفلسطينية في الهيئات القيادية لمنظمة التحرير".

كما رأى أبو ليلى أنه في ظل الفشل الذي انتهت إليه محاولات إنهاء الانقسام من خلال التوافق الفوقي بين القوى، فإن العملية الانتخابية ربما باتت المدخل الوحيد للخروج من هذا النفق المظلم. لكنه استدرك بأن هذا ليس أمرًا مضموناً، ولكن من المؤكد أنه من دون الانتخابات من الصعب أن نتجاوز وضع الانقسام القائم، لذلك نحن نؤكد أن الانتخابات يمكن ويجب أن تكون مدخلاً لإنهاء الانقسام.

وأكد أبو ليلى على ضرورة أن يكون هنالك قطب ديمقراطي فاعل ينهي الاستقطاب الثنائي الحاد، الذي أفسد الحياة السياسة الفلسطينية، وشكل حاضنة للانقسام، قطب ديمقراطي يدفع باتجاه فرض الائتلاف الوطني الشامل لجميع القوى خياراً وحيداً كمحصلة للعملية الانتخابية، ويشكل بالتالي صمام أمان للوحدة الوطنية.

وأضاف "نحن حالياً نخوض حوارًا مع القوى الديمقراطية والعديد من الشخصيات للوصول إلى صيغة تمكّن من خوض الانتخابات بقائمة موحدة بما يمكنها فعلاً من أن تلعب هذا الدور في المستقبل".

وأوضح في هذا السياق أن الحوار لا زال جارياً، وبرأينا أنه لا بدّ أن يؤدي إلى التوافق على برنامج سياسي موحد يشمل رؤية وطنية لخوض الصراع مع الاحتلال وصولاً إلى الحرية والاستقلال، وحق العودة للاجئين، وهذا يعني التأكيد على حق شعبنا في المقاومة بكل أشكالها وضرورة تنفيذ قرارات المجلس الوطني بشأن التحرر من القيود والالتزامات المجحفة التي فرضها اتفاق أوسلو على شعبنا، وهناك الجانب المتعلق بالدفاع عن الحريات الديمقراطية، واستقلال ونزاهة القضاء واستئصال الفساد، وحرية المرأة ومساواتها التامة مع الرجل، وتمكين الشباب وتعزيز مشاركتهم بالقرار السياسي، والدفاع عن حقوق العمال والكادحين في الأجر اللائق وفرص العمل والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي الشامل.

وكذلك برأينا أنه لا بدّ من الاتفاق على أسس ومعايير وآليات تشكيل القائمة الموحدة، ومن بينها الالتزام بتمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% وكذلك ترشيح الشباب الذي يمثل أولوية للجبهة الديمقراطية. نحن أجرينا استطلاعات أولية داخل صفوف هيئاتنا، واتفقنا على أن يكون هناك وجوه جديدة تمثل الجبهة الديمقراطية في الانتخابات القادمة؛ سواء خضناها منفردين أو في إطار التكتل الديمقراطي، وسيكون من بين هذه الوجوه الجديدة أغلبية من الشباب الذين تقل أعمارهم عن 40 عاماً.

وأوضح أبو ليلى أنه جرى الحوار بشكل أولي بشأن تشكيل قائمة مشتركة مع بعض الفصائل، ولكن لم يتم الاتفاق على شيء بعد، ولم يعرض علينا المشاركة بقائمة مشتركة مع حركة "فتح".

وحول تحضيرات "الديمقراطية" لخوض الانتخابات قال أبو ليلى: "على الصعيد الداخلي، فإن الجبهة في المراحل الأخيرة من اختيار مرشحيها للانتخابات سواء في إطار أي تحالف أو منفردين، وهناك التزام كامل من جانبنا بأن نحترم نسبة تمثيل المرأة بثلث المرشحين الذي نقدمهم على الأقل، وبأن تكون هناك نسبة عالية من الشباب في مقدمة مرشحينا بالمواقع الأولى في القائمة، وأن نعمل، ونحن نعمل أصلاً، من أجل الوصول إلى توافق ما بين القوى الديمقراطية على تشكيل قائمة موحدة، بالإضافة لتنظيم صفوف ناخبينا بما يمكن حشدهم في يوم الاقتراع.

وبشأن ضمانات نجاح العمليات الانتخابية قال أبو ليلى: "نحن في الجبهة الديمقراطية نسعى أولاً إلى ضمان التزام جميع القوى السياسية الفاعلة بالتوافقات التي حطت بالإجماع الوطني وبالعمل المشترك من أجل تفكيك الألغام وتجاوز العقبات التي قد تبرز في الطريق نحو إنجاز العملية الانتخابية بنجاح. ونحن ثانياً نوظف كل ما لدينا من صلات على الصعيد العربي والدولي من أجل حشد التأييد للعملية الانتخابية وحمايتها من محاولات الاحتلال الإسرائيلي لتعطيلها أو محاولات بعض القوى الدولية للتلاعب بنتائجها أو التأثير على هذه النتائج من خلال فرض شروط معينة".

وأضاف " نعتقد أنه آن الأوان للمجتمع الدولي أن يتعامل مع الشعب الفلسطيني باعتباره شعبًا له الحق في أن يختار من يمثلونه، بصرف النظر عن مواقفهم الأيدولوجية أو السياسية، وهذا ما نحاول أن نحشد الدعم الدولي من أجل ضمانه".

وعن موقف الجبهة من انتخابات الرئاسة والمجلس الوطني قال: "نحن في الجبهة الديمقراطية نرى ضرورة الالتزام بالمواعيد المحددة لإجراء الانتخابات الرئاسية وتشكيل المجلس الوطني الجديد، بحيث يضم كل القوى الفاعلة في ساحتنا الفلسطينية وممثلي شعبنا داخل الأرض المحتلة في الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة وممثلي شعبنا في الشتات".

وتابع "والمبدأ الذي تم التوافق عليه أن المجلس الوطني يجب أن يتشكل بالانتخاب حيث ما أمكن إجراء الانتخابات وبالتوافق حيثما تعذرت الانتخابات، أمّا فيما يتعلق بتفاصيل وآليات تنفيذ هذا المبدأ فهو أمر سوف يُبحث خلال جولة الحوار الوطني القادمة في القاهرة".

وحول العقبات المرتقبة وكيفية تجاوزها قال أبو ليلى: "إذا ما تم الاتفاق ما بين كل القوى على خطة لفرض الانتخابات في القدس وإنجاح العملية الانتخابية بشكل عام، فنحن نعتقد أن هذا يمكن أن يشكل ضمانة للنجاح، بصرف النظر عن محاولات التخريب التي يلجأ إليها الاحتلال الإسرائيلي".

وأضاف "أود التأكيد أن العامل الذاتي هو العامل الحاسم في هذا الأمر، وإذا ما تم التزام كل القوى بما جرى التوافق عليه من ضمانات وآليات لإنجاح العملية الانتخابية، فنحن لدينا اعتقاد أن هذا سيمككنا من الوصول إلى خاتمة مظفرة لهذا المسار الديمقراطي، وبكل وضوح، إذا التزمت جميع القوى بالعمل المتشرك وفق ما تم الاتفاق عليه، فإن ذلك يشكل ضمانة نجاح".

أما بشأن الانتخابات في القدس فقال: "الانتخابات في القدس هي عملية اشتباك كفاحي ضد الاحتلال، وعلينا أن نتفق جميعاً على خطة تمكننا من أن نفرض حق مواطنينا بالقدس في ممارسة حقهم الانتخابي تصويتًا وترشيحًا داخل مدينتهم وتجنيد مساعدة القوى والمؤسسات الإقليمية والدولية المستعدة لدعم هذا الحق.

وأضاف مستدركاً إن الاحتلال منذ هذه اللحظة يمارس كل ما يمارسه لتخريب هذه العملية من خلال الاعتقالات أو التهديدات. وهو يمتنع عن الإلتزام بما جاء في الاتفاقات السابقة بشأن القدس، وبالتالي الموقف التخريبية من جانب الاحتلال إزاء العملية الانتخابية نلمسه منذ الآن، ويمكن أن يتصاعد خلال الفترات القادمة.

وحول التوافق الوطني حول إجراءات الانتخابات أكد أبو ليلى وجود توافق فصائلي على منذ الدورة الاخيرة للحوار الوطني في القاهرة الشهر الماضي، ومن بين تلك الأمور ما يتعلق بخفض سن الترشيح لتمكين الشباب، والالتزام بنسبة تمثيل المرأة 30%، وكذلك فيما يتعلق بآليات الاستقالة من الوظيفة العمومية.

ولكن هذه التوافقات قُدمت بصيغة توصيات، ولم يتم الأخذ بها، ونحن لا زلنا إلى جانب اعتماد هذه التوصيات، وكل هذه التعديلات التي اقترحت ما زلنا معها، ولكننا نعتقد أنها لا يجب أن تكون عقبة في طريق إجراء العملية الانتخابية.

ودعا أبو ليلى إلى توفير ضمانات لنتائج الانتخابات مشيراً إلى أن الخطوة الأولى بهذا الاتجاه هي التزام الجميع بوثيقة شرف بقبول نتائج العملية الانتخابية مهما كانت، والخطوة التالية التزام الجميع بأن نعمل سويًا لإحباط أو رفض أية شروط خارجية يمكن تبنيها من قبل القوى الدولية فيما يتعلق بالقوائم التي فازت في الانتخابات، مثل شروط الرباعية الدولية وغيرها، وأن نعمل جميعاً بشكل مشترك من أجل الضغط على الأطراف الخارجية للتراجع عن هذه الشروط، ولقبول نتائج الانتخابات كما يفرزها الناخب الفلسطيني.

ودعا أبو ليلى الفصائل الفلسطينية جميعاً الالتزام بما تم التوافق عليه، وأن يتم العمل على إدارة معركة انتخابية نزيهة وحرة يجري فيها التنافس ما بين البرامج والقوائم بصورة إيجابية وبصورة تحفظ الوحدة الوطنية باعتبارها خيار الجميع.

وتابع "أما المطلوب شعبياً فإننا نوجه النداء إلى الأخوة الناخبين بأن يمارسوا دورهم في التغيير الديمقراطي من خلال الإدلاء بأصواتهم لصالح إنهاء الانقسام والتأسيس للشراكة والوحدة وتكافؤ الفرص بين الجميع".

 

 

 

المصدر : الوطنية